أسباب تعثر مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة الخليجية – الأوروبية

أسباب تعثر مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة الخليجية – الأوروبية

مضى على مفاوضات التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي 20 عاما أي منذ عام 1988 ولم تخرج إلى النور. ويطرح الاتحاد الأوروبي دوما مسائل يتحجج بها مثل قضايا تتعلق بحقوق الإنسان تارة وتارة أخرى بقضايا بعيدة كل البعد عما يجري من حراك سياسي في منظومة مجلس التعاون تتعدى نطاق الاقتصاد وحدوده ويريد تضمينها في بنود الاتفاقية.
ولو كان الاتحاد الأوروبي جادا في التوصل إلى اتفاق لتمكن من التوصل إلى اتفاق في وقت مبكر جدا مع دول مجلس التعاون. ولكن ما الأسباب الحقيقية التي تقف وراء عدم جدية الاتحاد الأوروبي من توقيع تلك الاتفاقية؟ ولماذا يستفيد الجانب الأوروبي من صفقات تجارية ضخمة ومربحة في الخليج ولا يستفيد الخليجيون بالمثل في السوق الأوروبية؟ ولماذا يركز الاتحاد الأوروبي فقط على العمل والحفاظ مع دول التعاون على أمن وإمدادات الطاقة خصوصا بعدما أظهرت سوق الطاقة في الفترة الماضية حساسية شديدة تجاه العرض والطلب؟
صحيح أن دول مجلس التعاون ذو أهمية حيوية ولكنه لا يزال كقوة اقتصادية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي قوة متناهية الصغر. فالناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي كأكبر تكتل اقتصادي في العالم يبلغ ناتجه المحلي الإجمالي نحو 14.5 تريليون دولار بينما الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي لا يتجاوز 718 مليار دولار (حسب إحصاءات صندوق النقد الدولي عام 2007 ).
أي أن الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي يتجاوز 20 ضعف الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون ورغم استئثار الاتحاد الأوروبي بثلث الواردات مع دول مجلس التعاون ويعد أهم شريك تجاري إلا أن حصته تشهد تراجعا منذ أكثر من عقدين من الزمان لصالح حصة آسيا التي تزايدت إلى الضعف للفترة نفسها، لكن يعد الاتحاد الأوروبي شريكا استراتيجيا مهما في توريد الخدمات والآلات إلى القطاع النفطي رغم أن ثلثي صادرات مجلس التعاون من الطاقة تذهب إلى آسيا.
ما يخيف الاتحاد الأوروبي ارتفاع نسبة الصادرات غير النفطية الخليجية (الكيماوية) إلى دول الاتحاد الأوروبي التي تهدد صناعاته المحلية القديمة وغير القادرة على منافسة الصناعات الخليجية الحديثة ذات الميزة التنافسية العالية، إذ ارتفعت نسبة الصادرات غير النفطية السعودية إلى بريطانيا من 25 في المائة من إجمالي الصادرات إلى بريطانيا عام 1984 إلى أكثر من 59 في المائة من إجمالي الصادرات إلى بريطانيا عام 2006 على الرغم من أن صناعة الكيماويات في بريطانيا من أضخم الصناعات الكيماوية في أوروبا الغربية. لذلك تتعمد أوروبا خلق عراقيل ومماطلات وقيود من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن إقامة منطقة تجارة حرة كي لا تجعل من المنتجات الخليجية غير النفطية معفاة من الضرائب أسوة بمثيلاتها من السلع الأجنبية (وهي تضع رسوما تبلغ 6 في المائة على المنتجات المكررة والألمنيوم عدا الضرائب العالية على النفط التي تصل إلى ثلثي المنتج النهائي للمستهلك بحجة فرض ضريبة الكربون للحد من تلوث البيئة) وهذه الرسوم تتعارض مع مبادئ منظمة التجارة العالمية التي يعلنها الاتحاد الأوروبي في دعوته لسياسة الشراكة مع الدول الخليجية وترفض أوروبا وضع دول مجلس التعاون على قدم المساواة مع 100 دولة حصلت على إعفاءات جمركية على صادراتها من الألمنيوم إلى الاتحاد الأوروبي باعتبار منتجات دول مجلس التعاون منتجات حساسة مما يضعف تنافسية تسويق الصناعات الخليجية تحد من توسع حصتها في السوق الأوروبية.
ولن يقدم الاتحاد الأوروبي على الإسراع في توقيع الاتفاقية ما لم تتعامل دول مجلس التعاون بالمثل في فرض ضريبة مماثلة على السلع الأوروبية أو ربطها باتفاقيات أمن إمدادات الطاقة ما لم تكن هناك حسابات أخرى اقتصادية أو سياسية.
مما يفرض على دول مجلس التعاون الدخول في شراكات جديدة مع كل من الهند والصين واليابان وتكتلات أخرى من العالم لإقامة أسواق حرة عديدة.

[email protected]

الأكثر قراءة