المركزية واللامركزية في التخطيط العمراني

المركزية واللامركزية في التخطيط العمراني

يتجه الكثير من المدن العالمية منذ فترة ليست بالقصيرة نحو اللامركزية في التخطيط العمراني وذلك من أجل إعطاء البلديات المحلية الفرصة المناسبة لتطوير أدائها والاعتماد على نفسها في عصر أصبحت المشاركة السكانية فيه هي أساس تطوير المدن. وهنالك مدن حاولت الدمج واستخدام فكرة الأمانة الكبرى وذلك بهدف تقليص التكاليف الإدارية والمالية للبلديات المتعددة ولكن بحذر شديد من تحويل تلك الأمانة أو المحافظة إلى جهاز مركزي يضعف فيه الإبداع وتتركز فيه المصالح العامة للناس في أيدي التكنوقراطيين.
ففي مدينة تورنتو الكندية وهي العاصمة الاقتصادية للدولة الكندية تم تجميع البلديات المحلية ضمن أمانة واحدة تعنى بالسياسات العامة التخطيطية لمدينة تورنتو الكبرى. وأثناء لقائي مع مديرة المخطط العام للمدينة أفادت بأن التجربة لم تكن إيجابية بالمعنى الكامل على الرغم من أن مسؤوليات الأمانة الكبرى تقتصر على الدور التوجيهي فقط. فلايتم اعتماد أي مشاريع ضمن الأمانة الكبرى سواء كانت تلك المشاريع مخططات تقسيمات أراض أو مباني متعددة الأدوار أو غير ذلك حيث إن كل بلدية محلية لديها طاقمها الذي يقوم بذلك العمل تحت إشراف المجلس البلدي المحلي المنتخب من قبل سكان تلك البلدية المحلية.
أما أمانة حاضرة تورنتو فيلعب أمينها دور القائد الاستراتيجي الذي يحاول رسم السياسات المستقبلية العمرانية التي ترفع من مستوى الحياة للحاضرة الكبرى وتجعلها قادرة على المنافسة الاقتصادية مع المدن الأخرى. وهذا هو الدور المناسب للأمانات الكبرى ألا وهو التركيز على الأمور الاستراتيجية بعيدة المدى وعدم إدارة البلديات المحلية بطريقة تفصيلية لأن ذلك سيؤدي حتماً إلى ضياع الهدف الاستراتيجي والوقوع في فخ العمل اليومي. إن بناء المؤسسات هو أساس تخطيط المدن وتطويرها فالبلديات المحلية ومجالسها المنتخبة في المدن الغربية لعبت دوراً رئيسياً في ظهور تلك المدن بوضعها الراهن الذي نراها فيه اليوم ... ومن أسباب النجاح هو عدم إعادة اختراع العجلة بل البدء من حيث انتهى الآخرون.

* جامعة الملك سعود

الأكثر قراءة