المقالات

ما خصائص الاقتصاد السعودي؟

ما خصائص الاقتصاد السعودي؟

على الرغم من أن العالم ينظر إلى السعودية باعتبارها ذات وزن اقتصادي مهم لكونها بالدرجة الأولى دولة نفطية تقدم للعالم أكبر شحنة منه مع ما يعنيه ذلك من موارد مالية ضخمة. ولكونها أيضا تلعب دورا في التوازنات الإقليمية بحكم ارتباطاتها بالمنظومة العالمية على اختلاف توجهاتها، وهو ارتباط سياسي ودبلوماسي، لكنه في الوقت نفسه اقتصادي على أكثر من مستوى. وعلى الرغم من أن السعودية لديها عدد من المؤسسات الحكومية ذات المساس المباشر بالاقتصاد، بدءا من المجلس الاقتصادي الأعلى، وزارة الاقتصاد والتخطيط، وزارة المالية، وزارة التجارة والصناعة، فالهيئة العامة للاستثمار، عدا العديد من المؤسسات الاقتصادية الكبرى والمتوسطة في القطاع الخاص والجامعات ومراكز البحوث، رغم هذا الفضاء الاقتصادي السعودي مازال اقتصادنا يفتقر إلى الدراسات والبحوث والتحليلات التي تتناوله في جزئياته وتركيباته وقوامه العام وتوضح لنا خصائصه وهويته. لم تقدم لنا مثلا وزارة الاقتصادية والتخطيط باعتبارها معنية مباشرة بالاقتصاد دراسات اقتصادية، خصوصا بعد ما أضيف إليها كما لم تقدم وزارة المالية دراسات اقتصادية حين كان الاقتصاد تابعا لها غير ما صدر من إشارات عامة تتكرر باستمرار في خطط التنمية عن النمو وعن القطاعين الحكومي والخاص وعن الصناعة والتجارة والخدمات تقدم في إطار المنجزات أو نسب التحقق أو المقارنات ليس إلا. وطن له ثقله كالسعودية حري بأن تبرز خصائص اقتصاده وبلورة مكوناته، نقاط ضعفه وقوته، الإمكانات المستقبلية، طبيعة القوى البشرية التي تؤثر في إدارته وزيادة مقدراته، علاقاته الداخلية والخارجية، قابليته للمنافسة وعلى تطوير وتحديث مكوناته وتطوير وتحديث الآليات التي يعمل وفقا لها. هذه الخصائص والملامح للاقتصاد السعودي مازالت شبه غائبة عن الساحة الفكرية، ولا يشكل غيابها فراغا في الثقافة العلمية في بلادنا فحسب، بل ضررا جسيما على مسيرة الاقتصاد السعودي، فالمعرفة المبنية على رؤية ثاقبة وتصور حقيقي وواقعي للاقتصاد تتجاوز الحقل المعرفي إلى كونها قوة مؤثرة في حركة الاستثمار ومجالاته وتجعل الاستثمار لا يبدد أمواله وطاقته في مشاريع وبرامج غير قادرة على الاستدامة والبقاء والصمود في وجه المستجدات العالمية حتى ولو بدت تلك المشاريع والبرامج تدر أرباحا لأمد قصير، فوحدها هذه الدراسات تقدم للمستثمر السلاح العصري الذي على أساسه يكافح للبقاء في مضمار الاقتصاد المعولم. وزارة الاقتصاد والتخطيط التي من مهامها الدراسات والبحوث لم يتلقف منها المستثمرون ما يقدم أمامهم كشفا معرفيا للصيرورة الاقتصادية والإمكانات التي تتركب منها أبعاد القوة الاقتصادية السعودية ومدى الصلابة التي يتمتع بها هذا الاقتصاد وإزاحة اللبس بين المال والنقد وبين الاقتصاد لحالة تنموية مستدامة. كذلك لم تفعل مؤسسة النقد السعودي ولا وزارة التجارة والصناعة ولا الهيئة العامة للاستثمار، التي كان عليها أن تقدم على الفور دراسات علمية للمدن الاقتصادية الأخيرة، وتطرحها للتداول وألا تكتفي بالتصريحات الإعلامية وبذكر المحتويات والمساحات وما شابه ذلك.. فالاستثمار لا يقاد بالإعلام وحده. والاقتصاد بحاجة إلى شفافية عملية مصدرها الوحيد إتاحة المعلومات عبر الدراسات، فأين هذه الدراسات والبحوث؟ ولماذا هي غائبة؟ ومن المسؤول؟ وكيف يستقيم القول بطموحنا إلى التحول الاقتصادي الكبير في ظل هذا الغياب العجيب!!
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المقالات