دول الخليج وحل الأزمة المالية العالمية

[email protected]

نعتقد أن دول مجلس التعاون الخليجي مؤهلة للمساعدة على حل الأزمة المالية العالمية التي لم تنته فصولها بعد لما تمتلك من إمكانات مالية ضخمة في صناديقها السيادية. ويمكن للمساعدة أن تتم بواسطة تعزيز قدرة صندوق النقد الدولي على توفير مبلغ قدره 250 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر تضررا على الخروج من الأزمة المالية
يعد موضوع إنقاذ الاقتصاد العالمي أمرا حيويا في ضوء توجه بعض الدول لإعلان إفلاسها. لاحظ على سبيل المثال، توجه آيسلندا لإعلان إفلاسها قبل حصولها على قرض بقيمة ملياري دولار من صندوق النقد الدولي لمساعداتها على الخروج من الأزمة بعد الكشف عن وجود صعوبات لدفع رواتب موظفي القطاع العام.
كما حصلت المجر على قروض بقيمة 25 مليار دولار من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي لغرض إعادة الثقة للاقتصاد المجري لمواجهة الأزمة. وبمقتضى اتفاق مع المجر يقدم صندوق النقد الدولي قرضا بقيمة 15.7 مليار دولار مقابل مساهمة قدرها 1.3 مليار دولار من البنك الدولي بينما يوفر الاتحاد الأوروبي المبلغ المتبقي.

إحصاءات ضخمة
حسب الإحصاءات المتوافرة، تبلغ القيمة المالية للصناديق السيادية لدول المجلس نحو 1500 مليار دولار (أي تريليون ونصف تريليون دولار). حقيقة القول، تعد الإمارات رائدة العالم في حجم أصول صندوقها السيادي حيث يبلغ 875 مليار دولار. كما تأتي السعودية في المرتبة الثانية خليجيا والرابعة عالميا حيث تمتلك 300 مليار دولار. إضافة إلى ذلك، تمتلك الكويت نحو 250 مليار دولار وتليها قطر بنحو 40 مليار دولار. يبقى أن الأرقام هنا تختص بالصناديق السيادية ولا تشمل أصول الأفراد والمؤسسات.
وفي كل الأحوال، يعد الرقم 1500 مليار دولار متميزا حيث يزيد بنحو 80 في المائة على حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس الست مجتمعة. والأهم من ذلك، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي ربما تتضاعف القيمة المالية للصناديق السيادية لدول الخليج إلى نحو ثلاثة تريليونات دولار مع حلول عام 2010, أي نصف قيمة الصناديق السيادية في العالم.
جولة براون
المعروف أن رئيس الوزراء البريطاني قاد حملة تشجيع دول الخليج على المساهمة في تخفيف الأعباء المالية عن كواهل الدول المتضررة جراء الأزمة. وكان براون قد زار كلا من السعودية, قطر, والإمارات على التوالي الأسبوع الماضي ضمن حملته لإنقاذ الاقتصاد العالمي. حقيقة القول، ازدادت شعبية براون على الصعيدين المحلي والدولي في الآونة الأخيرة بعد أن جعل من بلاده رائدة في إيجاد حلول مبدعة للأزمة المالية العالمية.
فقد ظهرت بريطانيا بمظهر زعيمة للعالم في طرح الحلول رغم أن الأزمة اندلعت في الولايات المتحدة. وشملت الخطة البريطانية مواجهة المعضلة المالية من ثلاثة محاور وهي:
1) شراء بعض الأصول أو القروض المتعثرة.
2) استحواذ ملكية مسيطرة لبعض المؤسسات المالية بواسطة شراء أسهمها بعد تراجع قيمتها, وبالتالي التأثير في قراراتها.
3) إصدار خطابات لضمان القروض بين البنوك لغرض تعزيز وضع السيولة في الأسواق.
مرحبا بالاستثمارات الخليجية
المؤكد هو أن هناك قبولا دوليا متزايدا للاستثمارات الخليجية كما تبين حديثا مع تجربة مصرف باركليز البريطاني. وكان البنك قد أعلن حديثا توقعه جمع نحو 12 مليار دولار من مستثمرين من الإمارات وقطر على وجه التحديد لمساعدته على تعزيز أوضاعه المالية. ربما قرر "باركليز" الحصول على استثمارات خليجية وليست حكومية بريطانية لأسباب خاصة من قبيل عدم رغبة المستثمر الخليجي في ممارسة ضغوط علنية على المصرف, أي الابتعاد عن كشف المستور لوسائل الإعلام.
استنادا إلى تقرير الاستثمار العالمي لعام 2008 الصادر من قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو (الأونكتاد) بلغت قيمة التدفقات المالية المغادرة من دول مجلس التعاون 41 مليار دولار في عام 2007 أي نحو ضعف السنة السابقة. وتشير تقارير مختلفة إلى وجود رغبة دول الخليج في الاستثمار في القطاعات المالية والصناعية والاتصالات والمواصلات ومرافق البنية التحتية على مستوى العالم.
ختاما من شأن إعادة الحياة للاقتصاد العالمي تقديم خدمة لاقتصادات دول المجلس، إذ من الممكن ارتفاع أسعار النفط من جديد. يسهم دخل القطاع النفطي بنحو ثلاثة أرباع دخل الخزانة العامة في دول الخليج. وكانت أسعار النفط قد تهاوت بشكل كبير في الأسابيع القليلة الماضية على خلفية التخوف من تراجع مستويات النمو الاقتصادي العالمي. بل توفر فرصة المساهمة في حل الأزمة المالية فرصة لتعزيز المكانة الاقتصادية لدول التعاون على الصعيد العالمي, خصوصا بالنسبة إلى المستثمرين الدوليين.
يشار إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله سيشارك في قمة مجموعة العشرين في العاصمة الأمريكية واشنطن منتصف الشهر الجاري. وعلمت من مصدر دبلوماسي رفيع أن زعماء دوليين آخرين يرغبون في المشاركة في القمة لكنهم لم يحصلوا على دعوات من الرئيس الأمريكي جورج بوش. وستمنح القمة فرصة للرئيس الأمريكي المنتخب (باراك أوباما) للتعرف على آراء جملة من قادة العالم بخصوص طرق إنهاء الأزمة المالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي