أسواق البورصة في الشرق الأوسط تنهار، فهل هي أزمة مالية آسيوية ثانية؟
أسواق البورصة في الشرق الأوسط تنهار، فهل هي أزمة مالية آسيوية ثانية؟
لم تمر الأسواق المالية الشرق أوسطية, منذ عام 1998 ومنذ وقوع " الأزمة المالية الآسيوية", بأوقات أصعب مما هي عليه الآن. فالوضع حالياً، كما كان عندئذ، فهذه الأسواق المزدهرة تشهد تحولا نحو الانفجار بنسب هبوط ضخمة. ولكن في ذلك الوقت انحدر سعر النفط نحو 10 دولارات للبرميل الواحد، وكان هناك سبب جيد للاكتتاب والحزن.
بلغت أسعار النفط اليوم 70 دولاراً للبرميل، وتمثل الفوائض القياسية المأزق السعيد المتمثل في كيفية التصرف بهذه الأموال الكثيرة جدا. وبناء عليه فلماذا يتوجب على أسواق البورصة أن تنهار؟
وتتزامن كتابة هذا العمود بفقدان سوق دبي المالية ما يصل إلى 61 في المائة من ذروة قيمتها السوقية بالعام الماضي، بينما فقدت سوق البورصة السعودية ما يصل إلى 45 في المائة. وهذا يمثل، حتى بالنسبة إلى الأسواق التي كانت عند أفضل مستوى أداء عالمي بالعام الماضي، هبوطاً شديداًً من القمة.
وعلى المستوى الإنساني، فإن هذا الهبوط ينبثق من عقلية القطيع الجماعية المندفعة نحو البيع. وهناك أيضاً عامل الرافعة. فالاقتراض من جانب المستثمرين على الهامش جعل أسعار الأسهم أعلى، فأعلى، والآن، يثير المتطلب التلقائي لتلبية طلبات الهوامش، بيع الأسهم بأسعار أدنى، فأدنى.
لقد أصبحت دورة الازدهار والانهيار الكلاسيكية لأسواق البورصة الناشئة واضحة وجلية تماماً. وعلى الأرجح فقد كانت الأخبار المتناقلة بتلك الفترة عن ربات البيوت وكونهن يصبحن متداولات نهاريات مع إعطاء سائقي التكسي توصيات جذابة حول الأسهم بمثابة الإنذار الكافي عما سيحدث.
الفقاعة العربية الكبيرة
لقد أبلغنا معلقون اقتصاديون أكثر صراحة ورزانة, الصيف الماضي, مثل شركة نومورا سيكيوريتيز اليابانيه Nomura Securities، بأن "الفقاعة العربية الكبيرة" كانت واضحة، وأشاروا إلى معدلات عالية جداً وقياسية للأسعار مقابل الأرباح في السعودية. فقد كان المؤشر الكلي للأسعار- إلى - نسبة الأرباح في المملكة تصل إلى 40,في تلك الفترة, لتنخفض لقرابة 20 نقطة حاليا، بينما انهارت الذروة في دبي التي بلغت 30 نقطة إلى نحو 12 بالوقت الحالي.
وعليه فهل يعني ذلك أن الأسهم أصبحت بموضع شراء واضحة بوصولها إلى هذه المستويات؟ وبقدر الإغراء الفاتن الذي يبدو، فإن القفز نحو الأسهم في هذه المرحلة يشبه محاولة التقاط السكين أثناء سقوطها (والذي يقال للتعبير عن محاولة شراء سهم في حالة نزول سريع خطر). إن انتظار تشكل قعر للسوق, آمن بكثير من محاولة التكهن الفعلي بموعد حدوثه.
ومن الطبيعي بهذه الأوقات للمستثمرين الأجانب, الذين فشلوا في مواكبة مرحلة طفرة هذه الأسواق, أن يبدأوا في الدخول الاستثماري بها على أمل ارتداد هذه الأسواق بسرعة.
سابقة 1998
استغرق الأمر خمس سنوات لكي تستعيد أسواق الشرق الأوسط عافيتها من الكآبة التي مرت بها عام 1998. إلا أن الأمر قد يكون مختلفاً هذه المرة. فالسيولة التي تكتنفها المنطقة, في الوقت الحالي, مذهلة بحق، وتتباين فوائض الحساب الجاري لمجلس التعاون الخليجي الحالية بشكل ملحوظ مع الولايات المتحدة التي تمتلك عجزيها الشهيرين التوأمين فضلا عن بورصتها التي تجاوزت للسنة السادسة على التوالي فترة ذروتها الغابرة.
ومع هذا فلا يزال بإمكان القوة الحالية لسعر النفط أن تقوض الرخاء والصحة المالية للأمم المستهلكة للبترول مع إحداثها لفترة ركود اقتصادية متزامنة مع أسعار أكثر انخفاضاً للنفط. وسوف يوفر هذا على الأقل بعض المنطق لسلوك أسواق الأسهم في الشرق الأوسط حالياً.
ومن الناحية الأخرى، فيمكن أن يكون الأمر عبارة عن ارتداد منتظر لأسواق الأسهم في المنطقة. وعلى الرغم من معاناة معظم المشترين بالسوق من خسائر فادحة, فمن أين يا ترى ستأتي صفقات الشراء؟ فوجود عدد قليل من المستثمرين الأجانب الشجعان لن يكون كافياً. إن ذلك يعني, إن كانت هذه بالفعل " الأزمة المالية الآسيوية الثانية", أن على الأسواق العالمية أن تتبع التراجع العربي في الوقت القادم المناسب.
رئيس تحرير موقع AME