نبات الدفلة كغيره من النباتات المنتشرة في المملكة.. ونقوم بزراعته في الأماكن التي لا يصل إليها الإنسان
إشارة إلى ما نشر بجريدة الاقتصادية في للعدد رقم 5146 وتاريخ 4/11/1428هـ للكاتب ظافر الشعلان والذي أشار فيه إلى تصريح للدكتور/ إبراهيم عارف المحاضر في قسم الإنتاج النباتي في جامعة الملك سعود بخصوص وجود نبات سام زرع على امتداد طريق الملك فهد والدائري الشمالي في العاصمة الرياض حيث ذكر أن هذا النوع من النبات شائع ومعروف باسم الدفلة وهو نبات للزينة وشائع في معظم الأماكن الدافئة حول العالم ويوجد في بعض الأحيان كنبات بري وجميع أجزائه سامة وإن كان كثير من هذه النباتات لها قيمة علاجية. وامانة منطقة الرياض تشكر جريدة "الاقتصادية" والكاتب لطرح هذا الموضوع إلا أنها ترى ضرورة الإيضاح في هذا الجانب بسرد بعض الحقائق العلمية التي تجعل القارئ الكريم يطلع بشكل أشمل على موضوع النباتات السامة ووجودها في البيئة المحيطة بنا.
تنتشر النباتات السامة في بيئتنا المحيطة بكثرة ولا يمكن حصرها, وقد ذكر الدكتور جابر القحطاني والدكتورة سوسن المصري في كتابهم (النباتات السامة في المملكة العربية السعودية) أكثر من ثمانين نوعا من النباتات السامة الموجودة في المملكة، ونبات الدفلة الذي تحدث الدكتور عارف عنه بإسهاب واحد من هذه النباتات له مساوئه كما أن له محاسنه, فهو لا يختلف كثيرا عن النباتات المنتشرة في المملكة والتي تصنف بأنها سامة ونعرفها جميعنا جيداً، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر نبات (الحرمل) حيث إن جميع أجزاء هذا النبات تعد سامة لوجود بعض المكونات السامة مثل (رازين، كويبراشاميت وإيبورانونين...وغيرها)، ونذكر ايضا نبات (الشري) أو الحنظل والذي ينتشر في جميع أنحاء المملكة وبكثرة وجميع أجزاء النبات تعد سامة ولو أن شخصا أكل ربع ثمرة الحنظل فإنه قد يموت لاقدر الله، ونبات (الخروع) المنتشر في جميع مناطق المملكة. وتعد بذور هذا النبات وأوراقه سامة للإنسان والحيوان لاحتوائها على بروتين يعرف باسم (ريسين) وذُكر أن بذرة واحدة من هذا النبات قتلت طفلاً عندما تناولها. ناهيك عن سمية بعض النباتات الاقتصادية المنتشر في المملكة كما هي الثمار الخضراء والبراعم في الأغصان الغضة في نبات الطماطم لاحتوائها على مركب يعرف باسم سولا نين, كما أن نبات المشمش يعد ساما في بعض مراحله حيث إن البذور والثمار قبل النضج تعد سامة وإذا لم يسعف المتسمم به بسرعة فإنه سيموت. ونبات الدفلة ليس بمعزل عن هذه النباتات فهو من النباتات ذات السمية فابتلاع كميات كبيرة منه قد تسبب مضاعفات صحية سيئة قد تصل للوفاة.
لذا فليس من الحكمة إزالة كل هذه النباتات أو بعضها بمجرد معرفة بعض المعلومات البسيطة بخصائص بعضها حتى لا تتكرر مأساة أشجار البرسوبس حينما تصدر لها في وسائل الاعلام بعض من غير المتخصصين في إظهار خطورتها وتسببها في الحساسية عند الإنسان، وأحدث في حينه ضجة إعلامية وبلبلة لدى الناس رغم وجود كثير من النبات الاقتصادية وغير الاقتصادية التي تنتشر في بيئتنا ونتعامل معها بشكل مباشر والتي قد تسبب في فترة اللقاح تهيج الحساسية بشكل أكبر من البرسوبس إلا أن هذا النبات تعرض لأكبر حملة إتلاف لنبات مرت على المملكة, وبالتالي كانت خسارة بيئية كبيره. لذا فكل مانخشاه تصدر بعض من غير المتخصصين لأي نبات لمجرد معرفة أولية بسميته قد تكون وردت في بعض مواقع الإنترنت رغبة في إزالته حيث إن الحكمة والمتطلب البيئي تقتضي تركه واقتصار استخدام هذه النباتات في الأماكن المناسبة عن طريق المتخصصين في عمارة البيئة وتنسيق المواقع لتخصصهم ومعرفتهم الجيدة بخصائص هذه النباتات، كما حدث لنبات الدفلة حينما قامت الأمانة بالاستفادة من إيجابيات هذا النبات وتفادي مساوئه وذلك بزراعة هذا النبات فقط في الأماكن التي لا يمكن أن يصل إليها المواطن بأي حال من الأحوال في الجزر الوسطية لطريق الملك فهد والطريق الدائري لبعدها التام عن الإنسان والحيوان, فعمال الصيانة لهذه الجزر الوسطية لا يستطيعون الوصول إليها إلا باستخدام السلالم من على الجسور العلوية.
وقد يتساءل البعض لماذا اختارت أمانة منطقة الرياض ممثلة في الإدارة العامة للحدائق وعمارة البيئة نباتات (الدفلة) لزراعته في الجزر الوسطية للطرق السريعة؟ نبين هنا أن أهم الأسباب لذلك تتلخص في أن الجزر الوسطية التي زرعت بها تعاني سوء نوعية التربة فالتربة الصالحة للزراعة فيها لا تمثل سوى طبقة سطحية بسيطة (ويستحيل لظروف هذه الطرق الشريانية استبدال تربتها لموقعها وكمياتها الكبيرة) ويظهر ذلك واضحا في ضعف النخيل المزروع فيها وخاصة الجزر الوسطية لطريق الملك فهد، ولأن نبات الدفلة من النباتات التي تنمو وتجود زراعتها في هذه الظروف البيئية السيئة كانت خيارا مناسبا لتفادي هذه الصعوبة. كما أن ارتفاع ملوحة مياه الري في الجزر الوسطية للطرق السريعة التي زرعت بها نبات الدفلة حيث تصل إلى سبعة آلاف ppm تجعل من المستحيل زراعة أنواع كثيرة من نباتات الزينة المناسبة في التنسيق للموقع، إلا أن نبات الدفلة من النباتات المتحملة لملوحة المياه وبالتالي تراكم الأملاح في التربة لذا تم اختيارها كبديل مناسب لتفادي هذه الصعوبة. كذلك إضافة إلى أنه يعطي أزهارا جميلة جداً وكثيفة. علماً أن هذا النبات ينتشر بشكل كبير في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط سواء الأوروبية أو الآسيوية أو الإفريقية ويعد النبات الأكثر استخداما في التنسيق حيث تتم زراعته في كل مكان حتى داخل المنازل والحدائق والشوارع. فالسمية صفة لكثير من النباتات، والسموم توجد في كثير من الأشياء المحيطة بنا كالمنظفات والمبيدات والمواد الكيماوية ومشتقات البترول كالوقود والزيوت وغيرها, ولو تناولها الإنسان أو شيئا منها لهلك.
ونخلص هنا إلى أن طرح هذا الموضوع بهذه الطريقة التي قد توجد الفزع لدى المواطن قد لا يكون مناسباً وكان من الأفضل أن يكون هناك تعريف شامل بالنباتات السامة وتحديد الأنواع الأكثر انتشاراً وضرراً على المواطن. أما ما ورد في تصريح الدكتور إبراهيم عارف أن جهات عليا منعت زراعتها فنوضح أن وزارة الزراعة مشكورةً أصدرت قائمة بالنباتات السامة قبل أكثر من 25 عاما ونصحت بعدم زراعتها في الأماكن التي يوجد فيها الإنسان وخاصة الأطفال كالحدائق وملاعب الأطفال وهذا ما أخذت به أمانة منطقة الرياض بالاكتفاء بزراعتها في الأماكن التي لا يصل إليها إلا عمال الصيانة المتخصصة. وحرصا من أمانة منطقة الرياض ومن خلال برنامجي أصدقاء الشجرة وأصدقاء البيئة فلقد حذرت من النباتات السامة بعد تحديدها في قوائم تظهر هذه النباتات والأجزاء السامة فيها وطرق التعامل معها والعلاج في حالة التعرض لسمومها.
إدارة العلاقات العامة
أمانة منطقة الرياض