مواطن يصمم ويبني "ديوانيته" بنفسه على الطراز النجدي القديم

مواطن يصمم ويبني "ديوانيته" بنفسه على الطراز النجدي القديم

رغم التطور الكبير الذي وصل إليه فن المعمار في السعودية، إلا أن أحد المواطنين أبى إلا أن يعود إلى الشكل القديم في البناء، باعتماده التصاميم القديمة للطراز العمراني النجدي، التي اندثرت في الآونة الأخيرة، وعمد أحد سكان محافظة المزاحمية (100 كلم غرب الرياض) إلى إنشاء ديوانيته (وهي المجلس المخصص لاستقبال الرجال) بالرجوع إلى الشكل التراثي بانتقائه خامات حديثة تستخدم في البناء بعد تطويعها، مثل الأسمنت، الطوب، الحديد، والجبس، لإعطاء رائحة وملمس الطين والخشب التي كانت تستخدم سابقا في البناء، مما يجعل المشاهد لأول وهلة يظن أن المبنى تم بناؤه بتلك الخامات.
"الاقتصادية " زارت المواطن عبد الكريم الشمالي في ديوانيته في محافظة المزاحمية، وأوضح أن فكرة تنفيذ ديوانيته مرت بعدة مراحل، حتى تم تنفيذها على هذه المساحة الصغيرة, مبينا أن الفكرة كانت تراوده منذ الصغر ولكن بصورة مغايرة، حيث كان يمارس هذه الهواية مع أحد الأصدقاء في حي الطريف، مشيرا إلى أنه كان خلال فترة طفولته ملازما لوالده ـ رحمه الله ـ الذي كان يعمل في مجال البناء باللبن، وتبلورت هذه الفكرة قبل أكثر من 20عاما، وهي فكرة إقامة مبنى في المحافظة يكون من اهتماماته المحافظة على التراث وخاصة الطراز المعماري النجدي، لما يتميز به من بساطة في التصميم وجمال في الزخارف.
وأوضح الشمالي الذي يعمل صحافيا في إحدى الصحف المحلية أن المساحة الإجمالية للديوانية ومرافقها تبلغ 700 متر مربع، وتم بناء المجلس على مساحة 120 مترا مربعا منها، المقلط على مساحة 100 متر مربع، إضافة إلى غرف للخدمات والتي خصصت للضيافة، موضحا أن فترة التنفيذ استغرقت سنة وثمانية أشهر وبتكلفة تزيد على 630 ألف ريال.
وحول مرحلة التنفيذ، قال الشمالي: بدأت باستشارة كبار السن ومن ثم سافرت إلى حائل بعد أن شاهدت على شاشة التلفزيون برنامجا عن متنزه "المغواة"، حيث كان يوجد بداخله "القهوة" وهي ما يطلق عليه في نجد "الديوانية"، واستفدت من تلك الزيارة الكثير وخاصة فيما يتعلق باستخدام العروق داخل المجلس لتضفي قيمة جمالية خاصة مع انعكاس الضوء على الحوائط الداخلية، كما أنني استفدت من نصائح بعض الزملاء في وكالة الآثار والمتاحف في وزارة التربية والتعليم، حيث قدم لي محمد الصنداح ومساعد الوشمي نصائح مهمة بحكم تخصصهما في هذا المجال.
وعن بداية التنفيذ أوضح الشمالي أنه تم البدء في التنفيذ على مراحل وحسب خطة زمنية تتماشى مع الإمكانات المادية والتخطيط المستقبلي، حيث بدأت في مرحلة البحث عن الماء من خلال حفر بئر ومن ثم التشجير تلاها التسوير،
وأوضح الشمالي أن جميع أثاث الديوانية تم تصنيعه من الأخشاب والنحاس، وبزخارف تتماشى مع الطابع النجدي، مشيرا إلى أنه سافر إلى مصر لتصنيع بعض قطع الأثاث والديكورات والمغاسل وتوابعها، والتي شكلت لوحة جمالية متكاملة نظرا لعدم توافر بعض القطع في السوق المحلية.
وعن مدى تحقيق الديوانية لأهدافها التي رسمها، أكد الشمالي أنه انتهى للتو من بعض التجهيزات التي يمكن من خلالها أن تؤدي الديوانية رسالتها للمجتمع، موضحا أن هناك مجلسا يوميا بين صلاتي المغرب والعشاء، يحضره العديد من الأعيان وكبار السن والشباب في المحافظة، يتم فيه تبادل الأحاديث والأشعار وبعض الروايات والقصص القديمة، كما زار عدد من المسؤولين من داخل المملكة وخارجها الديوانية كجزء من برنامج زيارتهم لمحافظة المزاحمية، ذكر منهم وزير الشباب والرياضة الهندي، القنصل المصري، سفير الهند، الشيخ حسين آل شيخ إمام وخطيب الحرم النبوي، ومسؤولين مدنيين وعسكريين وأعضاء مجالس بلدية ومحلية لمناطق مختلفة في المملكة.

الأكثر قراءة