حاسة الذوق
يعد الذوق من الحواس التي تستقر في اللسان وباطن الفم، ويتحسس اللسان بأنواع مختلفة من الطعوم تبلغ ستة أنواع: الحلو، والمر، والمالح، والحامض، والطعم المعدني، والقلوي، وهذه المذاقات الأساسية يتفرع منها اشتقاقات كثيرة جداً، حسب امتزاج هذه المذاقات وبنسب مختلفة، وهناك التقاء ما بين الطعم والرائحة، حيث تؤثر بعض المواد برائحتها وطعمها، فتسبب ما يسمى بالنكهة؟!
كما أن نفس الطعوم والمذاقات، تتوضع على اللسان في أمكنة محددة، فالطعم الحلو تتوضع نتوءاته الذوقية في مقدمة اللسان. والطعم المر في مؤخرة اللسان. وأما المالح فيتوضع على جانب اللسان وذروته، كما تحس به معظم أعضاء الفم، مثل الشفتين والحنك وباطن الخدين وقاع الفم. وأما الطعم الحامض فيتوضع على جوانب اللسان .
وهذه النتوءات الذوقية عجيبة ومدهشة في تركيبها، فهي تكون في اللسان ما يشبه الكهوف الصغيرة العديدة، حيث تكون فتحة البرعم الذوقي صغيرة، وتتمادى مع سطح اللسان، وفي داخل البرعم ترقد الخلايا الذوقية، وهي ترسل أهدابها التي تتحسس الذوق، ويدخل العصب الذي ينتشر بأليافه من قاعدة هذا الكهف الذوقي ..
وفي داخل هذا الكهف نرى الخلايا الحسية والخلايا التي تسندها، والخلايا التي تحيط بالبرعم الذوقي، وتتوزع البراعم الذوقية في الحليمات اللسانية..
والحليمات اللسانية ثلاثة أنواع: الحليمات الخيطية، والحليمات الكمئية، والحليمات الكأسية، ولقد وجد أن البراعم الذوقية تصل أحياناً في الحليمة الواحدة إلى (250) برعما ذوقيا، ولقد قدر البعض أن عدد النتوءات (البراعم) الذوقية في اللسان تصل إلى نحو (9000) برعم ذوقي تنقل طعم الأكل بأنواعه الأساسية، وهي الحلو والحامض والمر والمالح، كما تنقل أنواعا متباينة من المذاقات، فأنت تشعر بطعم الفاكهة من البرتقال، والتفاح، والموز، والكرز، والمشمش، والأجاص، والخوخ، وطعم الخضراوات من البندورة، والخس، والخيار، والجزر، والكوسا، والباذنجان، وبطعم الخبز، والثريد، والأكل اللذيذ، من اللحم والدسم والمرق، إلى أنواع لا يحصيها العد، ولا نريد أن نسترسل فيها حتى لا يسيل لعاب القارئ!!..
ولننظر الآن إلى هذا اللسان العجيب الذي يحتوي على (17) عضلة للحركة، وعلى غشاء مخاطي يغلفه، وعصب خاص لتحريكه في كل نصف، أي عصبان رأسيان، هما العصب تحت اللسان الكبير في كل جانب، و(6) ستة أعصاب لنقل الحس، ثلاثة في كل جانب هي:(العصب اللساني لنقل الحس من مقدمة اللسان) و(العصب البلعومي اللساني من مؤخرة اللسان) و(العصب المبهم من البلعوم والمزمار).
وهذا اللسان ترقد فيه من النتوءات والبراعم الذوقية الآلاف، ويحس بالأطعمة من شتى المأكولات، وهو بعد كل هذا يستخدم في المضغ، والبلع، والذوق، والتصويت فأي ممثل عجيب الذي يقوم بكل هذه الأدوار.
ولقد بلغت دقة التأثر في الذوق، أن اللسان يحس بالطعم المر ولو بلغ تركيزه على اللسان أربعة أجزاء من مائة ألف، وهو مع ذلك المكان الذي تخرج منه حروف كثيرة للنطق ...
( لقد خلقنا الإنسان في كبد، أيحسب أن لن يقدر عليه أحد، يقول أهلكت مالاً لبدا، أيحسب أن لم يره أحد، ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين)...
(يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون).
فيا أيها القارئ العاقل انظر وتأمل، إن القلب ليخشع، وإن العين لتدمع، وإن العقل ليركع، أمام هذه الآلاء العظيمة (فبأي آلاء ربكما تكذبان)..