حرب دبي على الفساد

[email protected]

خيرا فعلت السلطات في إمارة دبي بإعلانها الأسبوع الماضي حربا لا هوادة فيها على كل أشكال الفساد والرشوة والكسب غير المشروع في مؤسسات القطاعين العام والخاص. لا شك أن النيابة العامة مطالبة بمحاربة قضايا الفساد في المجتمع بما في ذلك شركات القطاع الخاص. وعليه أصبحت دبي أول سلطة في دول مجلس التعاون الخليجي تعلن الحرب على المفسدين والمتورطين في المسائل المالية والإدارية.
كما نرى صواب التوجه الرسمي للكشف عن أسماء المتورطين وتقديمهم للمحاكمة بغض النظر عن المناصب أو حساسية المؤسسات التي ينتمون إليها. وتبين من تجارب الشهور القليلة الماضية مصداقية هذا التوجه بدليل صدور بيانات بخصوص اعتقال بل وإدانة أشخاص كانوا يعملون في مؤسسات مرموقة تعود جانب من ملكيتها للجهات الرسمية.
اعتقالات ومحاكمات
بالعودة إلى الوراء لعام 2001، قدمت السلطات رئيس جمارك دبي وعددا من مساعديه فضلا عن مسؤولين آخرين في المواني والجمارك والمناطق الحرة للمحاكمة بتهمة استغلال مناصبهم لتحقيق أرباح غير مشروعة. وفي قضية أخرى، تمت إدانة 14 من المسؤولين بينهم رئيس قسم الجوازات في مطار دبي الدولي بتهمة الحصول على أموال بغير وجه حق وتعريض أمن البلاد للخطر. لكن صعدت السلطات من عملية محاربة جميع أشكال محاربة الفساد المالي والإداري في الآونة الأخيرة ربما بسبب توافر المزيد من الفرص للكسب غير الشرعي نظرا لتوافر السيولة وذلك على خلفية ارتفاع العوائد النفطية، فضلا عن تعاظم الأهمية النسبية لبعض القطاعات الاقتصادية وخصوصا العقارات. الاستثمارات العقارية مرغوبة لأسباب تتعلق بالعائد وتراجع معدلات الفائدة فضلا عن محدودية البدائل الأخرى.
وتم تعزيز الحملة الأخيرة ضد الفساد في نهاية عام 2007 بواسطة عمليات التدقيق والرقابة لبعض المؤسسات المالية وتلك العاملة في المجال العقاري. من جملة الأمور، قامت الشرطة في آذار (مارس) الماضي باعتقال رئيس تنفيذي سابق لشركة (ديار للتطوير)، والتي تعد ثالث أكبر شركة عقارية في دبي. المعروف أن مجموعة (بنك دبي الإسلامي) تمتلك 41 في المائة من أسهم شركة ديار للتطوير. وفي حزيران (يونيو) تم اعتقال مسؤولين سابقين من بنك دبي الإسلامي بتهم تتعلق بالكسب غير المشروع بينهم اثنان جرى اعتقالهما في تركيا وباكستان. يمتلك بنك دبي الإسلامي والذي يعد أكبر بنك إسلامي في الإمارة مؤسسات فرعية في السودان ومصر ولبنان وتركيا وباكستان.

الاحتيال خيانة الأمانة
وحديثا تم الكشف عن اعتقال اثنين من الموظفين السابقين في شركة تمويل بتهم تتعلق باستغلال المنصب للحصول على رشاوى من بعض عملاء الشركة. وقد تسبب نشر الخبر في تراجع قيمة أسهم الشركة الأسبوع الماضي على الرغم من إعلان (تمويل) زيادة أرباحها بأكثر من ثلاث مرات في الربع الثاني للعام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث بلغت 57 مليون دولار. وفي الأسبوع الماضي فقط كشفت تقارير صحافية ومصدرها مجلة "ميد" المتخصصة في اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط بحصول مخالفات مالية بقيمة 817 مليون دولار في شركة نخيل العقارية والتابعة لحكومة دبي والتي تنفذ مشاريع حيوية تحمل اسم الشركة. وقد باشرت النيابة العامة حديثا التحقيق مع أحد موظفي الشركة بتهمة تقاضي الرشوة.
على المستوى الاتحادي، أقالت الحكومة في تموز (يوليو) الماضي وزير الدولة الدكتور خليفة بخيت الفلاسي من منصبه على خلفية اتهام النيابة العامة له بخيانة الأمانة والاحتيال. وكانت سيدة لبنانية قد قدمت شكوى ضد الوزير تتهمه فيها بخيانة الأمانة والاستحواذ على شركة وقطعة أرض تعود لأحد المقيمين في دبي وذلك بعد وفاة المقيم. وكان الوزير المقال شغل منصب وكيل وزارة التربية والتعليم وهو أول سفير للإمارات لدى أستراليا. ويبدو أن النيابة العامة ستحيل الوزير السابق مع ثلاثة متهمين آخرين للمحاكمة بتهم خيانة الأمانة العامة والاحتيال والمشاركة الإجرامية. وفي حال إدانته سيقضي الوزير عقوبة سجن لمدة ثلاث سنوات.
مؤشر مدركات الفساد
من شأن خطوة دبي تعزيز ترتيب الإمارات في تقرير مدركات الفساد الصادر من قبل منظمة الشفافية الدولية. وقد حلت في المرتبة 34 عالميا أي ثاني أفضل نتيجة بين الدول العربية بعد قطر في تقرير عام 2007. وكانت الإمارات قد حظيت بالمرتبة الأولى خليجيا وعربيا في عام 2006 بحلولها في المركز 31 عالميا. تعرف منظمة الشفافية الدولية "الفساد" على أنه سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية" ولا تميز المنظمة بين الفساد الإداري والفساد السياسي، أو بين الفساد الصغير والفساد الكبير. وترى المنظمة أن عمليات الفساد تسلب البلدان طاقاتها وتمثل عقبة كأداء في طريق التنمية.
ختاما: من شأن خطوة محاربة الفساد تعزيز السمعة التجارية لدبي بشكل خاص والإمارات بشكل عام، وبات في حكم المؤكد أن الإمارات الست الأخرى ستنضم للحملة وذلك على خلفية تأكيد وزير الداخلية الإماراتي الشيخ سيف بن زايد آل نهيان عن تنفيذ سياسة صارمة لمحاربة الفساد دون تحديد الأمر بإمارة دون أخرى.

عضو مجلس النواب في البحرين

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي