وحدات الوجود من الخلية إلى الذرة

وحدات الوجود من الخلية إلى الذرة

[email protected].

كما أن الذرة هي أصغر جزء في المادة، سواء كانت من المادة أو من تشكيلات الحياة المعقدة، كذلك تعتبر الخلية حجر الأساس في بناء الكائن الحي بمجموعه العام، ومن الخلية يبدأ سر الحياة المحيّر، حيث ترى ظاهرة الحياة تدب في مجموعة المادة الميتة؛ فتنبثق الحياة وتسير وتتعقد حتى تصل إلى تكوين أعظم الكائنات وأشرفها ألا وهو الإنسان.
والخلية بحد ذاتها وتركيبها الخاص تبدو فيها ظاهرة الإعجاز، ومن أسرار الخلية المحيرة تنبثق بقية أنواع الحياة وأنماطها..
ومن مجموعة الخلايا التي تقوم بعمل واحد يتشكل النسيج، ومن مجموعة الأنسجة التي تتضافر لتؤدي مهمة واحدة يتشكل العضو، ومن مجموعة الأعضاء يتشكل الجهاز، ومن مجموعة الأجهزة يتشكل الكائن الحي؛ بإعجازه وتفرده وبنائه الفذ المدهش المحير..
تتكون الخلية على وجه العموم من حجرة يغلفها غشاء مضاعف، وتملأ هذه الحجرة مادة سائلة اختلفوا على حقيقتها، هل هي شبه غروية أم لا؟ وتستقر في هذه المادة السائلة المسماة بالسيتوبلاسما النواة، وفيها يكمن سر الحياة للخلية، لأن الخلية إذا جُردت من النواة لم تستطع أن تتابع سيرها في الحياة، والنواة بناؤها أيضاً دقيق فيحيط بها أيضاً غشاء نووي مضاعف ويستقر داخلها أهم شيء في الخلية وهو ما يسمى بالموروثات، التي يتم بواسطتها نقل صفات النوع إلى ذراريه، كما يستقر داخل النواة نواة لها تسمى النوَيَّة بالإضافة إلى شبكة كروماتينية..
يبلغ وزن الخلية (ويمثلها خاصة نطفة الإنسان، التي يتم بواسطتها التلقيح مع بويضة المرأة لإنشاء خلية جديدة كاملة يتم خلق الإنسان منها فيما بعد) من الوزن 10-9 غرام أي جزء من مليار من الغرام، وهي إذا قورنت بـ (بيضة) النعامة التي تبلغ من الوزن 100 مائة غرام؛ فإن بيضة النعامة التي يتخلق منها ولد النعامة تكون أكبر من ناحية الوزن بـ100 مليار مرة، وإذا ما قورنت مع بيضة الضفدع، فإن بيضة الضفدع أثقل وزنا من نطفة الإنسان بـ 100 مليون مرة، وهذه الأرقام توحي بمدى صغر النطفة الإنسانية، التي تكون الإنسان، ولكنها من ناحية الفعالية والنتيجة شيء مدهش للغاية، والوزن يومئذ الحق.
والخلية الإنسانية الأولى بمجرد أن تتكون، تبدأ في الانقسام بشكل سريع ودقيق وهادف، حتى تنقسم فتصل إلى سبعين مليون مليون خلية موزعة في 210 نوعا من الأنسجة، وأكثر من عشرين جهازا وأعضاء نبيلة من دماغ وكبد وكلية ودم ولمف وعروق وطحال ..
يبلغ قياس أقطار الخلية بالميكرونات؛ فالكرية الحمراء مثلاً، التي تشكل أهم خلايا الدم تبلغ وسطيا حوالي 7 ميكرونات من ناحية قطرها، والميكرون يمثل جزءٌ من ألف من المليمتر، أي أن قطر الكرية الحمراء يبلغ سبعة أجزاء من الألف من الميلمتر، وهو رقم صغير جداً أمام أضخم وأكبر خلية وأكبرها في الجسم؛ البويضة التي يقذفها المبيض عند المرأة، حيث يصل قطرها إلى حدود مائتي 200 ميكرون، وكأنها القلعة التي يواجهها جندي! وهو ما يحصل باقتحامها بـ 100 مليون نطفة منوية تتسارع للالتحام بها.
لقد استطاع المجهر العادي أن يرى الخلية بشكل حجرة، وكان ذلك للمرة الأولى على يد أبي الميكروسكوب الأول بياع الأقمشة (أنتون ليفنهوك)، وكان في قدرة مجهره في ذلك الوقت، أن يكبّر الأشياء 200 مرة، مقابل قدرة المجهر الإلكتروني الحالي الذي يكبر 200 ألف مرة؟ وكان حجم مجهره لا يزيد على حجم قطعة نقد معدنية ينظر فيه محمولا باليد بعين يتيمة!!
وكان هذا حدثاً مهماً في تاريخ البشرية أن عرف أن الكائنات الحية تتكون من مجموعة هائلة من الخلايا، التي تجتمع فيما بينها جزرا جزرا، لكي تؤسس جهازاً واحداً، يقوم بوظيفة واحدة، مثل الجهاز البولي أو الهضمي، ومن مجموعة الأجهزة التي تتناسق مع بعضها في العمل يتكون الكائن الحي..

الأكثر قراءة