الشباب.. هل ينفخون في قربة مشقوقة؟

حضور يزيد على ثلاثة آلاف شاب وشابة، لم تكن أمسية شعرية لأحد الشعراء الفحول، ولم تكن مباراة بين الهلال والنصر، ولم تكن تطعيساً في الثمامة، كان عرساً كبيرا وحدثاً مهما ومفصلياَ لشباب الأعمال، فلأول مرة في المملكة يلتقي شباب الأعمال والمستثمرين الناشئين تحت سقف واحد ليبحثوا بجدية عن ذاتهم ويخترقون عوالمهم ويصنعون مستقبلهم وينقدون أنفسهم ويشتكون ممن انتقص منهم أو تجاهلهم وأنكرهم.
تظاهرة مميزة وحضور متميز من الجنسين جمعت في ثناياها الألم والأمل.. الواقع والحلم.. التجربة والرؤية.. الفرص والتحديات، حفلت برعاية كريمة من سلمان بن عبد العزيز الذي فتح للشباب صدره وقلبه وأعطاهم من وقته، ليثبت للآخرين أن جيل المستقبل مرتبط بحاضره وأن اهتمام القيادة بالشباب أولوية قصوى وليست مكياجاً يضعه المسؤول لينمق صورته أو قناعاً يخلعه عندما ينتهي الغرض منه.
الملتقى الأول لشباب الأعمال.. كان مغامرة محسوبة نظمته لجنة شباب الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، في بداية الأمر كانت التحديات كبيرة لكن ثبت فيما بعد أن العزائم أكبر، فتم الحدث وأقيم الملتقى، كونت اللجنة المنظمة من شباب وشابات الأعمال، وأسندت جميع أعمال الملتقى إلى مؤسسات وشركات يملكها ويديرها الشباب، فتجمع الشباب تحت سقف واحد في قاعة واحدة يناقشون مسائل تهمهم وترتبط بمصيرهم حيث ناقش الشباب على مدار يومين في عشر جلسات مواضيع مهمة تنوعت في كل ما يهم شباب الأعمال حيث ناقش الشباب أساليب تمويل مشاريعهم الناشئة، والعلاقة بين سوق الأسهم والشباب، والرؤية الاستراتيجية للاقتصاد السعودي، والاحتياجات الفعلية لشباب وشابات الأعمال، وكيفية تحويل التحديات إلى فرص، واستعرضوا تجارب ناجحة لشباب الأعمال، وتطرق الملتقى إلى مواضيع الساعة كمنظمة التجارة العالمية والشركات العائلية.
لقد كان سقف الحرية مفتوحا في الملتقى حتى خيل للحضور أن القاعة مفتوحة بلا سقف، وأثبت الشباب أنهم على قدر المسؤولية، ونقدوا أنفسهم واشتكوا ممن أحبطهم وثبطهم، واقترحوا ما يتطلعون إليه وطالبوا بالكثير مما يعتقدون أنه من حقوقهم المهدرة والمفقودة.
ومن أبرز محطات الملتقى إبرازها لأهمية تجمع الشباب والثقة التي طرحت فيهم فقد كانوا على مستوى المسؤولية من حيث التنظيم والطرح والاستضافة والتوصيات، كما أثبت الملتقى أن المسؤولين سيكون حضورهم مؤكداً عند رعاية شخصية كبيرة بوزن سلمان بن عبد العزيز حيث كانوا يتنازعون الأماكن لاستقبال الأمير وغادروا القاعة بمغادرته، وكان الحضور من الشباب مشرفاً ليس من حيث العدد فقط وإنما من حيث الطرح والفكر والمناقشة، كما أثبتت فتيات الأعمال أنهن على مستوى المسؤولية من حيث الحضور والاهتمام والوعي والمشاركة الإيجابية، المحطة اللافتة كانت غياب المسؤولين ذوي العلاقة بشباب الأعمال عن جلسات الملتقى!
كانت توصيات الملتقى بمستوى طموح الشباب وكان أبرزها وأهمها من وجهة نظري توصيتين، التوصية الأولى تركز على مطالبة شباب الأعمال بإنشاء هيئة خاصة تتولى رعاية مصالحهم الاقتصادية وتمثيلهم لدعم مطالبهم وتطوير قدراتهم وصقل مواهبهم والارتقاء بثقافة وأخلاقيات العمل الخاصة بهم، وهذه التوصية فيها الكثير من الحقائق والأسرار، منها شكواهم بأن لا أحد يسمع لهم ويستجيب لمطالبهم، وإقرارهم بالنقص لديهم من حيث القدرة والثقافة البزنسية، واعترافهم بوجود الكثير من الممارسات اللا أخلاقية التجارية لدى شباب الأعمال، وأهم هذه الحقائق إحساس شباب الأعمال بالضياع بين كانا ومانا فيشحذون تكوين جهة مرجعية لهم تقدم لهم الدعم والرعاية والإرشاد تتبنى مصالحهم ومطالبهم أمام الجهات المختلفة.
أما التوصية الثانية فتؤكد مطالب الشباب ورغبتهم بالمشاركة الفعالة في صنع القرارات الاقتصادية، وكأني بالشباب يشيرون إلى عدم رضاهم عن آلية اتخاذ القرارات الاقتصادية لما لهذه القرارات من تأثير مباشر وغير مباشر في الشباب المستثمرين والعاملين، وهذه التوصية تتضمن معارضة صريحة من الشباب على صدور الكثير من القرارات والأنظمة التي تحكمهم وتخصهم وتؤثر في مستقبلهم، والتي يتخذ الكثير منها دون أخذ رأيهم أو الاستنارة بعقولهم.

همسة... هل يجد الشباب آذانا صاغية وقلوبا حانية وعقولا واعية تحتضنهم وتطمئنهم وتأخذ بيدهم؟ أتمنى أن تكون الإجابة فعلاَ لا قولاَ وقراراَ لا استفسارا، وألا تكون آمال الشباب نفخاً في قربة مشقوقة مثلما عبر عنها أحد الحضور.
<p><a href="mailto:[email protected]">falkassim@fincorpgroup.com</a>

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي