الأوبك.. بين زيارة ولي العهد ونفط روسيا
بعد قمة الأوبك تأتي زيارة ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز إلى روسيا. قمة الأوبك هدفت إلى رفع درجة التنسيق بين أعضاء هذه المنظمة وإضفاء مزيد من التركيز على بعض الجوانب المهمة ذات العلاقة، خاصة في ظل غياب الحاجة إلى التحكم في الإنتاج بغرض التأثير في أسعار النفط، حيث إن جميع الأعضاء ينتجون كامل طاقتهم. لذلك كان دور المملكة المركزي واضحا ليس من خلال الحجم فقط وإنما بالتميز بتوفر القدرة الاحتياطية للتصدير. ولعل من قائل إن الأوبك أصبحت من عضو واحد. ولكن تجارة النفط وتصديره أكبر من الأوبك. دول الأوبك مجتمعة تنتج نحو 30 مليون برميل في اليوم فقط، بينما روسيا تنتج نحو 10 ملايين برميل يوميا (بداية عام 2007) يذهب منها نحو سبعة ملايين برميل للتصدير. أكبر دولتين مصدرتين للنفط هما المملكة وروسيا، وللنفط أهمية قصوى في اقتصاد البلدين. روسيا أكبر بلد أوروبي يعتمد اقتصاده في الأساس على عوائد النفط.
زيارة بهذا المستوى سوف تأخذ أبعادا أكثر من النفط، حيث إن لروسيا والمملكة نفوذا واضحا كل في دائرة نفوذه الجيوسياسية، ولكن نقاط الالتقاء كثيرة، منها في سبيل المثال لا الحصر قدرة روسيا الصناعية والعسكرية ووجود أقلية إسلامية معتبرة ترى في المملكة عمقا روحانيا وكذلك تأثير روسيا في الوضع الإقليمي سواء في النزاع العربي الإسرائيلي (روسيا عضو في اللجنة الرباعية) وكذلك لعلاقة روسيا مع إيران أهمية خاصة، وكذلك هناك علاقات تجارية أخرى. ولكن الموضوع الذي نحن بصدده في هذه المقال هو قطاع النفط. ليس المراد هنا التقليل أبدا من أهمية التنسيق مع الأوبك ولنقل البعض المؤثر خاصة من ذوي الاحتياطي المعتبر من النفط ولكن دور روسيا كأكبر مصدر للنفط خارج دول منظمة الأوبك جعل منها لاعبا رئيسا (تشابه كبير مع المملكة) ولذلك فإن التنسيق مع روسيا ضرورة استراتيجية بعيدة المدى. قد لا تكون هذه واضحة اليوم نظرا لقوة السوق ولكن كما تشهد الأسعار هذه الأيام تذبذبات واضحة في السعر وعلامات ركود اقتصادية في أمريكا مما سوف يؤثر في اقتصاديات النفط (تستهلك أمريكا نحو 21 مليون برميل من نحو 86 مليون برميل نفط في العالم).
النمو في استهلاك النفط جاء من الصين والهند ودول أخرى، ولكن ازدهار الصين مرتبط ارتباطا وثيقا باستقرار الاقتصاد الأمريكي (حيث إن الاقتصاد الصيني يعتمد في الأساس على التصنيع بغرض التصدير إلى أمريكا كأكبر سوق)، كذلك للصين دور مهم في (تصدير) رأس المال إلى أمريكا مما يساعد على تمويل الاقتصاد الأمريكي لمواصلة الاستهلاك (الحفاظ على سوق بترولي نشط). إذا تأكد ركود اقتصادي واضح فإن أسعار النفط ستتأثر، وستكون هناك حاجة ماسة للتنسيق مع الدول المصدرة داخل الأوبك وخارجها أهمها روسيا. فهناك ترابط وثيق ودرجة عالية من الحساسية وسرعة الحركة في السوق، ولذلك علينا التنسيق مع روسيا لجميع الاحتمالات والتقلبات في السوق النفطية. ليس من أفضل وقت للتنسيق والمشاورات حينما تكون المصالح متطابقة والأوضاع السوقية مريحة لخدمة الجميع.
تأتي هذه الزيارة في وقت مهم استراتيجيا وعسى أن يكون للنفط مكان استراتيجي في منظومة هذه العلاقة.