رالي (الشرقية)

نتفق جميعاً، وإن اختلفت سبل الاتفاق وطرق التعبير عنها، أن الشباب هم الركيزة الأساسية لأي مجتمع ينشد الرقي في جميع أوجه الحياة المختلفة. وطالما هم كذلك، فلا بد أن لهم توجهات ورغبات وهواجس وطاقات إن لم تسخر بشكل سليم وتوجه التوجيه المناسب فقد تنقلب وبالاً على المجتمع بصور تبدأ بالتمرد على الأسرة وتنتهي باحتراف الجريمة.
ولقد كنا، وما زلنا إلى حد ما، نعاني من قلة الأنشطة الشبابية التي ترعاهم وتستوعبهم، وتلتفت لهواياتهم، وكنا نرقب الجار الخليجي وكيف استطاع توفير الحد الأدنى على الأقل من الإمكانيات التي لابد أنها انعكست إيجاباً على السلوك الشبابي العام. بيد أن الوضع تغير نسبياً في السنوات القليلة الماضية. فثمة تحركات لجهات حكومية لخدمة الشباب واستيعابهم علينا دعمها وإبراز أهميتها، ومن بينها رالي حائل الذي ترعاه وتشرف عليه الهيئة العليا للسياحة، حيث شهدت جدة والرياض الجولات التمهيدية الأولية في الأسبوعين الماضيين، بينما سيشهد شاطئ نصف القمر الجولة التمهيدية الثالثة في 29 و30 من كانون الأول (ديسمبر) الجاري، تليها الجولة الختامية في حائل.
كثيرة هي الفوائد المتوخاة من مثل هذه الأنشطة التي تعد جهودا منظمة لامتصاص الطاقات الشبابية الهائلة وبطرق سليمة وتحت رعاية جهات معترف بها فيما يعود على الشباب بالنفع. فعلى سبيل المثال، بدلاً من لجوء الشباب إلى التنفيس عن أنفسهم بطرق الهلاك والموت كممارسة التفحيط في الشوارع وتعريض أنفسهم وأنفس بريئة أخرى غالية علينا جميعاً تحت أي ذريعة من الذرائع، ها قد أتت الفرصة للجميع للانخراط في سباق هو الأول من نوعه في بلدنا. سباق تدعمه هيئات حكومية ويشرف عليه الاتحاد الدولي للسيارات.
لقد هيأت ميادين السباق للجميع، وتم رصد مبالغ ليست باليسيرة لتقديم خدمات لهم. ولقد أحسن المنظمون يوم أن قصروا المشاركة على أبناء هذا البلد فقط، خصوصاً أنها المرة الأولى التي تشهد فيه بلدنا مثل هذا النوع من السباقات. أجزم أن مثل هذه الأنشطة ستعود بالنفع على شباب هذا البلد متى ما خدمت الخدمة المميزة وكان الشباب هم الهدف الأول والأخير في أجندة أعمالها. قد يشكو الشباب من أن المجتمع برمته لا يفهمه، لذا قد يحاول الانسلاخ عن مواقف وثوابت ورغبات ومطالبات هذا المجتمع كوسيلة لتأكيد وإثبات تفرده وتمايزه، وهذا يستلزم معارضة لسلطوية المجتمع والخروج عن المألوف، لأنه يعد أي سلطة فوقية أو أي توجيه إنما هو استخفاف لا يطاق بقدراته العقلية التي أصبحت موازية جوهرياً لقدرات المنظرين لسلوكه، واستهانة بالروح النقدية المتيقظة لديه، والتي تدفعه إلى تمحيص الأمور كافة، وفقا لمقاييس تغيب عنها أسس المنطق، وبالتالي تظهر لديه سلوكيات التمرد والمكابرة والعناد والتعصب والعدوانية، للتراكم ولتخرج علينا بصور نعرف شكلاً منها، ونجهل أشكالاً كثيرة. ولقد اتفق خبراء الاجتماع وعلماء النفس والتربية على أهمية إشراك الشباب في المناقشات العلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاته، وتعويده على طرح مشكلاته، ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة، وكذا إحاطتهم علماً بالأمور المحيطة لهم عن طريق التدريس العلمي الموضوعي، حتى لا يقع فريسة للجهل والضياع أو الإغراء. كما أوصوا بأهمية تشجيع النشاط الترويحي الموجه والاشتراك في مناشط شبابية تديرها وتشرف عليها الهيئات العامة وللأندية الرياضية. وأعتقد أن الفرصة قد حانت لشبابنا.
أرى أن رالي حائل يمثل خطوة في جملة الخطوات الرامية لاستيعاب الشباب وتوجيه طاقاتهم التوجيه السليم. وطالما أن شباب جدة والرياض قد حفلوا بالجولات التأهيلية التمهيدية الأولى لهذا الرالي، فها قد آتت الفرصة لإخوانهم في المنطقة الشرقية ليستفيدوا من الفرصة ذاتها والإمكانيات نفسها في نهاية الأسبوع الحالي.

**كاتب رياضي

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي