كيف نسرّع تعافي سوق الأسهم السعودية؟
<a href="mailto:[email protected]">m@salehjamal.com</a>
بسم الله، لا شك أن المجتمع ككل يمر بأصعب فترات اقتصادية تؤثر على غالبية إن لم يكن كل شرائح المجتمع السعودي، ولا شك أن هذه الفترات مؤلمة جدا على معظم الأسواق التي مرت بمثل هذه التجربة، ولا شك أن الكثير منا يصاب بشلل حتى في التفكير نتيجة هذه الضغوط على السوق ولكن .. لا بد أن ننظر إلى الأمر بواقعية أكثر لنشخّص المشكلة ونتعرف عليها ثم نضع بعضا من الحلول المناسبة.
ومن هنا أناشد الكثير من الكتاب والاقتصاديين والمحللين التفكير في الحلول لا التفكير في المشكلة وهو ما بدء فعلا من بعض كتابنا في "الاقتصادية".
أولا: إن ما حدث ليس بدعا كل أسواق العالم مرت بمثل هذه الأحداث والمنصف والمراجع للتاريخ يعلم أن تلك الأسواق انهارت دون هيئة سوق المال السعودية ودون معالي المحافظ جماز السحيمي وبوجود الهوامير وبوجود صناع سوق، وفي أسواق عريقة ولها خبرات طويلة وهي الأسواق التي توصف بالناضجة، ببساطة كل الأسواق التي تبالغ في قيمة الأصول مقارنة بالعائد تصاب بعمليات تصحيح قوية تسمى الفقاعات الاقتصادية وتحدث بشكل قوي في أسواق الأسهم والأسواق العقارية في شتى بقاع العالم. إذاً اتفقنا أن سبب ما نحن فيه هو المبالغة في الأسعار بغض النظر عن أن طريقة التصحيح وهي في كل أسواق العالم كانت عنيفة نريح أنفسنا من التفكير في أمور خاطئة، الكل كان يطالب بإعادة 10 في المائة، فكانت هناك ثلاثة قرارات قوية إعادة الذبذبة لـ 10 في المائة والأقوى قرار التجزئة ثم إعادة أجزاء الريال، مع كل هذا تراجع السوق والسبب التضخم الذي صنعناه بأنفسنا.
ثانيا: ما أتمنى التفكير فيه كيف تقلص فترات التعافي من هذه الفقاعة فهناك دول تقضي عشر سنوات وأكثر لمعالجة هذه الفقاعات، فعلى سبيل المثال فقاعة اليابان ما زالت آثارها مستمرة إلى يومنا هذا منذ 1991، أي ما يقارب 15 عاما، فمؤشر نيكاي وصل إلى 38000 واليوم يصفق له عندما اخترق 16000، أي لم نعد إلى الأسعار السابقة حتى يومنا هذا. كذلك فقاعة Dot - com في أمريكا منذ خمس سنوات ولم نقترب من المستويات السابقة، ولا يتوقع أن يكون ذلك في المدى القريب.
ولكن، كيف يمكن أن نقلص من فترات التعافي؟
مما يزيد الأمور سوءا في انهيارات أسواق راس المال ترافقها مع ضعف أو إفلاسات في النظام المالي أي البنوك أو فترات انكماش اقتصادي وركود اقتصادي، وهو بحمد الله ما لا يترافق مع أسواق رأس المال في منطقة الخليج عموما لأن القطاعات البنكية ما زالت قوية باحتياطياتها وموجوداتها، وليس هناك علامات حتى الآن على انكماش أو ضعف في الأداء الاقتصادي، إلا ما يترافق مع هبوط أسواق رأس المال، من هنا أرى أن فرصة تقليص فترة التعافي يمكن أن تكون كبيرة وهو ما نتمناه.
كذلك مما يبعث على الارتياح عدم تأثر عملات هذه الدول نتيجة لمثل هذه التراجعات العنيفة لأسواق الأسهم في المنطقة، وهو ما يسهل من إدارة الأزمة، وهو ما صعبها على دول النمور الآسيوية في التسعينيات.
اقترح بعض الخطوات لربما يكون بعضها بحاجة إلى مزيد من دراسة للآثار أو ربما يكون ناجعا ومن ذلك:
كلما حافظنا على وجود المتداولين في السوق أسهمنا في سرعة التعافي, وحتى نحافظ على بقاء المساهمين يجب أن نخلق فرصا استثمارية تظل مجزية، ومن هنا أرى تنازل الحكومة عن أرباح أو حصة من أرباح الشركات التي تمتلك فيها نسب كبيرة، كـ "سابك" و"الاتصالات" وغيرها من الشركات الرابحة والقوية وهو المتبع مع الكهرباء ولمدة عامين مثلا، بحيث تصبح التوزيعات أكثر إغراء من نسب الفائدة السائدة بالأسواق، وكذلك تساعد على بقاء المستثمرين في السوق لحين توازن السوق مع نمو معدلات ربحية الشركات، أي جعل شركات السوق مغرية حتى مع مخاوف تراجعات الأسعار.
طرح حصص من حصة الحكومة في شركات ممتازة بأسعار تفضيلية مغرية وللشركات التي تعطي نسب توزيعات جيدة، على سبيل المثال، "الاتصالات" تطرح بمعادلة متوازنة مثلا لكل مالك سهمين أو ثلاثة يحصل على سهم بسعر معقول ومغر جدا بناء على التوزيعات النقدية وبهذا نحافظ على الاستمرار في السوق، ولربما يرى البعض أن طرح الحصص الآن سوف يؤثر على السوق سلبا، ولربما أتفق معهم على المدى القصير جدا بينما على المدى المتوسط إلى الطويل وهو الأهم أتوقع إيجابيا.
كذلك طرح فرص استثمارية جديدة كاكتتابات أولية ولكن بأسعار مناسبة جدا ومغرية أيضا من حيث مكررات الربحية ونسب التوزيعات وذلك لأن السوق يشبه المركز التجاري إن لم يجدد في معروضاته ويسعى لاستقطاب أفضل الشركات والعلامات سينصرف المتسوقون لسوق آخر.
خفض نسب استقطاعات البنوك من رواتب الموظفين المقترضين بضمان الراتب دون إسقاط هذه الاستقطاعات مما سيعمل على توازن بين الطروحات الأولية والاحتياج للسيولة، وكذلك سيخفض من الضغوط على شريحة محدودي الدخل التي تأثرت بما حدث في سوق الأسهم.
خفض عمولات التداول بنسبة 50 في المائة لعموم المتداولين لخلق سيولة إضافية للسوق.
تأسيس الصناديق الاستثمارية المتداولة ETFS، التي لا تتأثر بعمليات الاشتراك والاسترداد. وإعطاء هذه الصناديق بعض المميزات في الاكتتابات الأولية.
السماح للشركات المساهمة بشراء أسهمها وإما إتلافها أو إعادة بيعها أو تحويلها إلى صكوك.
لا بد من دور مهم من المتداولين، وذلك بتحركهم لحضور الجمعيات العمومية لإنقاذ استثماراتهم وذلك لمناقشة مجالس الإدارة ومحاسبتهم على الخسائر أو التصرفات غير الصحيحة ومطالبتهم بالحديث عن الخطط المستقبلية بشكل واضح ومفصل وأسباب زيادة أو خفض رأس المال أو الاندماج أو الاستحواذ أو تغيير في نشاط الشركة وتحديد التزام الشركة بالمعايير الشرعية والمطالبة بعقد مؤتمرات صحافية دورية للحديث عن النتائج والتوقعات المستقبلية وكيف تسير الشركة مع الخطط المرسومة، وهنا أتمنى على غرف التجارة أن يكون لها دور في إتاحة الفرصة للمساهمين حضور الجمعيات العمومية عبر شبكات متلفزة لحضور هذه الجمعيات من مناطقهم مثلا غرفة الرياض وجدة والدمام ومكة والمدينة المنورة ولربما تتطور التجربة أكثر مع تطور وسائل الاتصالات الحديثة.
زيادة شفافية السوق من حيث موجودات صناديق الاستثمارات والتغيرات الجوهرية فيها إضافة إلى زيادة كشف عمق الطلبات على كل سهم وهو ما يشبه نظام Nasdaq level II وعدم البقاء على أول خمسة عروض وطلبات.
إضافة مؤشرات للسوق تميل إلى التمثيل الوزني لا السعري فحسب.
إضافة شركات وأدوات استثمارية إقليمية مثلا شركة كإعمار من الإمارات صناعات قطر" من قطر "أوراسكوم للاتصالات أو الإنشاء" من مصر بنك السلام من البحرين، بل وحتى من خارج الإقليم كإضافة بعض الصناديق المتداولة من الأسواق الناشئة كالصين، الهند، كوريا، والبرازيل لأن هذا يحقق نوعا من التنويع وجعل السوق السعودي أكثر انفتاحا واتزانا، فعندما ترتفع أسعار الشركات السعودية لمعدلات كبيرة يجد مدير المحفظة أو الصندوق بدائل أخرى في نفس السوق وبمخاطر أقل.
إضافة أدوات تحوط أHedging- ومهم جدا أن تتبع الصيغ الإسلامية - وذلك لأن غالبية المستثمرين بالسوق يهتمون بالالتزام بالضوابط الشرعية.
التحوّط الدائم من البيع والشراء على المكشوف Margin وأن تعلن المبالغ التي تضخ في السوق على المكشوف من جهات مستقلة لتكون الصورة واضحة.
زيادة الثقافة الاستثمارية لعموم المتداولين ومطالبة البنوك ودور الوساطة بإعلان دراسات التقييم المدققة والمتعارف على أساليبها ماليا.
والله أعلم