حسين سراج.. الأديب الإداري والشاعر الشفاف

الأديب الكاتب الشاعر عميد المسرح السعودي حسين عبد الله سراج، من الرجال القلائل الذين جمعوا بين حب الأدب والإدارة. حسين سراج أسس المسرح السعودي إذ قدّم أول نص مسرحي مكتوب عام 1932م، كما أن سراج أول مدير عام لرابطة العالم الإسلامي منذ إنشائها عام 1962م، كما أنه مدخل المسلسلات الطويلة بعد أن كانت مقتصرة على الروايات القصيرة في الإذاعة السعودية. وبفضل أعماله الأدبية، والشعرية، أحببنا أن يكون موضوع صفحتنا لهذا الأسبوع، الراحل حسين عبد الله سراج – رحمه الله -. مولده ونشأته في عام 1912 وبين بساتين الطائف، كان مولد الأديب والمسرحي الحجازي حسين عبد الله سراج، الذي نشأ في بيت علم وبين عائلة متعلمة، فواصل تعليمه متنقلاً بين الطائف ومكة والأردن، حتى استقر في بيروت وانتظم في الجامعة الأمريكية فيها، وحصل منها على البكالوريوس في العلوم العربية وآدابها، وأثناء دراسته في الجامعة أتيحت له فرصة التواصل بعدد من الأدباء والشعراء والمسرحيين في لبنان غير أنه أقام علاقة وثيقة مع الأديب اللبناني مارون عبود، الذي قال عنه سراج في مذكراته إنه:" نمى فيّ حب العلوم العربية وآدابها وعلمني بداية الشعر والنظم والنثر". حبه للأدب والشعر يُشار إلى حسين سراج في الأوساط الأدبية أنه مؤسس الشعر المسرحي وعميد المسرح منذ العهد الجديد للجزيرة العربية، كونه قدّم أول نص مسرحي مكتوب عام 1932، وتوالت أعماله الأدبية والمسرحية فيما بعد، ومنها مسرحية "جميل بثينة" التي أصدرها عام 1943 ومسرحية "الظالم لنفسه"، غير أن أشهر ما أنتجه كان مسرحية شعرية بعنوان "غرام ولادة" صدرت عام 1952م في القاهرة وأعيدت طباعتها عام 1982 بواسطة شركة تهامة، وأيضاً مسرحية "الشوق إليك"، وأنتج عدا ذلك عشرات المسرحيات لحساب الإذاعة التي عمل فيها مدة طويلة، ومما أنتج فيها، مسلسل بعنوان "دموع وشموع" وبرنامج إذاعي بعنوان "من وحي القرآن". إلى الجانب الاهتمام المسرحي، كان للأديب حسين سراج اهتماماته الشعرية، فأصدر عام 1983 ديوان "إليها"، وكان له مقطوعات ونصوص عديدة، سبق أن نشر بعضا منها في كتاب "وحي الصحراء" الذي عمل على إصداره كل من محمد سعيد خوجة وعبد الله بلخير عام 1936م، وجمعا فيه نماذج من شعر ونثر 22 أديباً وشاعراً من الحجاز، وقد وردت قصائد سراج الذي كان في 24 من عمره آنذاك مع نصوص لشعراء كبار آنذاك كأحمد الغزاوي، أحمد قنديل، حسين سرحان، محمد حسن فقي، وآخرين. أول مدير لرابطة العالم الإسلامي كان حسين سراج أول مدير عام لرابطة العالم الإسلامي منذ إنشائها عام 1962، التي عمل فيها برفقة محمد سرور الصبان مدة تجاوزت الـ 15 عاما. وعقدت الرابطة مؤتمرين عامين أثناء وجوده وهما المؤتمر الإسلامي العام الأول الذي عقد عام 1962، والمؤتمر الإسلامي العام الثاني الذي عقد عام 1965، واستطاعت رابطة العالم الإسلامي في تلك الفترة العصيبة من التاريخ العربي، التي تلت حروب الاستقلال وثوراته، أن تتخذ مواقف سياسية معينة، مثال ذلك ما جاء في توصيات المؤتمر الثاني والتي أكدت على "دعم فكرة التضامن الإسلامي وإزالة العقبات التي تعترضها من : ضعف الوازع الديني ... وتناقض المصالح الإقليمية والنفوذ الأجنبي والأفكار الدخيلة ". وخلال عمله كمدير لرابطة العالم الإسلامي قام بزيارة بعض المدن الإسلامية في قارة آسيا وأوروبا وزار كذلك إفريقيا، وأستراليا، وأسس فيها مراكز دينية باسم الرابطة وصلى بالمسلمين صلاة الجمعة في هوليوود، ونيويورك، وبعد وفاة الشيخ محمد سرور الصبّان واشتغال مع خلفه الشيخ صالح قزاز لمدة 15 عاماً، وبعدها شعر بالتعب فاستقل وقبلت استقالته وسكن في جدة وعاد إلى سبيله القديم وهو الإذاعة. المسرية الشعرية بعد استقالته من رابطة العالم الإسلامي صار يكتب البرامج اليومية الصباحية والمسائية وتطلع إلى نجاح مسرحيات شوقي الشعرية كليوباترا ومجنون ليلى. فقرر أن يدلو بدلو مثله وفعلاً نظم مسرحية شعرية عن (ولاَّدة بنت المستكفي بالله) آخر خلفاء الأمويين في الأندلس وحبيبها الشاعر المشهور ابن زيدون وسميتها غرام ولاَّدة، ووافقت مطبعة دار المعارف المصرية على طبعها وقدم لها عميد القصة العربية محمود تيمور وأعجبت دار المعارف بها فكلفت رسامة نمساوية بعمل صور لبداية كل فصل من فصول هذه المسرحية الثلاثة ونجحت المسرحية ونفدت طبعتها الأولى خلال سبعة أشهر فتشجع وألف مسرحية شعرية أخرى اسماها (الشوق إليك) قدمتها مؤسسة تهامة السعودية للطباعة والنشر وطبعت معها ديوان شعر أيضاً اسماه (إليها). الإذاعة السعودية لما بدأت الإذاعة السعودية في تقديم المسلسلات الطويلة بعد أن كانت مقتصرة على الروايات القصيرة التي أدخلها في الإذاعة السعودية وتبنتها جريدة البلاد السعودية فكان أول مسلسل له بعنوان (دموع وشموع) ومثله مسلسل (فتاة وقدر) ثم ابتدأ في برنامج إذاعي بعنوان (من وحي القرآن الكريم) فكان يأخذ مثلاً آية (الربا) ويألف عليها مسرحية فيها حوار اختتمها بآية (الربا). وقد نجح هذا البرنامج. غزل البلاد وكان ينظم قصائد عن البلد الذي يزوره فمثلاً زار (هوليود وجزر الهواي) ونظم فيها قصيدة (ألوها) وزار إسبانيا ونظم في أشهر مصيف فيها (ماربيَّا) وقد سجل بعض هذه القصائد في (كاسيتات) وزار (الكوت دازير) (الشاطئ اللازوردي في فرنسا) ونظم هناك قصيدة (إنجي). وفي عام 2005 أقرّ الأستاذ عبد المقصود خوجة عيني حسين سراج برؤية نتاجه الأدبي والمسرحي والشعري مطبوعا وفي متناول أيدي الجميع، إذ صدرت مجموعة الأعمال الكاملة في عشرة مجلدات عن إثنينية عبدالمقصود خوجة، وكان الجزء الأول منها للشعر والجزء الثاني للنثر، وبقية الأجزاء خصصت لمسرحياته الإذاعية. وفاته بعد طبع أعماله بعامين، وتحديداً في 17 فبراير 2007، توفي حسين سراج، مخلفاً وراءه أعظم إرث مسرحي، سيبقى ما بقي المسرح. وسيحيا إذا واصل المسرحيون ما بدأه حسين سراج، وأعادوا للمسرح وهجه وقيمته التأثيرية.