لا جديد تحت الشمس في سوق العمل السعودية

[email protected]

أربع ساعات هي مدة لقاء وزير العمل الدكتور غازي القصيبي مع أعضاء مجلس الشورى، كما ذكرت صحيفة "الاقتصادية" في عددها يوم الإثنين 11 شباط (فبراير). ولم تكن تلك الساعات الأربع كافية لإخراج آراء أو سياسات عمالية قد تكون مهمة أو تنبئ بحدوث تحول في السياسات العمالية لسوق العمل في المملكة. فالوزير يتحفظ على مقترح مجلس الشورى بصرف بدل للعاطلين، لأن ذلك قد يؤدي إلى التواكل. وبشكل عام، كانت الآراء الأخرى عن الاستقدام وسوق العمل عبارة عن تكرار لآراء سابقة لمعالي الوزير طرحت في أكثر من مناسبة. ولذلك لم أخرج بأي تصور واضح أو جديد عن مستقبل سوق العمل في المملكة من خلال لقاء معالي وزير العمل بأعضاء مجلس الشورى، كما هو الحال منذ تسنم معاليه وزارة العمل. فالوزير القصيبي أضاف إلى سوق العمل الطابع الفلسفي الذي تتميز بها إجابات معاليه، إذ يطغى عليها البعد الفلسفي المكسو بالطابع الأدبي، الأمر الذي قد لا يفيد سوق العمل كثيراً.
موضوعات سوق العمل السعودية متعددة ومتشعبة ومتشابكة وتحتاج إلى سياسات عملية واضحة ودقيقة، وقادرة على فك التشعبات والتشابكات المعقدة. فسوق العمل السعودية عبارة عن عدة أسواق في سوق واحدة: هناك سوق عمل للمواطنين، وسوق عمل للعمالة الوافدة، وسوق عمل للعمالة الماهرة، وأخرى لغير الماهرة أو شبه الماهرة. وهناك سوق عمل للذكور، وسوق عمل للإناث. وهناك أسواق عمل أخرى قطاعية، بحيث إن لكل قطاع في الاقتصاد المحلي سوقه الخاصة به. لذا فإن لقاء مجلس الشورى بمعالي وزير العمل لم يشف غليلي، ولم يجب عن التساؤلات الكثيرة المطروحة في سوق العمل.
الوزير مع عدم صرف بدل للعاطلين لأن ذلك قد يؤدي إلى التواكل، وهي إجابة متبسرة للغاية، قد تعني أن كل الدول التي تصرف بدل إعانة للعاطلين فيها تعاني التواكل وزيادة نسبة العاطلين الباحثين عن بدل البطالة، فالمعروف أن بدل صرف العاطلين عن العمل تحكمه إجراءات وسياسات عديدة ولفترات محدودة. في معظم الولايات في أمريكا لا يتجاوز صرف بدل الإعانة أكثر من 26 أسبوعا، وهولا يصرف لأي عاطل عن العمل إلا حسب شروط عديدة. إذ لا يمكن لأحد أن يختار أن يكون عاطلاً عن العمل لأنه يريد الحصول على بدل البطالة، ولا يمكن لأحد أن يختار التسكع في الشوارع ليتواكل على بدل البطالة، فهناك شروط وإجراءات عديدة يمكن أن تضعها وزارة العمل لمستحقي بدل البطالة لتجنب التواكل، وتساعد على البحث عن عمل للعاطل على وجه السرعة، الأمر الذي وددت سماعه أو قراءته في إجابة معاليه.
إن وجود سياسة لبدل البطالة قد يسهم على أقل تقدير في وجود مركز معلومات يتميز بالمصداقية والدقة لأن البدلات تنطوي على أمور مالية يطغى عليها طابع الحرص والدقة، الأمر الذي قد يؤدي إلى إجابات أكثر دقة عن سوق العمل في المملكة، مثل نسبة البطالة التي ما زالت لغزاً لا نعرف إجاباته حتى الآن. فقد كان حريا أن نعرف ما نسبة البطالة التي يرى معالي الوزير أنها في انخفاض.
لقد عذرنا وزارة العمل في عدم تطبيق حد أدنى للأجور بسبب تعدد أسواق العمل في السعودية بشكل معقد للغاية، فليس من المعقول أن يطبق حد أدنى لأجور المواطنين، وإغفال حد أدنى لأجور العمالة الوافدة الذي قد يكون هذا الحد ـ إن وضع للعمالة الوافدة ـ أعلى من الحد الأعلى للأجور لبلدان بعض العمالة الوافدة. لكننا مع وجود سياسات واضحة لصرف بدل بطالة، وأمر يجب أن يطالب به، ليس فقط من وزارة العمل وحدها، بل من جهات متعددة. ذلك أن البطالة لها سلبياتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بحيث يجب أن تتضافر جهود جهات حكومية متعددة، وألا تكون متروكة لوزارة العمل لتقررها هي بمفردها.وبخلاف بدل البطالة والحد الأدنى للأجور، هناك نقاط عديدة يستحق التعليق عليها، ولكننا سننتظر حتى تنشر الاستراتيجية الوطنية للتوظيف التي أتمنى أن تنطوي على إجابات شافية تغنينا عناء التعليق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي