هل العقار للإعمار أم للدمار؟
سؤال إجباري يفرض نفسه بين فترة وأخرى خاصة لمن يتجول في كل الشوارع في المملكة وفي مدينة جدة بالذات, بحكم أنني من سكانها. فما تكاد تتجول من شارع إلى شارع في المناطق السكنية إلا ويصادفك الدمار في كل تفاصيل الشارع بدءا من الرصيف وانتهاء بالأسفلت, هنا حفرة وهناك فجوة تركتها إحدى الشركات المنوط بها إمداد الخدمات لهذا المنزل أو ذاك مع بقايا ليست بالقليلة لنفايات لم تجد من يعتني بها وينقلها إلى حيث لا مكان لها على خريطة شركات النظافة التي أعتقد, والله أعلم, أنها تنقل نفايات هذا الشارع لتفرغها في الشارع المجاور. وتقوم بكنس هذا الرصيف لتزيين الرصيف المقابل بهذه "النفايات" التي أصبح لها وزن وقيمة خاصة عندما بدأ المستثمرون في إيجاد طرق وآليات جديدة لتدويرها وغسلها تماما كما تغسل تلك الأموال التي تدخل بلادنا, وهو الاسم الذي أطلقوه على كل من يأتي بتمويل خارجي. على الرغم من أن الإخوة في "هيئة الاستثمار" تطالب وتغري المستثمرين الأجانب بأن يحلوا أهلا ويطأوا سهلا بلادنا للاستثمار فيها وعلى العكس "تذهب مليارات الريالات عن طريق الإخوة المواطنين للاستثمار هنا وهناك أقرب محطة دبي وأقصاها جبال القوقاز ولا أجد من يسألهم لماذا؟ ولماذا؟ فكيف وعشان إيه؟ وفين إنتو رايحين؟ بل نخرج الدراهم بصور عدة والجميع يعرف كيفية إخراجها ونحن جميعا في وداعهم قائلين رافقتكم السلامة ولا نعلم بماذا نسمي خروج الأموال الوطنية؟ هل نسميه "كوي" أموال مثلا أم بخار الأموال؟ لا أعلم وكل ما أعلمه أن دراهمنا خرجت ولم تعد بفعل فاعل. وهل الإخوة الذين قاموا "بتنمية" هذه الأموال داخل الوطن عندما كان الاقتصاد في طفرته المشهورة وعندما "بدا" بعض الضمور والضعف في عضلات اقتصادنا بفعل "البيروقراطية" وعدم تحديث الأنظمة وعدم "تغيير الفكر الاقتصادي" أصبح اقتصادنا "كخه عجبي" من مثل هكذا وبجحود ونكران. نعود مرة أخرى للشوارع وما نالها من العقار ذلك الدمار الشامل لن أتطرق للبلديات والصرف الصحي والمرور وغيرها من المعوقات فكلها معروفة للجميع ولن تتحسن بهكذا طرح وهكذا آلية, فالأمر يطول شرحه وتفنيده. لكن المشكلة عندما تمر بشارع كله عمائر جديدة للإيجار أو البيع وما أكثر هذه الشوارع في مدينة جدة بالذات تخدعك الأنوار "المشتعلة" ومنظر زجاج العمائر اللامع والرخام الذي ينافس المرايا في نظافته وجماله وتقرر زيارة هذا الشارع لتجد أنك تسقط في ما سلف ذكره من حفريات وعاهات بفعل الإنسان. السؤال يقول: لماذا لا يحاول هؤلاء الإخوة أصحاب هذه العقارات الجديدة أن يضيفوا لمنتجهم العناية بالشارع وتفاصيله الصغيرة والكبيرة؟ أليس هذا جزء من حملة التسويق لهذه العمارة أو تلك؟ أجزم لو أن كل صاحب عمارة حاول إصلاح الشارع الذي أمام عقاره .. ونظافته وزراعته مثله كمثل عمارته لارتفع سعره وأقبل الناس وعمت الفائدة وتحولت شوارعنا إلى شوارع نموذجية بجهود ذاتية. أعلم أن هذه مهمة الأمانات والبلدية نعم أعلم ذلك ولكن؟