دعوى التعويض في مضاربات الأسهم
لكل من تضرر أن يطالب بتعويضه بسبب عمل أو إجراء أوجد لديه انطباعا غير صحيح أو مضللا بشأن السوق, أو الأسعار, أو قيمة سهم أو أقدم مضللا ومحتالا عليه على الشراء والبيع أو الاكتتاب في أسهم أو أحجم عن ممارسة أي حقوق تمنحها له, أو إذا تضرر بسبب نشرة إصدار عند اعتمادها من الهيئة تضمنت بيانات غير صحيحة أو حقائق في أمر جوهري.
وتعتبر هذه المخالفات جريمة اقتصادية توجب التعويض في الحق الخاص ويعاقب عليها النظام, وإن كان نظام السوق المالية قد عدد الأعمال والتصرفات المحظورة التي تعد من قبيل الاحتيال, إلا أنه ترك لهيئة السوق المالية صلاحية سن القواعد التي تحدد الأعمال والتصرفات التي تشكل مخالفات والممارسات المستثناة منها.
ويتطلب لقيام دعوى التعويض ثبوت المسؤولية عن الفعل الضار وقيام علاقة السببية بين الخطأ والضرر الذي أصاب المتضرر.
ولذا فإنه يلزم المدعي أن يثبت حسب الحالة المدعى بها:
1 ـ أنه لم يكن على علم بإغفال البيانات أو عدم صحتها.
2 ـ أنه ما كان ليشتري أو يبيع الورقة المالية ـ الأسهم ـ المعنية لو علم مسبقا بإغفال المعلومات أو عدم صحتها, أو أنه ما كان ليشتريها أو يبيعها بالسعر الذي تم به البيع أو الشراء.
3 ـ أن من أبدى البيانات أو المعلومات غير الصحيحة قد علم بعدم صحتها أو أنه كان على دراية بأن هناك احتمالا كبيرا أن المعلومات المصرح بها قد تضمنت إغفالا لحقيقة جوهرية مهمة أو أنها غير صحيحة.
4 ـ أن المدعى عليه أو من هو مسؤول عنه صرح شفاهة أو كتابة ببيان غير صحيح يتعلق بواقعة مادية جوهرية, أو أغفل بيانات تتعلق بتلك الواقعة.
5 ـ أن هناك تلاعبا من المدعى عليه أو من اشترك معه في سعر السهم على نحو معتمد تأثر به سعر شراء أو بيع السهم من جراء هذا التصرف.
في تعدد المدعى عليهم:
يجوز في دعوى التعويض أن يتعدد المدعى عليهم ومن ثم توزع مبالغ التعويض عليهم متضامنين أو فرادا ولا يشترط لقيام المسؤولية وجود علاقة مباشرة بين مدعي الضرر والمدعى عليه بالتعويض.
إلا أنه يجب التفريق بين الجريمة والمسؤولية, إذ الجريمة هي إتيان الأعمال التي حظرها النظام, في حين أن المسؤولية هي الالتزام بتحمل نتيجة هذه الأفعال ومنها تحمل العقوبات التي فرضها القانون, والخلط بينهما يعني الخلط بين شروط تجريم الفعل وشروط تطبيق العقوبة.
في مقدار التعويض:
في بعض الحالات يكون تقييم التعويض بمقدار الفرق بين السعر الذي دفع بالفعل لشراء الورقة المالية (على ألا يتجاوز السعر الذي عرض على الجمهور) وبين قيمة السهم في تاريخ إقامة الدعوى. أو السعر الذي كان من الممكن التصرف في أسهم في السوق قبل رفع الدعوى أمام لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية.
وإذا أثبت المدعى عليه أن أي جزء من الانخفاض في قيمة السهم يرجع لأسباب أخرى لا علاقة لها بأسباب الدعوى عندئذ يستبعد هذا الجزء من التعويض الذي يسأل عنه ويمكن درء المطالبة بالتعويض وفقا لأحكام ودفوع ترتب من قبل المدعى عليه.
كما يمكن أن يكون التعويض طبقا لما تراه لجنة الفصل محققا للعدالة بما لا يضر بمصالح المستثمرين ولا يتعارض مع النظام.
وإضافة إلى الغرامات والتعويضات المالية المنصوص عليها في هذا النظام يجوز بناء على دعوى تقام من الهيئة بحسب الحالة أمام لجنة الفصل الحكم بالسجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات على مرتكب المخالفة.
التقادم في دعوى التعويض:
تخضع إثارة دعوى التعويض إلى مدد يجب مراعاتها وبدونها لا تسمع أي دعوى إذا مضت سنة من التاريخ الذي يفترض فيه أن الشاكي قد أدرك الحقائق التي جعلته يعتقد أنه كان ضحية لمخالفة بيانات إصدار وحقائق غير صحيحة في أمور جوهرية وفي كل الأحوال لا يجوز سماع الدعوى أمام لجنة الفصل بعد مرور خمس سنوات من حدوث المخالفة المدعى بها.
ولما كانت مخالفة أحكام السوق المالية من الجرائم الاقتصادية فإنه من المستساغ أن تمارس الهيئة صلاحيتها في شأن الرقابة على المخالفات وسلوك السوق بشكل صارم وموسع في الاجتهاد والتفسير وهي النظرية الحديثة المعمول بها في تطبيق أحكام نظام السوق المالية, وهو ما يجب أن ينعكس على حركة السوق إيجابا, ولا ينال من ذلك كون الهيئة تمارس أعمالها في بيئة اقتصادية حرة, فالحماية الجنائية للتنظيمات الاقتصادية الحرة تتطلب الشدة في ضبط المخالفات لأن مباشرة غير واعية للحرية الاقتصادية في السوق يمكن أن تبعث الاضطراب فيه وتكون لها انعكاسات خطيرة على الخطة الاقتصادية.
ولذا فليس من المبرر نقد الهيئة في ممارستها الرقابية على المخالفات والظواهر التي تولد داخلها الجريمة الاقتصادية.
نائب رئيس الاتحاد الدولي للمحامين ـ السعودية