الحقوق الطبيعية

سوف تحتضن بلادنا العزيزة المؤتمر الإسلامي المقبل، في الوقت الذي يتعرض فيه الدين الإسلامي والدول الإسلامية إلى كثير من الصعوبات والتدخلات الخارجية، إلى جانب الاضطرابات الداخلية في كثير من المجتمعات الإسلامية.
ومن أجل ذلك فإن القضايا الملحة والحاسمة التي تواجه المؤتمرين تتركز في التنمية والأمن، ولا شيء فوق ذلك، فالتنمية لا يمكن أن تتقدم أو لا يمكن أن تنجز دون أمن واستقرار، وهذا الأمن لا يمكن أن يتحقق دون أن يشعر جميع أفراد المجتمع بالطمأنينة في حاضرهم ومستقبلهم ومن المعروف أن كل المجتمعات العربية والإسلامية في آسيا وإفريقيا هي مجتمعات متعددة المذاهب والأعراق وحتى الديانات. بل إن الدين الإسلامي ذاته يزخر بتعددية مذهبية لا يخلو منها أي مجتمع أو كيان سياسي. لذا يجب حماية وضمان هذه التعددية.
هناك مذاهب وطوائف وأحزاب مختلفة، كما أن هناك أقليات عرقية ودينية تاريخية تعيش في المجتمعات العربية والإسلامية ينبغي على المؤتمرين التحلي بالشجاعة والمبادرة والتفكير بصوت مسموع ومراعاة حقوق جميع المواطنين.
يمتلك العالم الإسلامي مساحة جغرافية واسعة وموقعا استراتيجيا مهما وثروات طبيعية هائلة وفوق ذلك يفوق عدد سكانه المليار نسمة، وقد تعرضت الشعوب العربية والإسلامية للغزوات والحروب والاستعمار على مدى قرون ولكنها وبعد أن استقلت، انشغلت بصراعات داخلية أليمة مما أغرقها في التخلف والفقر والمرض والجهل. لذا فإن تجاوز أسباب تلك الصراعات الداخلية التاريخية هو أهم وسائل التقدم والتنمية والاستقرار.
إن دولة إسلامية كبيرة مثل إندونيسيا وقعت تحت ضغوط خارجية وداخلية لضمان حقوق الأقليات في بعض أنحائها وجزرها مما يهدد بتفككها وتناثر أشلائها، والأمثلة كثيرة في العالم العربي والإسلامي. أما في إفريقيا المسلمة فأنت تجد الصراعات الداخلية والحروب تنخر جسد هذه القارة الغنية بالمعادن والموارد الطبيعية مما جعل شعوبها مثالا ساطعا للفقر والأمراض والتخلف.
ولو بحثت عن أسباب هذه الأوضاع المزرية التي تعيشها تلك المجتمعات لوجدت وبسهولة شديدة، أن ذلك يرجع إلى غياب الحرية الفردية والاعتراف بالتعددية الفكرية والسياسة والدينية، لا يمكن أن تتحقق تنمية وأمن واستقرار دون ضمان حقوق الأفراد والجماعات، بل إن التعددية والاختلاف إثراء للمجتمعات وعلامة تحضر ونماء.
تنطوي المجتمعات العربية والإسلامية على كل الإمكانات لأن تكون شريكا كاملا ومحوريا في تشكيل المستقبل الإنساني إذا اعترفت أولا بسيطرة الأحادية وثانيا إذا بسطت مفهوم التعددية والحرية والحق للجميع بالعدل والمساواة.. إنها حقوق طبيعية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي