تكلّموا أكثر
يشتكي كثير من الأكاديميين اليوم من تدني مستوى ثقافة الحوار والمناقشة لدى طلابهم وطالباتهم، وتظهر هذه المشكلة جلياً في مستويات التعليم المتقدمة أو ما يعرف بالتعليم العالي.
والحقيقة أننا وحتى اليوم لا نمتلك منهجاً تعليمياً لتدريب الطلاب على مهارات الحوار وأساسيات الاستماع الجيّد، لكننا يمكن وبكل سهولة ترسيخ هذه المهارات منذ فترة الطفولة في المتعلمين وبالتدريج حيث إن إلقاء اللوم على النظام التعليمي وتجاهل الأدوار التي تقوم بها الأطراف الأخرى في عملية التربية لن يعود علينا بالفائدة بل سيزيد الوضع تفاقماً!
بجهد بسيط يمكن تحويل الجلسات العائلية الاعتيادية إلى جلسات نقاش تدرب الأبناء والبنات والوالدين على التحاور الصحّي وتفتح المجال للتواصل الأسري الأفضل.
من أسهل طرق بدء الحديث حول أي شيء استغلال الساعات التي يقضيها أفراد العائلة أمام التلفاز لمناقشة المحتوى المعروض سواء مع الأطفال أو البالغين.
هذه الحوارات الصغيرة والعفوية تولد حس الجرأة لدى كل فرد لمناقشة أفكاره بلا خوف.
لذا من جانب آخر ينبغي للوالدين الاستعداد لتلقي آراء الأبناء وتقبلها وعدم مقاطعتهم لفرض الرأي، بل على العكس حلل مضمون الأفكار وابحث عن نقاط مشتركة أو تجربة شخصية سابقة تفيده، فهذا التعزيز الإيجابي يضفي مزيدا من الحماس على النقاش.
مع مرور الوقت وتكرار التجربة يصبح من السهل التخلص من المحركات الخارجية للحوارات داخل المنزل، ويتحول من التركيز على برامج التلفزيون والأحداث العالمية إلى المشكلات الشخصية والبحث عن حلول لها ويلاحظ الوالدان مزيداً من الارتياح.
عندما تزرع الثقة في نفوس الافراد في المنزل أولاً فإن الحوار خارجه لن يكون أكثر صعوبة وحينها سيتحكم به الغرض والمحتوى وليس الثقة المهزوزة وتعثر الحديث!