كيفية التعامل مع المخاوف الاقتصادية والأمنية المتعلقة باللاجئين
تناولت في المقال السابق موضوع حماية حقوق اللاجئين في المنطقة العربية والمخاوف الاقتصادية والأمنية، وأتناول في هذا المقال كيفية التعامل مع تلك المخاوف؛ حيث إن هناك العديد من الإجراءات والضوابط التي يُمكن الأخذ بها لكفالة حق الملجأ، مع تحقيق مصلحة دولة الملجأ بإزالة مخاوفها الأمنية والاقتصادية أو التخفيف منها، وتتمثل تلك الإجراءات والضوابط في:
1 ـ مراقبة الحدود والمنافذ البرية والبحرية والجوية للدولة لمنع تسرب المهاجرين غير الشرعيين.
2 ـ منح تأشيرات دخول وإقامة محددة المدة للاجئين، مع وضع آلية لتجديدها.
3 ـ اتخاذ إجراءات ترحيل اللاجئين الذين تجاوزوا فترات إقامتهم.
4 ـ دعم المجتمع الدولي أو الدول الكبرى للدول التي تستقبل اللاجئين بأعداد كبيرة بشكل يؤثر في ميزانيتها العامة.
5 ـ وضع استراتيجية أمنية لمواجهة الحالات الطارئة تتضمن دعم وتدريب الأجهزة الأمنية ذات الصلة بالتعامل بالأجانب ومنهم اللاجئون، وتفعيل دور أجهزة الشرطة فيما يتعلق بهم؛ حيث إن لها دورا مزدوجا يتمثل، من ناحية، في تحقيق الأمن لهم وحمايتهم، ومن ناحية أخرى، في حماية البلاد من الآثار السلبية المترتبة على وجودهم فيها.
6 ـ وضع استراتيجيه اقتصادية في دولة الملجأ ترتكز على دراسة إحصائية لأعداد اللاجئين، وإجراء تحليل لمدى تأثيرهم في الموارد المتاحة في الدولة والمرافق العامة فيها وغيرها من الأعباء المالية؛ بحيث تتضمن تلك الاستراتيجية حلولاً لمعالجة أو مواجهة وجود اللاجئين وتأثيرهم في بعض الظواهر الاقتصادية، مثل التضخم، وارتفاع أسعار العقارات والسلع والخدمات وغيرها؛ كما تتضمن البحث عن موارد بديلة وجديدة لتمويل التنمية ومواجهة وجود اللاجئين على إقليم الدولة المضيفة والذين يشكلون عبئاً على مواردها.
7 ـ تقييد حرية اللاجئين في تملك العقارات، بمنحهم الحق في الانتفاع لمدة محددة؛ بحيث يتم تجديدها مرة أو مرات أخرى. إذ ترتب على وجود أعداد كبيرة من اللاجئين ارتفاع أسعار العقارات بشكل ملحوظ، الأمر الذي دعا السلطات المختصة في بعض الدول المضيفة لهم إلى دراسة مسألة منع اللاجئين من تملك العقارات.
8 ـ تقييد وتنظيم حرية اللاجئين في تملك أنواع معينة من المنقولات كالسيارات مثلاً، وذلك بتقييد تملك اللاجئ لسيارة بشرط التمتع بإقامة سنوية، على أن تحمل أرقاماً خاصة، بحيث يمكن التعرف عليها لتسهيل مراقبة مالكها.
وهنا تثار مسألة مهمة تتعلق بحق اللاجئ في مساواته بالمواطن والمقيم؛ حيث ينظم تلك المسألة مبدآن أساسيان في القانون الدولي هما: مبدأ الحد الأدنى في معاملة الأجانب في القانون الدولي الخاص، ومبدأ حرية الدولة في تنظيم مركز الأجانب الذي يستند بدوره إلى مبدأ السيادة. وعليه فإن الاعتبارات الأمنية قد تدفع الدولة إلى تغليب مبدأ السيادة.
9 ـ الاستفادة من اللاجئين في الدولة المضيفة؛ حيث إن وجودهم يحقق بعض الجوانب الإيجابية، خاصة إذا كانت لديهم أموال يرغبون في استثمارها في شركات ومشروعات منتجة، أو إذا كانوا مؤهلين في تخصصات نادرة؛ حيث يمكن توظيف العمالة المواطنة في الشركات التي يتم إنشاؤها من جانبهم، التي تعمل في مجال الاستثمار وتدريب الكوادر، والعمل في المشاريع التنموية واستغلال الأراضي غير المزروعة، التي لا توجد إمكانات لعمارها. ويتم فتح مجالات العمل للاجئين المؤهلين في المهن المنتجة، ما يدعم اقتصاد الدولة المضيفة.
10 ـ تنفيذ استراتيجية إعلامية تتضمن حملات لتوعية اللاجئين والمواطنين والمقيمين بقوانين ونظم الدولة المضيفة.
11 ـ إجراء دراسات مسحية اجتماعية ونفسية على اللاجئين وعمل سجلات وملفات خاصة بكل منهم وتصنيفهم لمعالجة مشكلة دمجهم مع بعضهم من ناحية، ودمجهم في مجتمع الدولة المضيفة من ناحية أخرى، خاصة إذا كانت مدة إقامتهم في هذه الدولة طويلة أو غير محددة المدة.
12 ـ التنسيق والاتصال بين المنظمات المحلية والإقليمية والدولية فيما يتعلق بإعداد دراسات تتناول أوضاع اللاجئين ووضع الحلول المناسبة لها.
13 ـ أهمية تسجيل اللاجئين لدى مفوضية الأمم المتحدة، ولدى الدولة المضيفة لهم.
ونشير إلى أن المنظمات التي تقدم المساعدة تسعى إلى تحقيق ثلاثة حلول دائمة لمصير اللاجئين:
أ ـ العودة الاختيارية: بتسهيل عودة اللاجئين إلى بيوتهم في أوطانهم إذا كانت حياتهم وحريتهم لم تعد مهددة.
ب ـ الاندماج المحلي: أي سماح الدولة المضيفة للاجئين بالاندماج في بلد اللجوء الأول.
جـ ـ إعادة التوطين في بلد ثالث: إذا كانت إعادة اللاجئين غير آمنة، ورفض بلد اللجوء الأول إدماجهم محلياً.
وقد حددت المواد من 12 إلى 30 من المعاهدة المتعلقة بحقوق اللاجئين الحقوق التي يحق لهم التمتع بها حال الاعتراف بهم كلاجئين:
1 ـ يجب منح كافة اللاجئين أوراق إثبات هوية ووثائق سفر تمكنهم من السفر خارج البلد.
2 ـ يجب معاملة اللاجئين بنفس معاملة مواطني الدولة التي تستقبل اللاجئين من حيث الحقوق والحريات التالية: حرية ممارسة الشعائر الدينية والتعليم الديني، حرية اللجوء إلى القضاء والحصول على المساعدة القضائية؛ الحصول على التعليم الابتدائي؛ الحصول على الإغاثة والمساعدة؛ الحماية عن طريق الضمان الاجتماعي؛ حماية حقوق الملكية الفكرية للاجئين مثل الاختراعات والعلامات التجارية وحماية الأعمال الثقافية والفنية والعلمية؛ والمساواة في المعاملة بين اللاجئين والمواطنين فيما يتعلق بدفع الضرائب، ومنحهم الحق في ممارسة مهنة، والحق في ممارسة عمل خاص، والحصول على السكن، والحصول على التعليم العالي، والحق في الانتقال بحرية داخل البلد ، والحق في اختيار مكان الإقامة.
ونشير أخيراً إلى أن المخاوف الأمنية والاقتصادية التي سبق توضيحها لا يجوز أن تنتقص من حقوق اللاجئين في الدولة المضيفة لهم، بل يجب أن يحصل اللاجئ في تلك الدولة على الحد الإنساني من الحقوق مثل أي أجنبي آخر يوجد في الظروف نفسها.