كل لقافة وأنتم بخير!

[email protected]

يندر أن يمر أسبوع دون أن يقع أحدنا في شباك أحد (الفضوليين) أو (الملاقيف) كما يطلق عليهم في لهجتنا الشعبية الدارجة, فهم أكثر من أن يحصوا بل إنني أشعر أحياناً أن عددهم متقلب حسب تقلب الجو, فالمتزن قد يصبح ملقوفاً , وقد يصبح الملقوف متزناً في أي لحظة, لكن الأكيد أنهم يمثلون فئة لايستهان بها من سكان العالم ككل, رغم اختلاف نسبتهم من دولة إلى أخرى بحسب الإرث الثقافي والاجتماعي لتك الدول.
ولأنني متأكد من أن لا وجود لأي احصاءات رسمية لعدد الملاقيف في أي دولة من دول العالم فسأتحدث هنا عن الملاقيف المحليين الذين نصادفهم في شوارعنا وأسواقنا وأماكن عملنا وحتى في بيوتنا أحياناً وسأحاول تقسيمهم إلى فئات, عل هذه الزاوية تكون بذرة لمشروع دراسة اجتماعية (لا يعلى عليها) عن ظاهرة اللقافة في بلادنا.
وبما أن "الأقربن أولى بالمعروف" فيمكن أن نبدأ بفئة (الزوجة الملقوفة) وهذه الفئة حسب علمي أعلى فئات الملاقيف نسبة, فمن شبه المستحيلات وجود زوجة لا تتمتع بلقافة ظاهرة مدعومة بما يسمى (الحاسة السادسة) ولعل من أبرز ممارسات هؤلاء الزوجات تفتيش جيوب ملابس الضحية أولاً بأول وخصوصاً يوم 25 من الشهر الهجري إن كان الضحية موظفاً حكومياً, إضافة إلى الاتصال هاتفياً به أكثر من مرة إن كان خارج المنزل وابتداء كل مكالمة بالسؤال التقليدي المشهور (وينك؟).. طبعاً هذا لا يعني عدم وجود (الزوج الملقوف) مع اختلاف نسبة اللقافة بينهما!
تأتي بعد ذلك فئة (الجار الملقوف) وهو الجار الذي يفتح باب منزله كلما عدت من السوق وتوقفت بسيارتك أمام منزلك, بحيث يوحي لك أن الأمر مجرد مصادفة لتتساءل عن سر تكرر هذه المصادفة كل مرة, وهو لا يكتفي بذلك فقط بل سيقفز للسلام عليك وعيناه تصوران بالأشعة السينية وأشعة إكس محتويات الأكياس التي تحملها, وسيحدثك عن غلاء الأسعار المواد الغذائية وعن انهيار البورصات العالمية, وارتفاعا اسعار البناء والانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة قبل أن يهم بالعودة إلى منزله متحججاً بأنه سمع صوت السيارة فخرج متوقعاً أنك زائر منتظر.
تأتي بعد هذه الفئة فئة (زميل العمل الملقوف) وهو الذي يواجهك على باب عملك صباحاً ليسألك عن نوع الشماغ الذي ترتديه, وعن سر عدم تغييرك سيارتك التي اشتريتها منذ عامين وعن أسعار الأراضي في الحي الذي تسكنه وعن إن كنت تسكن في بيت ملك أو إيجار, وغيرها من الأسئلة التي تحاول في مجملها كشف جميع أوراقك, ليقارنها بأوراقه التي لم يكشفها لك تحرزاً من الحسد والعياذ بالله, وليعرف مدى المسافة الفاصلة بين أوراقك وأوراقه ليطمئن على وضعه العام .
ولا أخفيكم أنني في هذه اللحظة التي أواصل فيها محاولة حصر الملاقيف بت أعايش نفس الحالة التي عايشها الشاعر القائل ( تكاثرت الظباء على خراش .. فما يدري خراش ما يصيد) ولكن بتعديل بسيط لتحل (فئات الملاقيف ) مكان كلمة من (الظباء), فهناك ما لايمكن حصره من فئاتهم كالطبيب الملقوف والحلاق الملقوف وعامل البقالة الملقوف وعابر الطريق الملقوف وشرطي المرور الملقوف, وهذا الأخير صوره المسلسل الشهير (طاش ما طاش) في إحدى حلقاته القديمة, عندما كان ذلك الشرطي يتشوق للقفز في وجه كل مخالف أو غير مخالف ليصفعه بسؤاله المكرر: (وين تشتغل أنت ؟!), وكل لقافة وأنتم بخير!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي