السعودية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة

[email protected]

تعد السعودية أكثر بلدان المنطقة استقطابا للاستثمارات الأجنبية المباشرة. بل من الممكن تعزيز حجم الاستثمارات الواردة وبالتالي الإسهام في القضاء على بعض التحديات وفي مقدمتها معضلة البطالة فضلا عن تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد السعودي.
يمكن تعريف الاستثمارات الأجنبية المباشرة بتلك طويلة الأجل (وعلى هذا الأساس لا يدخل الاستثمار الأجنبي في سوق الأسهم ضمن هذا التعريف لأنه قابل للتغيير في أي لحظة). يمثل الاستثمار الأجنبي مقياسا ودليلا ناجحا على مدى قناعة المستثمرين الدوليين بأهمية الاستثمار في أي بلد ما.

الاستثمارات الواردة
استنادا إلى تقرير الاستثمار العالمي لعام 2008 الصادر من قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو (الأونكتاد) استقطبت السعودية أكثر من 24 مليار دولار (تحديدا 24318 مليون دولار) في عام 2007 أي الأعلى في منطقة غرب آسيا التي تشمل دول مجلس التعاون الخليجي. وعليه تم تسجيل نسبة نمو قدرها 33 في المائة في قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة مقارنة بعام 2007. بالمقارنة، تم تسجيل نسبة نمو قدرها 51 في المائة في قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في 2006 مقارنة بعام 2005. فقد فاقت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة 18 مليار دولار في عام 2006 مقارنة بـ 12 مليار دولار في عام 2005.
حقيقية القول، تعيش السعودية عصرها الذهبي فيما يخص استقطاب الاستثمارات الأجنبية. بالعودة للوراء، استقطبت السعودية استثمارات أجنبية تقل عن ملياري دولار في عام 2004. فحسب (الأونكتاد) بلغ متوسط قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للسعودية 245 مليون دولار سنويا للفترة الممتدة من 1990 إلى 2000.
يعتقد على نطاق واسع بأن التطور الإيجابي الذي حدث في السنوات القليلة الماضية إنما حدث على خلفية الانضمام لمنظمة التجارة العالمية وما صاحب ذلك من تحسينات وتطويرات للقوانين والتشريعات الاقتصادية للمملكة.

مؤشرات حيوية
استنادا إلى التقرير، حلت السعودية في المرتبة رقم 51 في العالم (من بين 141 اقتصادا عالميا) في عام 2007 فيما يخص مؤشر الأداء الاقتصادي أو جاذبية البلاد للاستثمارات الأجنبية المباشرة للفترة الماضية. وعلى هذا الأساس نجحت المملكة في التقدم 15 مرة في غضون سنة واحدة ما يعد إنجازا ودليلا على قناعة المستثمرين الدوليين إلى أهمية ضخ أموال في الاقتصاد السعودي.
من جهة أخرى، حافظت السعودية على المرتبة رقم 28 عالميا على مؤشر الإمكانات الاقتصادية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. يستند هذا المؤشر إلى 12 متغيرا يتعلق بالأوضاع والسياسات الاقتصادية. يعد مؤشر الإمكانات الاقتصادية أكثر أهمية من مؤشر الأداء الاقتصادي لسبب جوهري وهو أن الأول يشير إلى المستقبل أما الثاني إلى الماضي.

إزالة المعوقات
يمكن للمراقب المنصف أن يرى بشكل واضح مواصلة السلطات السعودية سياسية الإصلاحات الاقتصادية الأمر الذي يخدم العملية التنموية للبلاد. على سبيل المثال وليس الحصر، فقد أقر المجلس الاقتصادي الأعلى السماح للمستثمرين الأجانب بالاستثمار في مجالات جديدة متنوعة مثل خدمات التأمين والتجارة بالجملة والمفرق فضلا عن الخدمات الجوية.
بيد أنه لا تزال السلطات تمنع المستثمرين الأجانب من الاستثمار في بعض القطاعات الحيوية فيما يعرف بالقائمة السلبية. وتشمل هذه القطاعات صناعة النفط من حيث الاستكشاف والتنقيب فضلا عن تصنيع المعدات والأجهزة العسكرية. أما فيما يخص قطاع الخدمات، فتشمل القائمة السلبية أو الأنشطة المستثنية أمورا مثل الاستثمار العقاري في كل من مكة المكرمة والمدنية المنورة، خدمات الإرشاد السياحي ذات العلاقة بالحج والعمرة، خدمات السمسرة للعقار، الخدمات الصوتية والمرئية إضافة إلى صيد الثروات المائية الحية.
حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرها باريس، ليس كافيا أن تتم إزالة القيود عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة حتى يتم جلبها لبلد ما بالنظر إلى أن غالبية دول العالم تقوم بالخطوات المشابهة نفسها. وتؤكد الدراسات أن المستثمرين الدوليين يرون أن هناك عوامل رئيسية تجذبهم للاستثمار في منطقة ما وتحديدا وجود البيئة التجارية وحجم السوق ونوعية البنية التحتية المتوافرة وإنتاجية العمالة. يشمل مفهوم السوق المحلية إمكانية الوصول للأسواق الإقليمية.

القضاء على التحديات
الأمر المؤكد هو أن هناك تقديرا عالميا متزايدا لأهمية الاستثمارات الأجنبية المباشرة ومساهمتها في حل التحديات الاقتصادية المحلية مثل إيجاد الوظائف وتعزيز المنافسة. حسب وزارة الاقتصاد والتخطيط، بلغت نسبة البطالة بين القوى العاملة الوطنية 11.2 في المائة أي 453994 فردا في النصف الأول من عام 2007.
إضافة إلى ذلك، حسب تقرير التنافسية الاقتصادية لعام 2008 الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي قبل أيام، تحتل السعودية المرتبة رقم 27 دوليا على قائمة أكثر الاقتصادات تنافسية في العالم متأخرة مرتبة واحدة عن قطر التي بدوها حلت في المرتبة الأولى بين الدول العربية قاطبة. وقد تقدمت السعودية ثماني مراتب في غضون سنة واحدة ما يعكس نجاح سياسيات الإصلاحات الاقتصادية والهادفة إلى جعل الاقتصاد السعودي من بين أفضل عشرة اقتصادات جذبا أو تنافسية في العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي