لا تظلموا عرقوب!
اعتدنا بالدارجة أن نشبه كل من لا يلتزم بمواعيده بـ"عرقوب" ورغم أني لا أعرف عرقوب أو القصة التي جعلت من مواعيده لفظا شعبيا، إلا أنني أرى أنه من الظلم في هذا الوقت أن نشبه من يتأخر عن مواعيده بالأخ عرقوب، فمن يخرج لشوارع الرياض حتما سيدخل في زحام لا يطاق، وفوضى تتحد مع كل المشاهد، وقد غاب عن الناس تجديد تقدير الوقت من مشوار إلى آخر، فالمسافة التي كانت تستغرق من الوقت عشر دقائق بين مكانين أصبحت تستغرق ما لا يقل عن نصف ساعة، ولنا أن نقيس على ذلك كلما بعدت المسافة، لذا يجب أن نستعد لمفاجآت الزحام الذي واجهنا الكثير من الصعوبات لمباغتته ومعرفة متى يختفي أو يخف، وهذا ما يجعلنا نطالب المسؤولين بالاستعجال في تنفيذ الحلول التي وضعت لهذه الأزمة، خاصة أنك حين تحاول أن تتحايل على الزحام بإيجاد طرق بديلة تصدم في زحام من نوع آخر، فالزحام لدينا له عدة أشكال، هناك زحام فوضى وزحام مخرج وزحام شاحنات وزحام إشارات المرور، وزحام حادث وزحام لا يوجد له تصنيف، وتصوروا أحيانا زحام "والشوارع فاضية"!
ومن المهم كذلك أن نشير إلى أن سلوك الناس حين يأتي منظما ومعتادا على مسار ملتزم سيساهم في تخفيف هذه الأزمة، وليس من المعقول أن نطالب بكل شيء ونضع اللوم على الأجهزة الحكومية دون النظر إلى الناس، ولك أن ترصد مع كل زحام سلوك السائقين، فهذا يخرج عن مساره وهذا يشتم وهذا يصارع من أجل الدخول بين سيارتين كي يكسب البداية وكأننا في رالي سيارات، وأمام كل هذا نفكر أحيانا في أن مهارة القيادة قد تساعد على الخروج من هذا الزحام وتبدأ في سرد خيالات إيجاد مدرسة متخصصة لتعليم "القيادة وسط الزحام".
لذا قد نحتاج الآن إلى تأجيل طرح هذا المثل الشعبي وإزاحة "عرقوب" من المواعيد "المضروبة" على الأقل لفترة مؤقتة حتى يحين موعد "ملتزم" يزيح هذه الفوضى وهذا التدفق الهائل على الإشارات والمخارج والشوارع الممتدة بالطول والعرض، وكي ترتاح من انتقاد رئيسك حين تتأخر عن موعد العمل أو من غضب زوجتك وهي تنتظر عودتك بقائمة "المقاضي" أو من "شتم" صديق كان ينتظرك من أربع ساعات أمام منزله لحضور ندوة عن "النجاح يبدأ بالالتزام".