قيمتك كسعودي
في ظل الارتفاع الكبير الذي نعيشه اليوم للأسعار والذي بلغ حداً لم يصل إليه منذ 30 عاماً وفي ظل ارتفاع أسعار العقار ووصول سعر البترول لأرقام قياسية وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتحقيق العديد من الشركات والمؤسسات الخاصة لأرباح قياسية فقد حرص كثير من الشباب السعودي على أن يعيد تقييم نفسه في ظل اختلاف الأوضاع الاقتصادية من حوله، فمن غير المنطقي أن تختلف أسعار المنتجات والعقارات وتبقى قيمة الإنسان كما هي لا تتغير على مدار السنوات ومن غير الطبيعي أن يراقب الإنسان هذا الارتفاع ولا يعمد إلى أن يرفع من قيمة نفسه لتواكب ما هو حاصل من ارتفاع بشكل عام في مختلف جوانب الحياة.
ولاشك أن ارتفاع الأسعار الذي حدث في العقار أو البترول أو غيرها من الصناعات الأساسية له أسبابه وعلى هذا الأساس فإن كثيرا من الشباب السعوديين ينظرون اليوم إلى إعادة النظر في قيمهم داخل المنشآت التي يعملون فيها خصوصاً وهم يتابعون ارتفاع مستويات العروض التي تقدم لغيرهم من الموظفين الذين يتم استقطابهم من الخارج، إلا أن الحرص على هذا التفكير يجب أن يكون مستنداً إلى أسباب منطقية فقد يطلب الشاب السعودي رفع قيمته لزيادة خبرته في العمل أو تحقيقه لإنجاز ما أو قيامه بصفقة مميزة أو تمكنه من اجتياز أحد الاختبارات التدريبية أو حصوله على دورة متخصصة أو غيرها من الأسباب التي تكون حافزاً للشاب السعودي أن يعيد النظر في تقييم وضعه داخل منشأته.
على الرغم من أهمية هذا الجانب باعتبار أنه جانب مادي له تأثيره في المستوى المعيشي خصوصاً في ظل هذا الارتفاع الكبير للأسعار إلا أن قيمة الشاب السعودي يجب أن تتجاوز مفهوم القيمة المادية لتشمل قيمة أكبر وهي القيمة المضافة لما يقدمه لمجتمعه من خدمات بل يجب أن يتجاوز هذا المفهوم بحيث ينظر إلى قيمته في الأساس كقيمة إنسان لا تخضع لمعيار الجنس أو المنشأ أو الهوية ولا تنحصر في معدل الدخل السنوي الذي يجنيه من خلال عمله بل تتجاوز هذه الأمور المادية لتشمل ما يضيفه لأمته من خلال ارتفاع مستوى تعليمه وحصوله على شهادات عليا أو لتحقيقه نجاحات مميزة في مجاله العملي أو تمكنه من تحقيق إبداع وإنجاز جديدين يفيدان البشرية ويحدثان نقلة نوعية في مجال من مجالات الحياة.
إن كل فرد في المجتمع يجب عليه أن يعيد النظر في قيمته في المجتمع من خلال قياس ما قدمه في حياته لدينه ولأمته ولمجتمعه وأهله، ولن يستطيع الإنسان أن يقدم شيئاً لكل هؤلاء ما لم يتمكن من أن يقدم شيئاً لنفسه فيعمل على تطويرها ورفع مستوى آمالها وطموحاتها ويرتقي بها لتحلق في آفاق النجاح وذلك من خلال العمل على نقلها من السلبية إلى الإيجابية ومن الإحباط إلى الحماس ومن الفتور إلى العزيمة والعمل الدؤوب فقيمة الإنسان فيما يصنع ويقدم وينتج وليس فيما يمتلك.
قبل أن تفكر ما قيمتك كسعودي فكر ما قيمتك كإنسان خصه الله بالكثير من النعم وفي مقدمتها الإسلام ومن الله عليه بالعديد من القدرات والمهارات فهل استفاد منها؟ وهل سخرها لنفع البشرية؟ وهل عمل على استثمارها ليقدم خدمات جليلة لوطنه ومجتمعه؟ قبل أن تفكر في قيمتك كسعودي فكر في قيمتك كإنسان عليه واجبات فهل أداها على أكمل وجه ؟
على الرغم من أهمية المال وأهمية التقييم المادي إلا أنه لا يجب أن يكون هو كل شيء بل يجب قبل أن تفكر في قيمتك من خلال ما تملك وما ترتديه من ملابس وما تقيم فيه من منزل وما يعود عليك من عائد مادي، فكر في قيمتك بما تعطيه وتقدمه لمجتمعك وما تحققه من إنجازات يفخر كل إنسان بأنها موجودة في هذا الكون.
هكذا يجب علينا أن نقيم أنفسنا وذلك من خلال صناعتنا للحياة وللتاريخ وتأثيرنا في صنع الحضارة بمختلف جوانبها واهتمامنا بأن نجعل الإنجاز والنتائج هي المحور الأساسي للتقييم مؤكدين أن قيمتنا كسعوديين ليس فيما نملكه من مال وسلطان فهي أمور تفنى ولكن القيمة الحقيقية فيما نصنعه من مجد وتاريخ تخدم الإنسانية والأجيال القادمة.