استعدادات فنادق العاصمة الصينية للأولمبياد
زرت الصين الأسبوع الماضي تنفيذا لوعد قطعته على نفسي قبل عدة سنوات بزيارة بلاد التبت حينما تتوافر الفرص. ويكمن الهدف من تكرار الزيارة للوقوف على حقيقة الأوضاع الاقتصادية في المارد الآسيوي. يشهد الاقتصاد الصيني نموا سنويا حقيقيا قدره 10 في المائة. وحسب وحدة المعلومات في مجموعة الإيكونومست البريطانية يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للصين 3241 مليار دولار أي في المرتبة الرابعة في العالم بعد كل من الولايات المتحدة واليابان وألمانيا. بل ترى الإيكونومست أن قيمة الناتج المحلي للصين ترتفع إلى 7238 مليار دولار حسب مفهوم القوة الشرائية ما يعني حلول الاقتصاد الصيني في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة.
يشار إلى أن العاصمة (بكين) ستستضيف فعاليات الأولمبياد في الفترة ما بين 8 إلى 24 آب (أغسطس) 2008. وكان من المفترض أن تقام المناسبة في الفترة ما بين 25 تموز (يوليو) حتى العاشر من آب (أغسطس) عندما تم اتخاذ قرار منح بكين شرف استضافة الفعاليات في عام 2001. وقد وافقت اللجنة الأولمبية الدولية على طلب السلطات الصينية بتغيير موعد الفعاليات لأسباب مناخية. تأمل الجهات الرسمية في تحسن الجو وتراجع معدلات الرطوبة وتقلص احتمال حدوث فيضانات بعد تعديل الموعد.
فنادق بالجملة
توجد 5790 منشأة للضيافة في بكين تضم فيما بينها 339 ألف غرفة و665 ألف سرير. لكن يوجد تصنيف رسمي لنحو 820 من الفنادق والشقق الفندقية. كما قررت 119 منشأة فقط غالبيتها فنادق الخمس نجوم التسجيل مع الجهات المنظمة لاستقبال الضيوف بشكل رسمي أثناء الأولمبياد. كما أبرمت الجهات المنظمة اتفاقات مع أصحاب 598 منزلا لغرض توفير 726 غرفة إضافية للزوار المحتملين. وقامت السلطات بإجراء تدريبات لأصحاب هذه المنازل على اكتساب المهارات الضرورية للتعامل مع الزوار القادمين من ثقافات مختلفة.
ويبدو أن الفنادق في بكين مصممة لجني مبالغ ضخمة من الزوار أثناء إحدى المناسبات الرياضية العالمية والتي تقام مرة كل أربع سنوات. تبلغ تعرفة الغرفة في فنادق الخمس نجوم 596 دولارا لليلية الواحدة أثناء الأولمبياد بزيادة 3.6 مرة عن السعر في الفترة نفسها من العام الماضي. كما تبلغ قيمة الغرفة في فنادق الأربع نجوم 319 دولارا لليلة الواحدة أي 4.6 مرة أكثر من السعر الاعتيادي.
120 ألف زائر للأولمبياد
تتوقع سلطات السياحة مجيء 120 ألف زائر إلى العاصمة بكين لأغراض الأولمبياد وذلك من أصل 450 ألف زائر دولي للعاصمة في آب (أغسطس). وكانت بكين قد استقبلت 420 ألف زائر أجنبي في الفترة نفسها من العام الماضي.
ولأسباب منطقية قامت الجهات المنظمة بتوظيف وتدريب أكثر من 200 ألف فرد على أمور تتعلق بالأولمبياد فضلا عن عادات الشعوب واللغات الأجنبية. تعد اللغة مسألة مستعصية لكن من يزور الصين، حيث ليس بمقدور غالبية الناس التعامل مع الزوار باللغة الإنجليزية والتي بدورها تعد اللغة الثانية للسواد الأعظم من الناس في العالم.
أزمة التضخم
وكما هو الحال عندنا، يسيطر موضوع التضخم على الأحاديث العامة. استنادا إلى الأرقام الرسمية، بلغ معدل التضخم 8.1 في الأشهر الخمسة الأولى للعام الجاري. ويعد هذا الرقم مرتفعا خصوصا مقارنة بـ 4.8 في المائة خلال عام 2008. تعتبر السلطات مواجهة التضخم تحديا رئيسا نظرا لتأثير الأمر على المستوى المعيشي للمواطنين والذين يزيد عددهم على مليار و300 مليون نسمة.
يبقى أن أسباب التضخم في الصين مختلفة عما هو عليه الحال في اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، إذ يعود الأمر بشكل جوهري إلى تداعيات ارتفاع أسعار النفط. فقد زاد الطلب الصيني للنفط الخام من نحو خمسة ملايين برميل يوميا في عام 2001 إلى أكثر من 7.5 مليون برميل يوميا في العام الحالي. ومرد هذه الزيادة هي الحاجة الماسة لسد الطلب في اقتصاد ينمو بنسبة 10 في المائة سنويا.
ارتفاع قيمة العملة
ويرتبط التحدي الاقتصادي بارتفاع قيمة العملة الوطنية (اليوون). فقد زادت قيمة (اليوون) بواقع 6.88 في المائة مقابل الدولار في النصف الأول من العام الجاري. وتزيد هذه النسبة على 6.86 في المائة قيمة الارتفاع في عام 2007 بأسره. ويعود الارتفاع إلى استمرار تراجع قيمة الدولار في الأسواق العالمية في إطار سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي لتعزيز الصادرات الأمريكية. وقد تسبب ارتفاع قيمة العملة إلى تقليص الفائض التجاري للصين في حزيران (يونيو) الماضي إلى 21.4 مليار دولار بتراجع قدره 21 في المائة عن الفترة نفسها في عام 2007.
لا يعاني الاقتصاد الصيني من معضلة تداعيات الارتباط بالدولار، حيث تم إنهاء الربط قل ثلاث سنوات وتحديدا في تموز (يوليو) من عام 2005. بل على العكس يجزم الاقتصاديون في الصين أن ارتفاع قيمة العملة الوطنية أسهم في الحد من الآثار السلبية لارتفاع فاتورة الواردات لكن على حساب القدرة على التصدير. ختاما يخشى المسؤولون أن يتسبب التضخم فضلا عن ارتفاع قيمة العملة بحرمان الاقتصاد الصيني الاستفادة القصوى من الأولمبياد.