لوتاه: دبي ستحل محل هونج كونج تجاريا .. قريبا
"الاقتصادية" تستنطق الحاج سعيد لوتاه في حديث الذكريات:
للحاج سعيد لوتاه حضور قوي على مستوى الإمارات خصوصاً والمنطقة عموماً، ما أهله للفوز بلقب رجل الاقتصاد الإسلامي الأول وذلك في الاستبيان الذي أجرته مجلة (الاقتصاد والنفط)، وجاءت نتيجة الاستبيان الذي أجرته المجلة على قرائها في اختيار الشخصية الاقتصادية الإسلامية مؤكدة حصول سعيد لوتاه على 82 في المائة من إجمالي الترشيحات، وأشارت الترشيحات إلى أن الجهود الشخصية والأنشطة الاقتصادية لسعيد لوتاه كان لها الأثر البالغ في دعم مسيرة التنمية والبناء التي تشهدها الإمارات.
ويعتبر سعيد لوتاه أحد رواد الحركة الاقتصادية في الإمارات، وعلى مدى أكثر من خمسين عاما اختط نهجا اقتصاديا متميزا رسخ من خلاله نظرة جديدة للاقتصاد الإسلامي وما يتميز به من مرونة حضارية تؤهله لكل زمان ومكان، فقد أسس بنك دبي الإسلامي الذي يعد أول بنك إسلامي في العالم. والمؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم وتشمل كليتي دبي الطبية للبنات ودبي للصيدلة، مركز دبي الطبي التخصصي ومختبرات الأبحاث الطبية والطب البديل.والمدرسة الإسلامية للتربية والتعليم بشقيها البنين والبنات والمعهد التقني وجامعة آل لوتاه العالمية بالإنترنت وهى تحت الترخيص.
في حوارنا هذا نسافر مع الحاج سعيد لوتاه في حديث الذكريات عن البدايات والتاريخ وعن هموم اليوم والآفاق الرحبة المفتوحة التي لعبت دوراً مهماً في نجاح دبي وتحولها إلى مركز جذب للجميع، فهي على حد قوله "حواشة"، وكل من يزورها مرة لا يستطيع البعد عنها ويشتاق لها، فناسها الطيبون وسياستها المنفتحة ومختلف التسهيلات تجعلك زائراً دائماً لدبي.
وأشار لوتاه في حديثه إلى مدى انفتاح دبي وقدرتها منذ القدم على جذب الجميع لها، وأن كل ما نراه اليوم من تميز وتطور ونهضة في دبي رسمها الشيخ راشد وتابعها حكام دبي، وتحدث عن المرأة وكيفية العمل على توفير المناخ الملائم لها كي تكون خريجة جامعية حاصلة في نفس الوقت على شهادتين واحدة علمية وثانية في كيفية إدارة المنزل، وبرغم ما قدمه للمرأة يعترف بكل تواضع أنه لم يقدم شيئاً يستحق الذكر. فإلى نص الحوار:
من هنا بدأت قصة دبي
لنبدأ الحوار بمقارنة الماضي بالحاضر خليجيا، كيف ترى التعامل الاقتصادي لدول الخليج في البدايات، هل هو أفضل من الحال اليوم، هل خططوا لشيء وحدث شيء آخر؟.
حقيقة دول مجلس التعاون لم يعملوا شيئاً، لا تعاون ولا غيره.
كيف لم أفهم ؟.
أنت بدورك قل لي ماذا عملوا؟ وأين هي الوحدة، لكن بالمقابل نحن في الإمارات نفتح أبوابنا للجميع، بينما الدول الأخرى لا تتصرف مثلنا. وبالمناسبة السوق مهمة لكننا كما يبدو نتحول إلى "خدام للسوق" والآخرون لا يعرفون ماذا يعملون، تقول تعاون، إذن لماذا البطاقات ولماذا الشرطة ولماذا البلديات أليست كلها للخدمات، ففي مثل هذه الحالة تحولنا جميعاً إلى "خادمين للسوق". وهنا أقول لك من هو الحاكم، إن الحاكم مشتق من الحكمة، وليس الذي يحكمنا، لماذا لا نفهم ذلك، فمثل هذا الفهم يزيد من اقتصادنا ويزيد من معرفتنا وتجربتنا وربحنا. واليوم تغيرت المفاهيم، ودخل "البقشيش" على الخط، ونحن نفضل أن نتعامل بشكل لطيف ونهيئ كل ما يلزم للمتدربين كي نؤهلهم بشكل جيد، ونخجل أصلاً من التعامل مع الآخر بشكل سيئ.
كيف كانت علاقة التجار مع بعضهم في دبي؟.
دبي تميزت كمركز تجاري بحكم وجود البحر والميناء حيث يتجمع فيها الناس والسفن والبضاعة، فدبي عندنا بالمثل الشعبي "حواشة" أي أنها تحوش الجميع من كل العالم وتحضرهم إلى هنا، واليوم دبي هي كذلك الكل يلتقي فيها، والسبب في ذلك أن الحكومة في دبي منذ البدايات وإن شاء الله دائماً يفرحون للناجح حتى لو لم يكن مواطنا ولا يحرقونه في السوق بل يوفرون له كل التسهيلات، وهذه سياسة دبي منذ أيام الشيخ راشد رحمه الله وقبله الشيخ سعيد وما زالت كذلك حتى اليوم.
وأقول لك إن دبي اليوم مزدهرة بسبب سياسة الحكام فهم يدعمون الناس ويفرحون لنجاحهم.
هل لك أن تحدثنا عن أهم الأسماء المعروفة في عالم التجارة قديماً في دبي؟.
إنهم كثر من العرب والعجم الذين جاءوا من إيران أيام الشاه.
ماذا كان دور الإيرانيين والهنود؟.
الهنود كانوا قليلي العدد، بينما الإيرانيون كانوا كثر.
كيف كانت علاقتكم كتجار مع الشيخ راشد؟.
أقول لك إن عائلة لوتاه كما تعرف كانوا تجار لؤلؤ منذ القدم، وتربطهم علاقة طيبة مع كافة الحكام، لم يكن حينها لدى الحكام "بيزات" أي فلوس وأموال كثيرة، بينما بعض التجار لديهم أموال بحكم التجارة وكانوا كرماء ومصلحين، لدرجة أنهم يتدخلون في حالة وقوع مشكلة ما فيما بين الحكام، لذلك تركوا لنا سمعة طيبة وعلاقات ممتازة مع جميع الحكام، وقد كان والدي من أصدقاء الشيخ سعيد ومن بعده الشيخ راشد، وأنا بدأت مع الشيخ راشد وقد كنت شاباً حينها، وكلفني في كثير من المهمات عند بداية تأسيس الدولة وقد رشحني البعض حينها إلى مناصب في الدولة لكن الشيخ راشد قال لهم: لا اتركوا سعيد معي. وكان يستشيرنا في كل شيء؛ وأذكر مرة أنه عندما فكر في توزيع الأراضي على ذوي الدخل المحدود وقبل أن ينفذ ما يفكر فيه طرح الموضوع علينا وتحدثنا فيه من مختلف جوانبه وكان الشيخ راشد يدقق في كل ملاحظة يسمعها ويتناقش مع صاحبها كي يعرف رأي كل واحد منا.
هل كان الشيخ راشد يأخذكم في جولاته؟.
كان لديه خمسة مجالس، والعمل بالنسبة له يبدأ من الفجر حتى الثامنة صباحاً ثم ينطلق في جولاته في السيارة ومن بعدها ينطلق إلى المجلس الكبير حتى الساعة الواحدة وهكذا. وكان خلال الجولات يقف ويقول نريد أن نعمل كذا وكذا، كان يأخذ معه من يثق به ويساعده في الرأي والمشورة. وبصراحة أقول "لولا الله ثم راشد ما استوت دبي".
ماذا كان دوركم كتجار ورجال أعمال في دبي وماذا قدمتم لها؟.
نحن من عمّر دبي، لولا التجار لكانت دبي مثلها مثل غيرها، مثلاً أقول لك أنا أسست شركة منذ عام 1956م وهذه الشركة وغيرها من الشركات التي أتت لاحقاً هي التي عمرت وشيدت وبنت دبي، وها أنت اليوم ترى أين وصلت دبي، ومعروف عن دبي أنها دائماً عندما تريد إنجاز شيء تنجح بعد فترة وجيزة على أرض الواقع لأن التجار يتحركون بشكل جيد.
بعد الشيخ راشد، كيف هم حكام دبي اليوم وعلاقاتهم مع التجار؟.
كان في مجلس الشيخ راشد كل تاجر يتكلم حتى النهاية بما يريد وبكل حرية، كما كان هناك تشاور مع الجميع، وأنا أعرف أن حكام دبي اليوم ماضون في نفس الطريق. هذا مع العلم أن كل منجزات دبي رُسمت وخُطط لها في عهد الشيخ راشد. وأقول لك كيف بدأت القصة، كان هناك توجه أن تحل دبي محل هونغ كونغ عندما كان الإنجليز ينوون مغادرتها، فكانت خطة الشيخ راشد أن تحل دبي محل هونغ كونغ في التجارة والحركة، واليوم ها هم حكام دبي زادوا على ذلك بأن تحل دبي محل هونغ كونغ وسنغافورة وأكثر. وأنت تعرف أن فكرة ميناء جبل علي كانت من الشيخ راشد.
قصة ميناء
ما هي قصة الميناء الذي يعتبر أساس تطور دبي؟.
أولاً كان هناك خور دبي، وكانت البواخر تأتي لنا فقط كمحطة سريعة تنزل البضاعة وتغادر، فقط كانت السوق عندنا بسيطة ومتواضعة، فقرر الشيخ راشد الاستفادة من هذه الحالة ومن هنا تم العمل على بناء ميناء وقد تم إنجازه في عام واحد فقط. كما ارتأى الشيخ راشد أن السفن بحاجة إلى حوض جاف، فكان له أن يرى النور، وكان الشيخ راشد يحب الصحراء ويتجول فيها ويكتشف ويفكر لما فيه مصلحة البلاد. وعلى هذا النهج يسير حكام دبي والشيخ محمد بن راشد الذي انطلق بقوة أكثر لأنه أكثر شباباً، ونحن كنا مع أبيه وما زلنا اليوم معه، وهو ليس مغامراً. كنا فريقا واحدا مع راشد، واليوم نحن كذلك مع محمد بن راشد الذي ركز على الشباب وشكل "المجلس الاقتصادي" الذي ضم أربعين شخصاً من كبار التجار ورجال الأعمال. ودبي منذ القدم وما زالت كل من يأتي إليها يحبها ويعشقها، فهي محبوبة من الجميع ومحبوبة بسبب أهلها، وإذا أحب المرء البلد أعطاها وأخلص لها. هذا هو سر دبي.
هل كنتم تتوقعون أن تصل دبي إلى ما هي عليه اليوم؟.
لا. لم يكن لدينا مثل هذا التصور.
ما هو رأيك لما يجري في دبي من تطور وتضخم ومشاريع ورؤوس أموال؟.
رأيي أن من وصل لهذا المستوى لا يكفي فقط المحافظة عليه، بل الاستمرار بقوة إلى الأمام وعدم العودة أو التراجع إلى الوراء. وبهذا الصدد أستطيع أن أؤكد لك أن هذا هو نهج دبي وسياستها منذ القدم، وهي لا تمنح الفرصة لمن يريد أن يستغل ولا تسمح لأحد أن يستغل أحدا بل يعمل الجميع بكل حرية ومن أجل المصالح المشتركة، ففي دبي توازن دائماً لذلك الكل منتفع منها بلا ظلم من طرف على طرف. وبالتالي يسعى الجميع للمحافظة عليها.
هل لك ملاحظات على التطور الاقتصادي والنهضة في دبي؟.
لا، لكن لدي ملاحظات على السوق المالية تتعلق بوجود المضاربة، فالمضاربون ليس لهم قيمة بل يشكلون خطورة ويؤثرون على تعاملات الناس.
وما هو رأيك بالعقارات إذن وأنت واحد من الأوائل في هذا المجال؟.
لا سوق العقارات مسألة مختلفة. سيما وأن النقود عندما تكون في أيدي الناس قد تكون وسيلة تضخم، وقد تؤدي إلى انهيار، لكن عندما تتحول إلى بضاعة وعقارات فهذا يكون أفضل بالتأكيد، وبرغم الكثرة في المشاريع العقارية والاستثمار العقاري لكن ذلك لا يشكل خطورة لأن سياسة دبي المنفتحة تعمل على تشجيع وجذب المستثمر، فالبلد مفتوح للجميع والناس بحاجة إلى سكن ومكان عمل وهناك تسهيلات عامة وخدمات متنوعة تساعد الجميع. لكن بعد عشر سنوات مثلاً لا أحد يدري كيف ستكون الأمور، فالأمور مرتبطة بمختلف الظروف المحلية والإقليمية والدولية وهذا على مستوى العالم.
إذن هل تؤمن بما يجري في دبي؟
إن دبي مركز مهم على مستوى المنطقة، فهي مركز جذب وبرزت بشكل كبير منذ البدايات وما زالت في حالة تقدم، فالشيخ راشد خطط كي تكون بديلة لهونغ كونغ وتابع الشيخ محمد بن راشد كي تكون بديلة أيضاً لسنغافورة.
وهل وصلت دبي إلى هذه المكانة التي تتحدث عنها؟.
أعتقد نعم، فقد تطورت الأمور ووصلت إلى مستويات عليا من النجاح، وكما هو معروف النجاح يولد النجاح، فعندما تنجح في مهمة فإن هذا النجاح يقودك إلى النجاح في مهمة أخرى جديدة. وأنا نفسي نجحت والحمد لله باستمرار وكان النجاح يقودني دوماً إلى نجاح جديد.
الجانب الآخر
لننتقل إلى الجانب الآخر في حياتك ونتكلم عن البدايات ..كيف كانت؟
البداية كانت بأول غرفة بنيتها بيدي هاتين، وهذه الغرفة هي المكتب الخاص بي الذي بدأت من خلاله أمارس نشاطي التجاري المتنوع في بداياته، هكذا كانت البداية.
وما هي المشاريع التي شيدتها؟.
الآن شركتي تتكون من ثلاثة أقسام، ونأخذ عطاءات من الحكومة ومن غير الحكومة أي من القطاع الخاص، ولدينا قسم عقاري خاص بالعقارات.
وبنك دبي الإسلامي ؟
البداية كانت برأسمال خمسين مليون درهم واليوم قفز الرقم إلى مليارات الدراهم.
لك اهتمام بالمرأة وفلسفة خاصة، ما تلك الفلسفة؟.
الله سبحانه وتعالى لم يفرق بين الرجل والمرأة في المسؤولية، فهل يحق لنا التفريق، ويجب أن يكون لنا في رسول الله قدوة حسنة، ولنتذكر كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتصرف، وكذلك حكامنا.
ماذا عملت للمرأة؟.
لم أعمل لها شيئاً. لكن هناك كلية طب وكلية صيدلة، ونحن نعتمد في سياستنا تجاه المرأة الخريجة على أن تحصل في النهاية على شهادتين، واحدة في التخصص العلمي الذي تدرسه، وأخرى وهي مهمة جداً حول إدارة المنزل وكأنها تحصل على شهادة في إدارة المنزل والمطبخ والأكل الصحي والوعي الصحي، وواجباتها المنزلية، ولا تنسى أن الزواج عبادة، ونحن نربي بناتنا بشكل سليم كما أننا بصدد التطوير كي تكون الخريجة ناجحة في العلم والعمل والحياة. والكليات يتوافر فيها كل شيء من مطابخ ومزارع ليتعلم الجميع أمور الحياة والعلوم. والبحوث التي ننجزها جيدة.
لماذا هذا الدافع للاهتمام بالمرأة ؟.
هذا الاهتمام نابع من الإسلام؛ الإسلام نظام متكامل اقتصادياً واجتماعياً وفكرياً، هكذا يأمرنا الإسلام والقرآن.
التعليــم
وكيف ترى التعليم في الإمارات؟
كل الذين يعملون في الحقل التربوي والتعليمي والذين بيدهم مقاليد الأمور يبذلون جهوداً كبيرة ومقدرة للنهوض بالعملية التربوية والتعليمية. فيعقدون لذلك الندوات والمؤتمرات وتوضع البرامج لإيجاد منافذ للخروج من أزمة التعليم التي يجأر بالشكوى منها الجميع. وهذا بالقطع سعى حميد لكوننا نتحرك بأنفسنا لحل مشاكلنا دون أن ننتظر الغير لكي تأتينا الحلول والبرامج من الخارج معلبة وجاهزة. ولكن في رأيي أن نظم التعليم الحالية وبالنظر إلى حاجتنا إلى التعليم ولماذا نتعلم، لا تتناسب مع متطلبات العصر وحاجة المجتمع بتأهيل أبنائنا وإعدادهم الإعداد الحقيقي الذي من شانه أن يجعلهم قادرين على أن يكونوا كوادر فاعلة في المجتمع والإسهام في تطوره.
ما الذي تقصده؟
مثلاً هذا الكم الهائل من المقررات الدراسية وهذا البحر الهادر من المعلومات المتداخلة والمتشابكة تربك أبناءنا ويصعب عليهم فهمها. وحتى من استطاع فهم جزء منها فهي لا تفيده في شيء. ثم هنالك ظاهرة التسرب التعليمي حيث يصاب الطلاب بالملل من طول مدة الدراسة إضافة إلى أن الذين يتخرجون من الجامعات يكونون في سن متقدمة وبعد ذلك عليهم أن يتدربوا على ما تعلموه ومن ثم يأتي البحث عن فرصة للعمل ثم التفكير في تكوين أسرة إن وجد العمل. فكم يا ترى متوسط عمر الإنسان ( والأعمار بيد الله ) مقارنة بكل ما سردناه؟. وفوق هذا وذاك قل لي بالله .. كيف يستوي أن يربى أبنى ستة أو سبعة معلمين يدخلون عليه كل يوم بأفكار ولهجات مختلفة وطباع وأمزجة متباينة؟. أليس ذلك مدعاة لعدم تركيز الطالب وتشتيت ذهنه؟. لا شك في أنه أسلوب تربوي غير سليم ويؤدى إلى تأثير سلبي في سلوك الطالب وتكوين شخصيته.
نحن قد بدأنا منذ مدة وطبقنا نموذج المدرسة الإسلامية للتربية والتعليم باختصار سنين الدراسة وتأهيل الطلاب التأهيل العلمي والعملي الذي يعينهم في حياتهم الدينية والدنيوية. ورأينا أن محور هذه العملية التربوية التعليمية هو المعلم الشامل أو أستاذ الصف كما يسميه البعض. ونظمنا دورة تأهيل المعلم الشامل على مدار العام كل ستة أشهر عبر الإنترنت بالتعاون مع إخوتنا في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والذين يولون هذا الأمر اهتماما ورعاية كبيرتين. والهدف من ذلك هو تأهيل المعلم الشامل وتزويده بكل علوم المعرفة وأساسيات التربية السليمة. ومن هذا المنبر أدعو كل الحادبين والمهتمين بأمر التربية والتعليم في وطننا العربي والإسلامي للوقوف على هذا النموذج الرائد وتوسيع قاعدة تطبيقه وإثرائه بإضافة كل ما هو جديد .. نافع ومفيد حتى تعم الفائدة.
من هو الحاج سعيد لوتاه ؟
رجل عرف بعصاميته وصبره وجلده، فقد بني لنفسه اسماً ومجداً وشهرة وقبل ذلك إيماناً راسخاً وعزما لا يلين. عرك الحياة وعركته السنون فأكسبته خبرة ودراية وبصيرة متأملة في أمور الدين والدنيا. فنفذ كثير مما هداه إليه تفكيره في مجال الاقتصاد أو التعليم أو غيرهما.
وهبه الله تعالى قلباً كبيراً مليئاً بالحب والصفاء والطهر وفكراً ثاقباً وموهبة في الإبداع والابتكار وجرأة وانطلاقة في المبادرات الرائدة في مجال الأعمار والاقتصاد والتجارة والتربية والتعليم فكرس كل ذلك في مسيرة حياته المشوبة بالصعاب والآلام والمسرات والعطاءات .
هو إنسان متواضع تواضع المؤمن الصادق. تجده مع الكبار حكيما ومستشارا ومع عامة الناس خدوما يحب لهم الخير. هذه السمات انغرست في شخصيته وهو طفل صغير داخل أسرة كبيرة عريقة ووسط رعاية أبوية حكيمة وأمومة واعية. فنشأ راشداً يروم البحث والتأمل في كل شيء ويسأل عن أي شيء. فتشكلت في دواخله لبنات النضج والرجولة والذكاء.
بدأ حياته مساعداً لوالده في تجارة اللؤلؤ اختباراً وإصلاحا وبيعاً وشراء وهو لم يبلغ الثانية عشر من عمره. حج مع والده لبيت الله الحرام عابراً صحراء الربع الخالي على ظهور الجمال عام 1358هـ ثم عاد من الحج مع والده على المراكب الشراعية ليكمل بعدها نصف دينه وهو في سن السادسة عشر.
ركب البحر وهو في مقتبل عمره ليجوب سواحل إفريقيا الشرقية على مدى أربع سنوات وأصوات طبول الحرب العالمية الثانية تسمع في البر والبحر.
عاد من هذه الرحلة للاستجمام والاستئناس مع أهله، إلا أن أعمامه بموافقة والده قد رشحوه ليكون معلما في السفينة في رحلة جديدة إلى الهند نظراً لمعرفته للاتجاهات وحركة النجوم التي برع فيها. ومع بداية الرحلة ومع أول خطر واجههم، صار رباناً وقائداً للسفينة وهو مازال في ريعان شبابه في رحلة امتدت إلى بومبى ثم إلى سوقطرة فيها من الطرائف والعجائب والعظات والعبر ما يماثل قصص الخيال في ألف ليلة وليلة.