رمضان كريم يالسعودية

[email protected]

أردت السفر لجدة فحاولت الاتصال مراراً بمركز الحجز ولكن لم تفلح كل محاولاتي بالنفاذ لأحد الموظفين، حيث يعاني المركز ضغط الاتصالات في هذا الشهر. وجدت الحل الإلكتروني يطرح نفسه، وقلت في نفسي لعل الخطوط السعودية خففت من موظفيها في مركز الحجز لتشجيع عملائها على استخدام موقعها على الإنترنت. وفعلاً دخلت على الموقع، واخترت الرحلة وموعدها، ولكن توقف الحجز عند هذه النقطة، ولم أستطع شراء التذاكر، أو حتى إنهاء عملية الحجز. وأعلم أن هذا خلل فني، حيث سبق أن اشتريت تذاكر من الموقع ذاته. لذلك عدت لمحاولات الاتصال بمكتب الحجز، وأخيراً تمكنت من الدخول في قائمة الانتظار بعد محاولات تجاوزت 20 دقيقة متواصلة. وبعد أن وصلت للموظف عمل لي حجز انتظار لجدة، على أمل تأكيد الحجز لاحقاً، وهذا طبيعي ومقبول في ظل الضغط الكبير على رحلات جدة في هذه الفترة. بعد يومين جاءتني رسالة تفيد بإمكانية تأكيد الحجز، ومرفق بها طريقة تأكيد الحجز عن طريق رسالة قصيرة، فأرسلت الرسالة المطلوبة على الرقم الظاهر على الشاشة، إلا أنه وصلتني رسالة بعد فترة قصيرة تفيد بتعذر عمل هذا التأكيد آلياً وأنه يجب أن أتصل على مركز الحجز، وهذه مشكلة متكررة مع الحجز الآلي، فرغم محاولاتي المكررة في الشهور الماضية إلا أني لم أفلح مرة في تأكيد الحجز عن طريق الرسائل القصيرة، فاتصلت بمكتب الحجز، ولكن لم أستطع النفاذ للنظام. فمرة تتعثر المكالمة، ومرة يكون الخط مشغولاً. فقلت لعلي أتصل في وقت الذروة، وقد كان الاتصال نحو العاشرة مساءً. وتلك الليلة كنت ماراً قرب أحد مكاتب الحجز للخطوط السعودية فرأيت أن أعمل هذا التأكيد بالطرق البدائية، ودخلت للمبنى لأفاجأ بزحام شديد، وسألت أحد الإخوة هناك فقال إنه ينتظر لأكثر من أربع ساعات، فخرجت فوراً لأن عمر الإنسان أثمن من أربع ساعات تضيع سدى. وانتظرت حتى وقت السحور، وحاولت لمدة نصف ساعة، ولم أتمكن من إنهاء عملية الحجز. قلت لعلي مازلت في وقت الذروة. فعاودت الاتصال في الساعة 8:30 صباحاً (وهو ليس وقت ذروة بالتأكيد، وخاصة في رمضان) وتعثرت مكالماتي لمدة خمس عشرة دقيقة قبل أن أفقد الأمل. ومازلت حتى ساعة كتابة هذا المقال وأنا في محاولة الوصول لأحد موظفي الخطوط السعودية لتأكيد الحجز. ولولا أن لدي تذكرة مفتوحة أريد تسجيل الحجز عليها، لكان الخيار الأسلم، والأسرع، والأوفر (صحة ومالاً) هو شراء التذاكر من أي مكتب تجاري، ولكن هذا ما جبر الناس على الانتظار في مكاتب الخطوط السعودية لأربع ساعات أو أكثر، وأعجب أن لم توفر هذه الخدمات بأي طريقة حضارية معقولة.
تصرف الخطوط السعودية وهي الناقل الوطني الرئيسي الملايين على الدعايات في العديد من القنوات والصحف والمجلات المحلية والعالمية للحصول على حصة جيدة من سوق السفر من المنطقة وإليها، هذا السوق الذي يتنامى بشكل كبير ومتسارع، ما دفع بشركات منافسة للدخول فيه بقوة، وتطوير أساطيلها بشكل سريع وهائل، وأقرب مثالين هما الخطوط القطرية وطيران الإمارات. وأنا في الحقيقة أستغرب من أن تدفع الخطوط السعودية كل هذه الأموال في الدعاية والإعلان، لأن عقلية من يفعل ذلك تحتم عليه أن يبذل أكثر في سبيل المحافظة على ما لديه بالفعل. فليس من الحكمة أن تنفق الكثير في محاولة الحصول على ما ليس لديك، وتضيع في سبيل ذلك ما لديك. مقابل ما يصرف في الدعاية وتحسين الصورة (وهي بالتأكيد مهمة وحتمية في ظل المنافسة الإقليمية الشديدة)، يجب أن تتميز خدمة العملاء في الخطوط السعودية على نحو يليق بحجم استثماراتها في سوق الإعلان. نعم نحن في وقت ذروة، ولكن هذا يعني تحسين الخدمات الاعتيادية، وليس التردي بفعل زيادة الضغط، ناهيك أن زيادة الضغط هذه تعني زيادة دخل. إنه يعني أن آلاف الناس ينتظرون ليدفعوا أموالهم للخطوط السعودية، وهي تتمنع لأننا في وقت ذورة! ينبغي تحسين الموقع على الإنترنت، وذلك بجعله يقبل تسجيل الانتظار، وتأكيد الحجوزات، وكذلك تحسين نظام تأكيد الحجز الآلي عن طريق الرسائل القصيرة، ولست في حاجة إلى ذكر زيادة موظفي استقبال المكالمات، وخاصة في أوقات الذروة، والمناسبات. علماً بأن الاتصال على مركز الحجز ليس عن طريق رقم مجاني، وهو ما درجت عليه كافة الخطوط العالمية في الدول المتقدمة.
أرى أن تستفيد الخطوط السعودية من تجربة شركة الاتصالات السعودية، وكفاءة أنظمتها في الخدمة الآلية، وخدمات العملاء، وسرعة الاستجابة لاتصالاتهم، وخدمات الموقع على الإنترنت. وأزعم أن الاتصالات التي ترد لشركة الاتصالات في اليوم الواحد أكثر من التي ترد للخطوط السعودية في أسبوع.
بالتأكيد يسرني التطور الملحوظ في خدمات الخطوط السعودية، ولكن لا يمكن إغفال أو تجاوز خدمة العملاء، وهو جانب مهم من علاقة الشركة بالجمهور، وعليه المحك في معرفة نجاح الشركة من فشلها، خاصة وهي تخطط للخصخصة، وسوف تعود على هؤلاء العملاء حين الاكتتاب. وقبل كتب الكتاب حبذا شيء من الغزل بين المخطوبة والخاطب، لكي تريه من نفسها ما يدعوه للاكتتاب فيها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي