إهمال الرقابة يفتح باب خيانة الأمانة
في الغالب يواجه موظفو إدارة الرقابة الداخلية في الشركات مصاعب في القيام بمسؤولياتهم الوظيفية بسلاسة وبشكل طبيعي، هم في نظر أغلب العاملين في الإدارات الأخرى مفتشون يبحثون عن الأخطاء لإدانتهم فقط، لذا فإنهم لا يتعاونون معهم في الغالب ويحاولون الالتفاف على مطالبهم عن طريق التضليل أو التطفيش وفي بعض الحالات بالشكاوى التي ربما تصل إلى رأس الهرم الإداري.
هناك سوء فهم لطبيعة عملهم لذا فإنهم، وإن تجاوب بعضهم، لا يبادر من تلقاء نفسه بكشف كامل المعلومات التي تساعد موظف الرقابة الداخلية على أداء عمله.
هذا الخلل في الثقافة الإدارية، إن جاز لي التعبير، هو معضلة حقيقية تواجه منشآت الأعمال لدينا سواء في القطاع الخاص أو العام.
وإذا كان هذا الواقع متعارفا عليه في منشآت القطاع الخاص فإنه يمارس بشكل أو بآخر في منشآت القطاع العام، بالرغم من أن موظفي ديوان المراقبة العامة لا يقومون بكامل مهامهم الرقابية في الجهات التي يزورونها، بل إن أغلب عملهم يكون في مكاتبهم.
لا يمكن لنا أن نتقدم ونحقق أهدافنا ونعدل خططنا ونلتزم باللوائح والأنظمة المعتمدة ومنع التجاوزات والمحسوبيات وأعمال الاختلاس والتدليس والرشا واستخدام الصلاحيات في تحقيق المصالح الخاصة والهدر في المال العام أو أموال المساهمين ما لم ترتق ثقافة العمل لدينا، ويكون هناك تعاون بين الموظفين في جميع الإدارات وفي جميع المستويات مع موظفي الرقابة الداخلية أو موظفي ديوان الرقابة العامة، فالاقتصاد يظل على علاقة وثيقة بجميع العلوم المالية والإدارية، إضافة إلى العلوم الأخرى، ولكن بدرجة أقل، فهو لا يستغني عن إدارة متخصصة مؤهلة تخطط وتنظم وتنسق وتراقب وكل هذه الأمور تعتمد على توافر نظام محاسبة قوي يوفر للإدارة المعلومات الدقيقة عن أنشطة المنشأة ونتائج أعمالها وأصولها والتزاماتها وحقوق ملاكها.
قد يكون هذا الكلام من البدهيات و ربما من المسلمات، ولكن قصدت منه إبراز أهمية قيام منشآت القطاع الخاص والعام لدينا بتأسيس نظام محاسبي قوي محصن من الثغرات التي ربما تسهم في إعطاء صورة مغلوطة عن أوضاع الشركة المالية أو الجهاز الحكومي ونتائج أعمالها، كما لا بد من جهة تقوم بدور الرقابة على الأعمال المالية والإدارية، حتى يمكن ضمان عدم حصول تجاوزات مالية أو إدارية.
المتخصصون في علم المحاسبة يعلمون أن النظام المحاسبي إذا ما بُني على أسس صحيحة فإنه بالتأكيد سيكون سنداً للإدارة في توجيه قراراتها لتحقيق أهدافها الربحية، وهم يعلمون أيضا أن بعض المعالجات المحاسبية الخاطئة ربما تظهر موقفاً مالياً غير صحيح، وأيضا ربما تؤدي الثغرات في النظام المحاسبي إلى تفشي الفساد الإداري إذا واكب ذلك ضعف في نظام الرقابة الداخلية المهملة في كثير من شركاتنا المساهمة، وهنا تكمن أهمية الرقابة الداخلية.
وأمر آخر مرتبط بدور إدارة المراقبة الداخلية وينبغي أن يحظى بأهمية كبيرة هو ما يتعلق ببذل المراجع الخارجي العناية المهنية الواجبة عند مراجعته القوائم المالية للشركات، فما زال مجتمع المحاسبين الممارسين في كثير من منشآتنا لا يتابعون ما يصدر عن الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين من معايير أو آراء تحدد المعالجات المطلوبة في كثير من الأعمال المحاسبية اليومية، هذا الأمر قد يؤدي في حال عدم استمراره وعدم اكتشافه من قبل مراجع الحسابات الخارجي إلى تضليل المستفيدين من القوائم المالية وهم بالتأكيد لا ينحصرون في إدارة الشركة فقط، لأن المستثمرين والمقرضين والموظفين والأجهزة الحكومية ذات العلاقة مثل مصلحة الزكاة والدخل وديوان المراقبة العامة والباحثين وغيرهما لهم علاقة وثيقة بنتائج أعمالها وموقفها المالي.
كاتب اقتصادي