ثقافة العيب
صديق يعمل في إحدى الدول الغربية، كان في الرياض الشهر الماضي وشكى لي مصاعب الصوم هناك، وتمنى لو يقضي الشهر الفضيل في الرياض، استغربت شكواه وتوقعتها بسبب ساعات الصيام الطويلة في تلك البلاد، ولكنه أكد لي أنهم يصومون نفس الساعات في الرياض.
شكوى صديقي أنه يفتقد الأجواء الروحانية في تلك البلاد، وأنه لا يوجد دافع ومحفز هناك للتعبد والتقرب من الله سبحانه وتعالي ، كل شيء هناك مختلف عن بلادنا، التي يرى صديقي أنها من البلاد القليلة التي تقربك من الله وتحفزك للعبادات.
بكل أمانة أستغرب من حال صديقي وحال الكثير معه، فالرب جل وعلا واحد في كل بقاع الأرض، العلاقة بين العبد وربه ليس لها وطن أو زمان، يمكنك أن تعبد ربك عبادة خالصة له وأنت في أي مكان في العالم ولا تحتاج إلى تشجيع مجتمعك أو من حولك. أنت تعبد الله وتطيعه طاعة خالصة لوجهه سبحانه وتعالى، لا تطيعه من أجل مجتمعك أو من أجل فلان وعلان.
أستغرب حال البعض الذي تنقلب حياته رأسا على عقب بمجرد مغادرة البلاد، وكأن الصلاة والصوم وطاعة الله لا تجب إلا في بلدنا، امرأة تتكشف وتغير لباسها في الخارج وعندما يعلن كابتن الطائرة ربط الأحزمة للهبوط في أحد مطارات السعودية تتناسى كل شيء وتعاود ارتداء الحجاب وكأن الله سبحانه وتعالى لا يراها إلا في السعودية ولا يحاسبها إلا هنا.
أظن وبعض الظن إثم أن غالبية العادات والتقاليد وثقافة العيب نخشاها أكثر من أي أمر آخر، وهي سر الازدواجية في شخصيتنا والتناقضات العجيبة في تصرفاتنا، أجزم أنها السبب في جعل بعضنا يلتزم بالثوابت والضوابط هنا، لكن لا يعرفها وهو يعصي ربه هناك.