عوائد "الفورمولا 1" على الاقتصاد البحريني

[email protected]

يُخطئ من يظن أن "الفورمولا 1" مسابقة رياضية. بل على العكس فالمشروع اقتصادي حتى النخاع بدءا من الجهة المنظمة للمسابقة (الاتحاد الدولي لسباق السيارات) ومرورا بالشركات المشاركة في الحدث (الفراري ورينو وتويوتا) فضلا عن تلك الراعية للمناسبة (طيران الخليج بالنسبة للبحرين).
ومرد الحديث عن هذا الموضوع في هذه الفترة بالذات يعود بالضرورة إلى استضافة البحرين هذه الأيام لفعاليات المرحلة لمسابقة "الفورمولا 1" لعام 2008. يستضيف هذا الموسم تحديدا 18 منافسة ابتداء بأستراليا بتاريخ 16 آذار (مارس) وانتهاء بالبرازيل في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر). بدورها تستضيف البحرين المرحلة الثالثة في الفترة من الرابع إلى السادس من نيسان (أبريل) الجاري. يشار إلى أن البحرين حظيت بشرف انطلاق مسابقات "الفورمولا 1" عام 2006 نظرا لاستضافة أستراليا ألعاب دورة (الكومنولث) عند انطلاق الموسم.
بلغت تكلفة إنشاء الحلبة 150 مليون دولار. وحسب دراسة أعدت لصالح الحلبة، فقد ارتفعت التكلفة الإجمالية للمشروع بعد إضافة المصروفات الأخرى مثل الشوارع الفرعية إلى 185 مليون دولار. المعروف أن الحكومة استصدرت في بداية عام 2003 سندات دولية بقيمة 500 مليون دولار تم تخصيص 150 مليون دولار لإنشاء الحلبة والباقي لمشاريع أخرى. وربما ارتفعت المصروفات بشكل أكثر لاحقا بعد تطوير الطرق السريعة المؤدية إلى الحلبة. حقيقة لا تعد هذه التكلفة عالية إذا ما قورنت ببعض المنشآت الأخرى مثل الصين، حيث بلغت التكلفة 350 مليون دولار.

فوائد اقتصادية جمة
حسب شركة ممتلكات القابضة (وهي مؤسسة حكومية تدير استثمارات الدولة وتعد مالكة لحلبة البحرين الدولية) فقد بلغت قيمة العائد الاقتصادي لفعاليات عام 2007 تحديدا 548 مليون دولار مشكلا زيادة بنسبة 40 في المائة مقارنة بعام 2006. وحسنت فعلت شركة ممتلكات بإسناد الدراسة لمؤسسة تجارية محايدة (غودود الاستشارية للبحوث والتسويق ومقرها إمارة دبي). حقيقة القول، يعد الرقم (548 مليون دولار) كبيرا بالنسبة لاقتصاد صغير، حيث يشكل نحو 4 في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي للبحرين.
في التفاصيل، كشفت الدارسة أن مبيعات التذاكر بلغت نحو 11 مليون دولار. كما قام الزوار بصرف أكثر من 33 مليون دولار على منتجات الحلبة على مدى ثلاثة أيام متتالية. كما قام الزوار بصرف 105 ملايين دولار خارج الحلبة على أمور مثل السفر والإقامة والتنقل عبر وسائل المواصلات المختلفة والمطاعم. إضافة إلى ذلك، كشفت الدارسة أن 90 ألف فرد تواجدوا في الحلبة على مدى ثلاثة أيام. وتبين أن 47 في المائة من زوار الحلبة قدموا من خارج البحرين وخصوصا الشرق الأوسط.
وأكدت الدراسة بعدم وجود الحاجة إلى الفنادق للترويج حيث كانت نسبة التشغيل 100 في المائة في الأيام الثلاثة للمسابقة. أيضا استفادت قطاعات أخرى من بينها السفر والسياحة والمطاعم والمقاهي فضلا عن قطاع المواصلات مثل سيارات الأجرة والتأجير.

استثمارات واعدة
ومن المتوقع أن تزداد القيمة المباشرة وغير المباشرة لمشروع "الفورمولا 1" في المستقبل في حال تنفيذ المشاريع الاستثمارية المقترحة. حديثا فقط، كشفت شركة ممتلكات عن خطة طموحة بالتعاون مع مجلس التنمية الاقتصادية لتنفيذ مجمع الأعمال المصاحب لحلبة البحرين الدولية. يبلغ حجم الاستثمارات 350 مليون دولار في المرحلة الأولى قابل للزيادة إلى خمسة مليارات في المستقبل.
يتوقع أن تسهم المسابقة في تحقيق نجاح اقتصادي آخر يتمثل في تحويل البحرين إلى نقطة لتجميع أجزاء من بعض السيارات الرياضية. والإشارة هنا إلى سير العمل في إنشاء مصنع لشركة "روف" الألمانية لتجميع القطع بالقرب من الحلبة بقيمة 50 مليون دولار. يعد هذا المصنع الأول من نوعه للشركة خارج ألمانيا وقد تشجع الخطوة قيام شركات أخرى بخطوات مماثلة.
تسهم المسابقة في وضع البحرين على خريطة السياحة العالمية. تتجه أنظار الملايين في العالم يوم غد (الأحد) إلى البحرين، حيث يعتقد أن 500 مليون شخص من مختلف بقاع الأرض سيشاهدون أحداث المسابقة على الشاشات الصغيرة ووسائل الإعلام الأخرى منها الإنترنت. تعد مسابقة "الفورمولا1" ثالث أهم حدث شعبي رياضي في العالم بعد كأس العالم لكرة القدم والأولمبياد. لكن خلافا لكأس العالم والأولمبياد، فإن مسابقة "الفورمولا1" تعقد سنويا.

حلبة أبو ظبي
يمكن الزعم أن خير دليل على نجاح مشروع حلبة البحرين الدولية لاستضافة مسابقة "الفورمولا 1" هو إقامة مشروع مماثل في إمارة أبو ظبي. المشهور في علم الاقتصاد أن أي مشروع ناجح يستقطب منافسة من قبل الآخرين. ومن المنتظر أن تستضيف حلبة أبو ظبي بشكل رسمي مسابقات "الفورمولا 1" ابتداء من عام 2009. وقد حصلت أبو ظبي على عقد لمدة سبع سنوات.
ومن مفارقات موسم 2008، عدم استضافة حلبة أنديانا بوليس في الولايات المتحدة لسباق "الفورمولا 1" نظرا لعدم تمكن الأطراف ذات العلاقة من تجديد العقد. في المقابل، تستضيف سنغافورة السباق للمرة الأولى في تاريخ البلاد. ربما تتمكن آسيا من لعب دور أكبر في المسابقة السنوية مستقبلا.

عضو مجلس النواب (البحرين)

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي