سوق النفط الأمريكية تركّز على مخزون البنزين قبل حلول الصيف

تتجه السوق إلى التركيز وبصورة رئيسية على أحد العناصر المؤثرة في الأسعار خلال فترة الأسابيع القليلة المقبلة من خلال متابعة وضع العرض والطلب والمخزون الخاص بسلعة البنزين: والسبب انتهاء فصل الشتاء ودخول فصل الربيع الذي يعقبه الصيف وهما فصلان يفتحان الباب على ما يعرف بموسم قيادة السيارات خاصة في السوق الأمريكية، لذا يكون التركيز على حجم المخزون وإمكانية تلبية الطلب المتصاعد على هذا النوع من الوقود.
بداية الالتفات الى هذا الجانب جاءت الأسبوع الماضي عندما أغلقت الأسعار فوق 64 دولارا للبرميل، أو بزيادة 2 في المائة عن بداية الأسبوع، وذلك نتيجة لخوف التجار والمتعاملين من الضغط على الإمدادات بسبب موسم قيادات السيارات، إضافة الى الخوف من انطلاق موجة أعاصير جديدة تطول منطقة خليج المكسيك، التي تعتبر منطقة الإنتاج الرئيسية المحلية داخل الولايات المتحدة.
بالنسبة لخام ويست تكساس الأمريكي الحلو الخفيف ارتفع سعره 35 سنتا ليغلق عند 64.26 دولار للبرميل، كما أن خام برنت الذي تنتجه بريطانيا حقق زيادة 29 سنتا إلى 63.56 دولارا في سوق لندن النفطية.
وأدت البيانات الخاصة بحجم المخزون التي أذاعتها إدارة معلومات الطاقة الأمريكية يوم الأربعاء إلى لفت الأنظار، حيث حقق المخزون من النفط الخام تراجعا بمقدار 1.3 مليون برميل إلى 338.6 مليون وذلك في الأسبوع المنتهي في السابع عشر من هذا الشهر، على أن الأكثر لفتا للنظر كان التراجع الذي شهده مخزون البنزين بنحو 2.3 مليون برميل إلى 221.6 مليون، كما تراجعت المقطرات 800 ألف برميل إلى 126.7 مليون برميل. وفاجأ حجم التراجع في مخزون البنزين متابعي السوق، الذي كانت توقعاتهم تشير إلى أن حجم التراجع قد لا يتجاوز مليون برميل، فإذا به يزيد على ضعف ما بنوا عليه تقديراتهم السابقة.
وأدى هذا الى عكس المناخ السائد في بداية الأسبوع، حيث افتتحت التعاملات يوم الإثنين الماضي بانخفاض يبلغ نحو دولارين بسبب استمرار حجم المخزون الأمريكي في الارتفاع خلال الأسابيع القليلة الماضية.
من جانب آخر فإن معهد النفط الأمريكي أصدر تقريرا الأسبوع الماضي، أوضح فيه أن مستوى الأداء لدى المصافي الأمريكية المحلية وصل إلى 87.1 في المائة من طاقتها، وهو أقل معدل لها منذ عام 2002، مضيفا أن هناك مصفاتين لا تزالان خارج الخدمة لفترة تزيد على ستة أشهر ومنذ أن ضرب إعصار كاترينا في أغسطس (آب) الماضي، وهذا الوضع يعطي إشارات أن بنية العمليات النهائية قد لا تكون قادرة على تلبية متطلبات الطلب القوية المتوقعة خلال الأشهر القليلة المقبلة. وفي يوم الأربعاء نفسه أعلنت الإدارة الفيدرالية لخدمات المعادن الأمريكية أن ما نسبته 22.9 في المائة من إنتاج النفط الخام و13.9 في المائة من إنتاج الغازالطبيعي في الأراضي الفيدرالية في منطقة خليج المكسيك لا يزال مغلقا وخارج شبكة العمل بمراحلها المختلفة من الإنتاج إلى النقل والتوزيع حتى يصل إلى المستهلك النهائي، وذلك نتيجة لموسم الأعاصير في الصيف الماضي، الذي شهد 27 عاصفة تحولت 15 منها إلى أعاصير، سبعة منها ضربت الشواطئ الأمريكية وستة من هذه السبعة تم تصنيفها أعاصير قوية.
وفي تقديرات لمحللي الأرصاد خاصة مؤسسة AccWeather أن تشهد فترة الصيف ابتداء من الأول من حزيران (يونيو) إلى تشرين الثاني (نوفمبر) موجة من الأعاصير ولو أنها قد لا تصل إلى ما شهده الوضع العام الماضي عندما ضربت المنطقة بمختلف درجات القوة كان أعلاها ما جرى إبان إعصاري كاترينا وريتا، وهو ما أدى إلى التأثير على البنية التحتية الإنتاجية لمنطقة خليج المكسيك. لكن بعض الجهات الأخرى المتابعة للأرصاد لا تستبعد أن تشهد فترة السنوات الخمس المقبلة إعصارا أعنف يمكن أن يبدأ من العام المقبل. وفي كل الأحوال فإن العددية ليست مهمة، وإنما القوة والعنفوان التي تتحرك بها بعض الأعاصير وما يمكن أن يحدثه من دمار بالتالي. والمنطقة تبدو أكثر عرضة بسبب عدم تعافيها الكامل مما شهدته العام الماضي كما هو واضح.
محللو السوق يرون ان الارتفاع الذي أغلقت عليه السوق الأسبوع الماضي سيكون أعلى مما تسنده أساسيات العرض والطلب على المستوى قصير الأمد، ما لم تحدث متغيرات هيكيلة.
على أن عامل القلق الأمني والجيوبوليتيكي لا يزال له تأثيره، خاصة عندما تضاف عناصر ما يجري في إيران ومواجهتها مع الدول الغربية بخصوص الملف النووي لطهران، استمرار حالة التوتر وانقطاع جزء من الإمدادات النيجيرية، وهي حالة مرشحة للاستمرار مع سعي الرئيس أوليسيجون أوباسانجو إلى تعديل الدستور للسماح له بفترة رئاسية ثالثة، وهي خطوة يمكن أن تقرأ معطوفة على ما تشهده منطقة الإنتاج الرئيسي في دلتا النيجر أنها دعوة لاستمرار التوتر السياسي، خاصة والعام المقبل سيشهد انتخابات عامة ستزيد الوضع اشتعالا وذلك قياسا بما شهدته الانتخابات السابقة. وأسهم إعلان شركة إيني الإيطالية أنها لن تتمكن من إصلاح خط الأنابيب الذي ينقل نحو 75 ألف برميل يوميا بالكامل حتى نهاية هذا الشهر، في اثارة المزيد من التساؤلات والقلق بخصوص الإمدادات النيجيرية.
ويصب هذا كله في دائرة إبقاء حالة التوتر عالية والتضخيم من التحركات التي تصيب وضع المخزون مثل تقلب كمياته من أسبوع الى آخر، فرغم أن حجم مخزون النفط الخام شهد تراجعا في البيانات الأخيرة التي نشرت الأسبوع الماضي إلا أنه يظل أعلى مما كان عليه قبل عام بنسبة تصل إلى 9 في المائة ثم التأثير على وضع الأسعار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي