دراسة مقارنة بين نظامي العمل الجديد والقديم
وافق مجلس الوزراء على نظام العمل الجديد بقراره رقم (219) وتاريخ 22/8/1426هـ، وتوج بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/51) وتاريخ 23/8/1426هـ، ونشر في جريدة "أم القرى" رقم (4068) وتاريخ 25/9/1426هـ على أن يعمل به بعد مائة وثمانين يوماً من تاريخ نشره.
تضمن النظام الجديد 16 باباً، واشتمل على 245 مادة تحكم العلاقة بين صاحب العمل والعامل، وتنظم توظيف السعوديين وغير السعوديين علاوة على تحديد الجهات المختصة بتسوية الخلافات بين طرفي عقد العمل وإمكانية اللجوء إلى التحكيم لتسوية تلك الخلافات.
ومن أبرز ملامح النظام الجديد سريان أحكامه على بعض الفئات من العمال لم تكن خاضعة لتطبيق نصوص نظام العمل القديم (السابق) عليها، وقد حددت المادة الخامسة من النظام الفئات التي تسري عليها أحكامه، هذا إضافة إلى ما ذكرته المادة السادسة من أن العامل العرضي والموسمي والمؤقت تسري عليهم بعض الأحكام الخاصة بالنظام وما يقرره وزير العمل.
كما ألزمت المادة (22) من النظام الجديد وزارة العمل بتوفير وحدات لتوظيف المواطنين دون مقابل، الهدف منها مساعدة العمال في الحصول على الأعمال التي تتناسب مع دراستهم العلمية وخبراتهم العملية. ألزمت أيضاً المادة (28) صاحب العمل الذي يستخدم 25 عاملاً فأكثر، وكانت طبيعة عمله تمكنه من تشغيل المعوقين الذين تم تأهيلهم مهنياً تشغيل 4 في المائة على الأقل من مجموع عدد عماله من المعوقين المؤهلين مهنياً، وهذا يعد نصا تعديليا لما ورد بالمادة (54) من نظام العمل السابق التي كانت تلزم كل صاحب عمل يستخدم 50 عاملاً فأكثر أن يستخدم 2 في المائة من مجموع عدد عماله من المعوقين المؤهلين مهنياً وهذا يعد مكسباً جديداً لفئة معينة من العمال لا تجد فرص عمل بسهولة.
استحدث تشريع العمل الجديد نصوصاً أكثر تقنينا في تشغيل العامل غير السعودي وجاءت ألفاظها واضحة في الدلالة على ما قصده المشرع منها وظهر ذلك جلياً في نص المادة (37) التي أوجبت أن يكون عقد عمل غير السعودي: مكتوبا ومحدد المدة، فإذا خلا عقد العمل من تحديد مدته فإن مدة رخصة العمل تعد هي مدة العقد، ويستنتج من حكم هذه المادة أيضاً أن يظل عقد عمل غير السعودي محدد المدة طوال مدة خدمته لدى صاحب العمل.
أيضاً من النصوص المستحدثة في النظام الجديد بدلالة واضحة وهو تحديد من يتحمل رسوم الاستقدام والإقامة ورخصة العمل وتجديدهما وغرامة التأخير المستحقة عليهما، وتغيير المهنة وتأشيرة الخروج والعودة، ونقل خدمات العامل (نقل الكفالة) ونفقات تجهيز جثمان العامل ونقله إلى الجهة التي أبرم فيها العقد أو استقدم منها، ولقد جاءت المادة (40) من النظام الجديد بفقراتها الأربع بالنص الصريح القاطع الجازم، بأن صاحب العمل هو الذي يتحمل تلك الرسوم وحده دون أن يرجع على العامل بأي منها باستثناء تكاليف عودة العامل إلى بلده لعدم صلاحيته للعمل أو رغبة العامل في العودة إلى بلده بدون سبب مشروع.
أوضحت المادة (53) من النظام الجديد أن إجازة عيد الفطر وعيد الأضحى والإجازة المرضية لا تحتسب في حساب فترة التجربة التي تزيد على تسعين يوماً، إذ شرع المشرع أن تكون أيام فترة التجربة جميعها أيام عمل لا تتخللها إجازة رسمية أو مرضية لتحقق الأهداف المرجوة من فترة التجربة.
كما أحسن المشرع بما أورده في المادة (57) والتي نصت على أن العقد الذي يبرم من أجل القيام بعمل معين، فإنه ينتهي بإنجاز العمل المتفق عليه، وهذه تعتبر إحدى الحالات العادية لانتهاء عقد العمل.
أيضاً من أبرز ملامح النظام الجديد التزام صاحب العمل بعدم تشغيل العمال سخرة والامتناع عن كل ما يمس كرامتهم ودينهم سواء قولاً أو فعلاً، وهذا ما نصت عليه الفقرة (1) والفقرة(2) من المادة (61) من النظام.
ذكرت الفقرات الخمس بالمادة (74) من النظام أن حالات انتهاء عقد العمل العادية بلوغ العامل سن التقاعد وهو 60 سنة و55سنة للعاملات مع جواز تخفيض سن التقاعد المذكورة في حالات التقاعد المبكر طبقاً للائحة تنظيم العمل، مع الأخذ في الحسبان أنه في حالة امتداد مدة العقد المحدد المدة إلى ما بعد سن التقاعد فإن العقد في هذه الحالة ينتهي بانتهاء مدته، ونشير هنا إلى أن الحكم الوارد بهذه الفقرة لا يسري تطبيقه إلا بعد سنتين من تاريخ العمل بهذا النظام.
أضاف نظام العمل الجديد مكسباً جيداً للعمال فيما يتعلق بالإجازة السنوية المستحقة لهم برفعها إلى 21 يوماً تزاد إلى 30 يوماً لمن أمضى في خدمة صاحب العمل خمس سنوات متصلة وتكون بأجر يدفع مقدماً وهذا ما نصت عليه الفقرة (1) من المادة (109)، وهذا النص الجديد يعد تعديلاً جذرياً لنص المادة (153) من نظام العمل السابق التي كانت تحدد مدة الإجازة السنوية للعامل بـ15 يوماً، وتزاد على واحد وعشرين يوماً متى أمضى العامل عشر سنوات متصلة في خدمة صاحب العمل.
أيضاً من المآثر التي أتى بها النظام الجديد لصالح العمال الإجازات المتنوعة التي وردت بالمواد (114، 115، 116، 117) وهذه الإجازات تتعلق بالآتي:-
إجازة لأداء فريضة الحج، نصت المادة (114) على أنه يحق للعامل الحصول على إجازة بأجر لا تقل مدتها عن عشرة أيام ولا تزيد عن خمسة عشر يوماً بما فيها إجازة عيد الأضحى لأداء فريضة الحج لمرة واحدة طوال مدة خدمته بعد توافر شرطين هما: "ألا يكون قد أداها من قبل، وأن يكون العامل قد أمضى في الخدمة سنتين متصلتين على الأقل", وإجازة تعليمية. فقد نصت المادة (115) على أنه يحق للعامل المنتسب إلى مؤسسة تعليمية الحق في إجازة بأجر كامل لتأدية الامتحان عن سنة غير معادة تحدد مدتها بعدد أيام الامتحان أما إذا كان الامتحان عن سنة معادة فيحق للعامل في إجازة بدون أجر لأداء الامتحان.
الإجازة بدون أجر، أعطت المادة (116) للعامل الحق في الحصول على إجازة بدون أجر مدتها عشرون يوماً بحد أقصى، شريطة موافقة صاحب العمل، وهذا النص الجديد يعتبر تعديلاً لنص المادة (156) من نظام العمل السابق.
الإجازة المرضية، أجملت المادة (117) من النظام الجديد مدد هذه الإجازة بـ120 يوماً خلال السنة الواحدة، سواء كانت الإجازات المرضية متصلة أو متقطعة، وأوضحت تلك المادة كيفية احتساب الأجر الذي يدفع للعامل خلالها على النحو التالي: "بأجر عن الثلاثين يوماً الأولى، بثلاثة أرباع الأجر عن الستين يوماً التالية، وبدون أجر للثلاثين يوماً التي تلي ذلك".
أعطى نظام العمل الجديد المرأة العاملة مكاسب وحقوقا إضافية مقارنة بالنظام السابق نذكر منها ما يلي: "نصت المادة (87) على استحقاقها مكافأة نهاية الخدمة كاملة في حالة إنهاء العاملة عقد العمل خلال ستة أشهر من تاريخ عقد زواجها أو خلال ثلاثة أشهر من تاريخ وضعها، وهذا الحكم يعد استثناء مما ورد في حكم المادة (85) من النظام".
وأجاز النظام الجديد لوزير العمل بموجب الفقرة (2) من المادة (159) إلزام صاحب العمل الذي يستخدم 100عاملة فأكثر في مدينة واحدة، أن ينشئ دارا للحضانة أو يتعاقد مع دار للحضانة قائمة لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات أثناء فترات العمل وقصد المشرع بذلك توفير الاستقرار العائلي للعاملات وأطفالهن أثناء عملهن.
أحدث نظام العمل الجديد تعديلات جوهرية فيما يتعلق بهيئات تسوية الخلافات العمالية من حيث تسميتها والنصاب القيمي للهيئات الابتدائية واختصاصها، وأيضاً من حيث تشكيل كل هيئة سواء الابتدائية أو العليا، وخصص النظام الجديد الباب الرابع عشر منه لتفصيل تلك التعديلات.
آملين أن نكون فقد وفقنا في شرح المقارنة بين نظامي العمل الجديد والقديم.