أمانة الرياض وفرحة العيد

[email protected]

كل عام وأنتم بخير، وعيدكم سعيد. تتضاعف كل سنة بهجة العيد ونحن نرى أمانة مدينة الرياض تزيد من جهودها لخدمة سكان الرياض وزائريها في فترة العيد. أصبح برنامج العيد يتطور سنة بعد أخرى لتتحول الرياض إلى عاصمة عالمية تزخر بعشرات الفعاليات والأحداث، وهو ما يذكرنا بالعواصم الأوروبية العريقة حين تنشر دليلاً شهرياً بالفعاليات المقامة الفنية والثقافية وغيرها، لتزخر مسارحها ومعارضها بكل أنواع البرامج التي تناسب كل ذوق وميول.
فعاليات هذه السنة في الرياض متنوعة وجديرة بالمتابعة، وتقدم لأهل الرياض عيداً مليئاً بالحركة والإثارة، من عروض شعبية إلى مسرحيات، إلى ألعاب بهلوانية وعروض خفة، إلى مسابقات، وغير ذلك كثير. نتذكر قبل سنين قليلة لم يكن يقدم في الرياض إلا بعض العروض الشعبية وهي في العادة غير مجدولة وغير مستديمة، مما يحد من حضور الجمهور. واليوم يطالعنا برنامج الأمانة الذي يقع في 19 صفحة بما يثلج الصدر. وإن كنت أتمنى زيادة فعاليات العائلات, خاصة في عروض الجاليات والألعاب البهلوانية في ستاد الأمير فيصل بن فهد، وميدان الفروسية، حيث يمكن تخصيص أماكن محددة للعائلات، كما كنت أتمنى بعض عروض الموسيقى الكلاسيكية الرصينة من فرق عالمية شهيرة، أو عروض المسرح العالمي لإحدى الفرق المسرحية المتنقلة الشهيرة. ولكني متفائل بمستقبل هذه الفعاليات التي أثبتت قدرتها على التطور واحتواء كل أنماط احتياجات وتوجهات المجتمع, ولا نتصور أبداً أن برنامجاً كهذا يمكن عمله بسهولة. فالرياض يتجاوز سكانها أربعة ملايين، وأي برنامج يستهدف مدينة مثل هذه يستغرق وقتاً طويلاً لتصميمه، وجهوداً خارقة لتنفيذه, لذلك خرج هذا البرنامج ليكون على قدر الأماني التي علقت عليه. وأتمنى (بل أتوقع) أن يتحول تدريجياً ليصبح مهرجاناً إقليمياً وعالمياً للاحتفاء بثقافة هذه البلاد وعرض مجهوداتها، ويصف مع المهرجانات الأخرى (مثل الجنادرية) في تقديم تناغم فريد للماضي والمستقبل، والاحتفال بانفتاح محمود على الثقافات العالمية ليصل للجميع من خلال الفن والثقافة، وينافس المهرجانات والكرنفالات العالمية الأخرى ويستفيد من تجاربها، مثل مهرجان الربيع الصيني الذي يجتذب ملايين الزوار ببرامجه الفنية وعروض الأزياء التقليدية، وكارنفال ريو دي جانيرو البرازيلي بفرقه الموسيقية التي تحول شوارع ريو إلى حفلات كبرى، ومهرجان فيرجيل ديل كارمين البيروفي بتراث الآزديك والفولكلور الشعبي اللاتيني، ومهرجان سالزبورغ النمساوي الذي يعيد تقديم الموسيقى الكلاسيكية التي تمثل إرث النمسا الحضاري لجمهور اليوم بجميع الصور المسموعة والمرئية، ومهرجان أدنبرة بعروضه المسرحية والفنية، ومهرجان باروسا الصيفي في جنوب أستراليا الذي يعرض منذ أكثر من 160 سنة تراث جنوبي أستراليا وملابسها وأغذيتها التقليدية. إن لكل من هذه المهرجانات مذاقه الخاص، وقدرته على الإثراء التي يمكن الاستفادة منها في أي مهرجان آخر، خاصة مهرجان العيد لدينا على نحو يكون مقبولاً ومتماشياً مع الثقافة المحلية وقبول عموم الجمهور.
بل نطمح إلى ما هو أكثر من ذلك، ولعل الأمانة تطور هذه العروض لتكون قائمة على مدار العام، وتستقطب فيها أفضل الفرق العالمية لتقديم عروض تليق بمستوى مدينة الرياض، لتصبح بحق مركزاً حضارياً يجذب السياح والزائرين لفعالياته وبرامجه. ويمكن أن تتحول في أوقات غير الأعياد لعروض تجارية تتقاضى رسوماً معينة من زائريها، لضمان الاستمرارية والجودة.
أستعرض برنامج العيد والمشكلة الكبرى التي تواجهني هي كيف أوزع نفسي وعائلتي لحضور أغلب هذه الفعاليات. فلكل القائمين عليها كل التحية والتقدير، وتمنياتنا بعيد سعيد لهم ولعائلاتهم، وإن كنت على يقين أن سعادة عيدنا قائمة على جهودهم التي حتماً تتضاعف في هذه الفترة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي