قراءة في نتائج موازنة البحرين لعام 2007
كشف تقرير الحساب الختامي للبحرين للسنة المالية 2007 عن وجود تباين لافت بين الأرقام المعتمدة والفعلية. فقد ارتفع دخل الموازنة بنسبة 23 في المائة بسبب ارتفاع أسعار النفط وبقائها مرتفعة طوال العام الماضي. في المقابل حدث تراجع قدره 11 في المائة للمصروفات بسبب عدم القدرة على صرف كل مخصصات المشاريع الإنشائية. وعليه تم تحويل العجز المتوقع وقدره 372 مليون دينار إلى فائض حقيقي بحجم 219 مليون دينار (579 مليون دولار).
الإيرادات
كما أسلفنا فقد ارتفع دخل الخزانة بواقع 23 في المائة في عام 2007 إلى 2037 مليون دينار (5389 مليون دولار) على خلفية تسجيل ارتفاع للإيرادات النفطية الفعلية مقارنة بتلك المعتمدة. وبشكل أكثر تحديدا، ارتفع الدخل النفطي بواقع 32 في المائة إلى 1630 مليون دينار (4312 مليون دولار).
وكانت وزارة المالية قد افترضت سعرا منخفضا قدره 40 دولارا لبرميل النفط، بيد أنه ارتفع المتوسط إلى 59 دولارا للبرميل الواحد، أي نحو ضعف الرقم المعتمد. وفي المحصلة شكلت الإيرادات النفطية 80 في المائة من دخل الخزانة، ما يعني اعتماد الاقتصاد البحريني بشكل نوعي على القطاع النفطي، رغم كل الحديث عن التنوع الاقتصادي (شكل الدخل النفطي 77 في المائة من الإيرادات للسنة المالية 2006).
تحصل البحرين على إيراداتها النفطية من ثلاثة مصادر وهي: 1) حقل أبو سعفة. 2) حقل البحرين. 3) مبيعات الغاز. شكلت مبيعات حقل أبو سعفة 77 في المائة من مجموع الدخل النفطي. المعروف أن البحرين تتقاسم إنتاج حقل أبو سعفة مع الجارة والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية (يبلغ إنتاج الحقل 300 ألف برميل في اليوم).
إضافة إلى الدخل النفطي, توقعت وزارة المالية إيرادات أخرى قدرها 425 مليون دينار في عام 2007. تحصل الموازنة على هذا الإيرادات عن طريق الضرائب على الواردات، فضلا عن الرسوم على الخدمات الحكومية ومبيعات المنتجات مثل الكهرباء وعوائد الاستثمارات، إضافة إلى الإعانات من دول الجوار. بيد أنه كشفت الأرقام النهائية عن تراجع الإيرادات الأخرى بنحو 16 مليون دينار، نظرا لانخفاض عائدات الاستثمارات الحكومية.
المصروفات
اعتمدت السلطات البحرينية مصروفات لعام 2006 قدرها 2033 مليون دينار لكنها صرفت أقل من ذلك بنحو 11 في المائة، أي 1818 مليون دينار (4810 ملايين دولار).
تنقسم المصروفات إلى قسمين (المتكررة والمشاريع): خصصت الحكومة مبلغا قدره 1367 مليون دينار للمصروفات المتكررة (أو 67 في المائة من مجموع المصروفات) لتغطية أمور مثل رواتب وأجور القطاع العام والصيانة والسلع الاستهلاكية والرأسمالية. بيد أنه صرفت الحكومة 97 في المائة من الأموال المخصصة لأغراض المصروفات المتكررة بسبب البطء في شراء السلع الاستهلاكية والرأسمالية.
من جهة أخرى, خصصت السلطات 666 مليون دينار (1962 مليون دولار) للمشاريع الإنشائية في موازنة عام 2007 للصرف على أمور مرتبطة بالبنية التحتية، مثل: الكهرباء والطرقات والإسكان وتطوير المطار والموانئ.
بيد أنه قامت الحكومة بصرف مبلغ قدره 487 مليون دينار (1288 مليون دولار) من المصروفات المعتمدة للأغراض الإنشائية بواقع 145 مليون دينار أقل من الإحصاءات المعتمدة. بلغت نسبة التنفيذ لمخصصات المشاريع الإنشائية 73 في المائة في السنة المالية 2007 مقابل 76 في المائة في عام 2006.
ويبدو أن مسألة عدم صرف المخصصات كاملة مرتبطة بتحديات مثل القدرة الاستيعابية للاقتصاد من قبيل صعوبة ضمان توافر مواد البناء والعدد الكافي من المقاولين لتنفيذ المشاريع التنموية. وهناك سبب آخر وهو الخوف من زيادة حدة التضخم جراء مصروفات القطاع العام.
بعض الاستنتاجات
يعد ما تحقق في العام الماضي تكرارا لما آلت إليه الأمور في السنوات القليلة الماضية وتطبيق المعادلة التالية: ارتفاع الإيرادات مقابل تراجع المصروفات، ومن ثم تحويل العجز المتوقع إلى فائض. في السنة المالية 2006، تم تسجيل زيادة بنسبة 44 في المائة في الإيرادات مقابل تراجع قدره 8 في المائة في المصروفات، الأمر الذي سمح بتحويل العجز المتوقع وقدره 428 مليون دينار إلى فائض حجمه 281 مليون دينار.
في المحصلة كشف تقرير الحساب الختامي لعام 2007 عن تزايد (وليس تناقص) الأهمية النسبية للقطاع النفطي، الأمر الذي يجعل الاقتصاد البحريني تحت رحمة التطورات في السوق النفطية العالمية. فقد شكل الدخل النفطي 80 في المائة من قيمة إيرادات الخزانة في عام 2007 مقابل 77 في المائة في عام 2006.
كما مثلت الصادرات النفطية أكثر من ثلاثة أرباع مجموع الصادرات في عام 2007. يبقى أن البحرين تتحدث عن مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي عندما تشير إلى التنوع الاقتصادي. يسهم القطاع النفطي بنحو 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة (أي تلك المعدلة لعامل التضخم) مقابل 27 في المائة بالأسعار الجارية. كما أن التأخير في تنفيذ المشاريع الرأسمالية بدليل عدم صرف 11 في المائة من المصروفات المعتمدة لا يخدم العملية التنموية ومعالجة تحديات مثل ضمان عدم انقطاع الكهرباء خلال فصل الصيف.