التنفيذ ثمرة القضاء 2

[email protected]

تحدثت في المقال السابق عن مشروع التنفيذ الذي يدرس في الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية, وأشرت إلى أنه لم يصدر بعد ولعله يكون قريبا ليعالج الكثير من الإشكالات في الوضع الحالي للتنفيذ.
ولعل من أهم ما قد يقال عما يميز المشروع السعودي هو: سعيه إلى التقليل من منازعات التنفيذ, حيث نص على صورة معينة في التعريفات جعلها من منازعات التنفيذ, وهي ما ينظره القاضي ويفصل فيه ويخضع لأحكام الطعن أمام المحكمة الأعلى درجة, ومن يقرأ في موضوع منازعات التنفيذ في القوانين المقارنة وشروحها يجد التشكي والتذمر من هذا الحكم الذي يزيد من تعطيل التنفيذ, حيث إن الشخص بعد أن يكسب القضية ويكون الحكم الذي يحمله نهائيا فلخصمه أن يطعن بمنازعة التنفيذ والتي تمنع من التنفيذ إلا بعد البت في المنازعة.
ومما أخذ به المنظم السعودي في المشروع: توسيع السندات التنفيذية القابلة للتنفيذ, ففي حين لم يكن من السندات التنفيذية قابلا للتنفيذ قبلُ إلا الأحكام والقرارات الصادرة من المحاكم والجهات القضائية ذات الاختصاص القضائي, فقد كان هناك اتجاهان في القوانين المقارنة وكلها تأخذ بتوسيع السندات, إلا أن بعضها يحصرها – إضافة للأحكام والقرارات- بالمحررات والعقود الموثقة ومحاضر الصلح وأحكام التحكيم والأوراق التجارية, وبعضها يزيد الأوراق العادية إذا أقر بها المدعى عليه أمام قاضي التنفيذ, وهذا الاتجاه الأخير هو ما أخذ به المشروع السعودي, حيث يجوز أن يتقدم من يحمل ورقة عادية إلى قاضي التنفيذ ويطالب خصمه فيستدعيه القاضي ويسأله فقط عن استعداده للتنفيذ ولا يدخل في موضوع الدعوى, فإن أقر ألزمه بالتنفيذ وإن لم يقر كتب عليه تعهدا أنه تحت طائلة الكذب في الأوراق الرسمية ويعرض نفسه للعقوبة.
ومما يحمد للمشروع السعودي: تنظيمه أحكام وآليات الإفصاح عن الأصول بدرجة دقيقة حيث ألزم الجهات باتخاذ إدارات متخصصة, وطالبها بالإجابة العاجلة, ومنعها إفشاء الأسرار وحدد عقوبات لذلك, كما نص على ضرورة أن يتفق في اللائحة التنفيذية بين وزارة العدل ومؤسسة النقد على إجراءات تكفل سرعة التنفيذ مع الحرص على الضمانات.
ومن ذلك أيضا: تقليله المدد في النظام بين الإجراءات وبالذات في تبليغ المنفذ ضده, وفي مواعيد البيع للمنقول أو الثابت.

قاض في وزارة العدل

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي