فوضى الشقق المفروشة: مَن المسؤول؟

[email protected]

يعد وجود السكن المريح والمناسب أهم نقطة وأبرز معيار في أي بلد سياحي. ونظراً لأن كلمتي "مريح ومناسب" فضفاضتان ولا تدلان على وجود شيء محدد، فإنهما تتركان لتقدير كل زائر أو سائح. ولكن في كل الأحوال، فإن كل سائح من سياح الداخل سيبحث طويلاً حتى يجد هذا السكن المريح والمناسب، بغض النظر عن الميزانية، أو التجهيزات في هذه الشقق المفروشة.
يقضي السائح ساعات طويلة، بل أياماً في بعض الأحوال، وهو يبحث عن سكن مناسب، وتنتهي الإجازة وهو لم يجد ما يبحث عنه. التقيت عديدا من السياح والمسافرين في عدة مدن في المملكة، وأخص المنطقة الشرقية، وجدة، والرياض، وأغلبهم يشتكي من هذه المعضلة: أين أجد سكناً مفروشاً مناسباً؟ وسؤالي هنا: لماذا لا نجد المشكلة نفسها للباحثين عن سكن في الفنادق؟ الجواب بكل بساطة: التصنيف. لأن الفنادق مصنفة بنظام النجوم، فإن كل سائح يبحث عما يعتقد أنه مريح ومناسب، اعتماداً على الميزانية المخصصة للسكن. ولكن ذلك لا يتوافر في الشقق المفروشة فتتداخل المقاييس والتصانيف ويشتكي الجميع من انعدام النظافة، أو الغلاء، أو سوء الخدمة، وما إلى ذلك.
لو وجد نظام تصنيف للشقق المفروشة، فإن هذا سيلزم صاحب الشقق المفروشة بإبراز درجة التصنيف، ويمكن الجهة الرسمية من الإعلان عن الشقق المتوافرة في المدينة حسب التصنيف المعتمد، وعندها يبحث كل سائح في القطاع الذي يرى أنه "مريح ومناسب" دون الحاجة إلى استعراض عشرات الشقق المفروشة المنتمية إلى عدة درجات. وعندها يلتزم أصحاب الشقق المفروشة أيضاً بمستوى معين من النظافة، والخدمة، وحالة العفش، والمميزات المقدمة، اعتماداً على درجة التصنيف. وتصبح هذه الجهة هي الإدارة الرسمية الوحيدة التي تقدم تصنيفاً للشقق والوحدات المفروشة (حتى لا تتضارب التصنيفات)، ويعاد التقييم بشكل دوري، ويمكن تغيير التصنيف صعوداً أو هبوطاً حسب تغير الخدمات المقدمة وحالة السكن. وتعلن التصنيفات مصحوبة بأرقام هواتف الوحدات المفروشة، أو تطبع على شكل أدلة دورية توزع على زائري المنطقة، أو تنشر في موقع الإدارة المعنية على الإنترنت. ولاحتواء التكلفة المالية للمفتشين أو مقيمي الوحدات المفروشة فإنه يمكن للجهة المعنية فرض رسوم معينة على هذا التصنيف يتحملها صاحب الشقق المفروشة، كما هي الحال في الفنادق والمنتجعات. ولكل درجة في التصنيف وصف معين ودقيق لما يجب أن تكون عليه الوحدة المفروشة لتدخل في تصنيف معين، ومهمة المفتشين هي مطابقة حالة الشقة المفروشة مع قائمة النقاط والخدمات لديهم المحتوية على عشرات المدخلات للوصول للتصنيف السليم.
ويتيح التصنيف أيضاً المنافسة بين الوحدات المفروشة لتقديم الأفضل، والبقاء في التصنيف حسب المعلن أو الصعود لدرجة أعلى. كما يتيح لأصحاب الأموال الراغبين في الاستثمار معرفة عدد الوحدات المفروشة في كل درجة لدفع رؤوس أموالهم في الاتجاه السليم حسب النقص في كل درجة، ما يؤدي إلى توزع سليم وكافٍ في كل درجة من التصنيف لإرضاء رغبات واحتياجات السياح المتنوعة بحيث لو كان السائح يبحث عن مستوى الخمسة نجوم فإنه سيحصر بحثه في مجال الوحدات المفروشة للتصنيف ذاته، ما يترك أثره في نتائج البحث، وتقليص حالات عدم الرضا المنتشرة بين السياح فيما يتعلق بإيجاد السكن "المناسب والمريح."
ولعل الخطوة التالية هي ربط الشقق المفروشة في قاعدة بيانات واحدة تمكن المكاتب السياحية أو مواقع الإنترنت المتخصصة من عمل الحجوزات مما يدفع بحركة السياحة الداخلية لمزيد من الحرفية والمهنية لتقديم أفضل السبل لمواجهة عالم السياحة الجديد المعتمد على الحجوزات والترتيبات المسبقة، وليس بأسلوب البحث الفعلي من عمارة إلى أخرى حتى تجد المكان المناسب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي