مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة واستقلالية المعوق

[email protected]

قرأت في منتديات تحدي الإعاقة مشاركة لأحد أعضاء هذا المنتدى أحببت أن تطلعوا عليها كاستهلال لمقالتي هذه، التي أود أن أستنهض الهمم من خلالها لدعم مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، هذا الصرح الإنساني المتفرد في بلادنا، الذي أسال الله أن يكلل جهود القائمين عليه والداعمين له بالتوفيق وأن يجزي لهم الأجر والثواب.

تقول المشاركة وهي بعنوان "إلى من يعيقوننا" فلنغير الصورة ونعكس الوضع، لما نتكلم عن أنفسنا ومشكلاتنا، لما لا نتكلم عمن يعيقوننا؟ إنهم هم المعوقون فكرا وعقلا، معوقون قلبا وجسدا، إنهم يقتلوننا دون أن يعلموا، فلنقاومهم، ونعلن أننا سنعيش حياتنا معهم أو دونهم، فليقبلوننا أو لينعزلوا هم من حياتنا وواقعنا، ولننكرهم كما ينكروننا، ولنعزلهم كما يعزلوننا، فسنعيش رافعي الرؤوس غير مطأطئيها، فلتحيا إعاقتنا ولتسقط إعاقتهم.

مشاركة من معوق تنم عن معاناة شديدة من مجتمع لا يستجيب إلى حاجات المعوقين بالشكل المطلوب وفي الوقت المناسب، وإذا استجاب فإن استجابته يوجهها الشعور بالشفقة والرغبة في الإحسان بدل منهج يستند إلى أن المعوقين أشخاص لهم حقوق من الواجب على الدولة والمجتمع الوفاء بها من خلال برامج تطبيقية تتضافر وتتكامل الجهود كافة لتحقيقها.

بلادنا فتية وهي تحث الخطى لاستكمال المنظومات كافة ذات العلاقة بالتنمية الشاملة والمستدامة التي يشكل الإنسان وإن كان معوقا وسيلتها وغايتها، ولا شك أن منظومة التصدي لقضية الإعاقة مازالت في مرحلة الاستكمال وهي ليست بالمكانة التي تمكنها مع الوقاية من الإعاقة والتخفيف من آثارها بالصورة المنشودة، فنظام رعاية المعوقين لم يصدر إلا في شهر رمضان عام 1421هـ بينما لم يشكل المجلس الأعلى للمعوقين إلا في عام 1423هـ وهو غير مفعَل بالصورة المطلوبة للنهوض بمهامه، كما أن جمعيات رعاية المعوقين مازالت دون المأمول كما ونوعا وتنظيما وقدرات، ومعظم الجهات الخدمية غير مهيأة للمعوقين أيا كانت إعاقتهم، بل إننا نفتقر لقواعد بيانات شاملة وحديثة للإعاقة والمعوقين في بلادنا، ولاشك أن كل ذلك انعكس سلبا على المعوقين وذويهم مما جعلهم يعانون الأمَرين.

مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة أحد عناصر منظومة التصدي لقضية الإعاقة على اعتبار أن الدراسات والبحوث التطبيقية تشكل حاجة ملحة لمواجهة وعلاج حالات الإعاقة المتزايدة في بلادنا، وملء الفراغ في مجال البحث العلمي المكثف حول الإعاقة ومسبباتها ووسائل تـفاديها وعلاجها. وتتضح أهمية المركز عندما نعلم أنه مركز يسعى لإشراك المعوقين وأُسرهم مع المجتمع من خلال القيام بأفضل التطبيقات العملية القائمة على أساس بحثي جيد وقوي، إضافة إلى التعرف على أسباب الإعاقات على مستوى المملكة العربية السعودية، ومن ثم التعاون مع أفضل المراكز المتخصصة والجهات المعنية في إيجاد الوسائل والطرق الكفيلة بالحد من الإعاقة وتخفيف آثارها على المعوقين وذويهم، والمساهمة في تقديم خدمات مساندة أكثر فاعلية تتيح للمعوقين تسيير أمورهم اليومية والإسهام في بناء مجتمعهم.

ولا شك أن قيام المركز بهذه المهام سيخفف من معاناة المعوقين التي عبرت عنها مشاركة المعوق في منتديات تحدي الإعاقة، وأنا أجزم بأن المركز ورغم قلة إمكاناته المالية التي تمثل عصب الإمكانات استطاع بدعم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز وجهود متواصلة وحثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان تحقيق جملة من الأهداف النبيلة، في مقدمتها رفع مستوى الاهتمام بقضية الإعاقة ومشكلات المعوقين إلى أعلى الدرجات حتى أصبحت في أعلى سلم أولويات حكومتنا الرشيدة ومكان اهتمام الكثير من أصحاب الأيادي البيضاء من أبناء المملكة العربية السعودية وكثير من الباحثين والمفكرين من صناع الفكر والرأي في بلادنا العزيزة.

والمركز وهو يعمل على تحقيق استقلالية المعوق وإطلاق أقصى طاقاته من ناحية وعلى الحد والوقاية من الإعاقة وأسبابها من ناحية أخرى أطلق الكثير من البرامج البحثية التطبيقية، التي حققت هدفين مهمين بشكل متواز، الأول تمثل في إبراز الكثير من المساحات التي يعاني فيها المعوق مثل قضية "الوصول الشامل"، أي الوصول إلى ما يريد الوصول إليه من مبان ومرافق عامة ومواقع ترفيهية ومنشآت رياضية ومواصلات ومعلومات، إضافة إلى الوصول للمعالم التذكارية والمواقع ذات الأهمية الثقافية الوطنية، وقضية حقه في التعليم بكل مراحله ومستوياته والعلاج المناسب، والآخر تمثل في الوقاية من أسباب الإعاقة حيث تمكن المركز من خلال برامجه التطبيقية من إنقاذ المئات من الإعاقة، كما تمكن من تمكين عدد من الأسر لا تنجب إلا معوقين من إنجاب أطفال سليمين، كما تمكن من تفعيل قضية الفحص قبل الزواج كوسيلة مثلى للوقاية من الإعاقات الوراثية، التي تتزايد في البلدان التي ترتفع فيها نسب زواج الأقارب كما في بلادنا.
ختاما، تقول افتتاحية منتدى تحدي الإعاقة "عندما أقرأ قصة كفاح أي عضو وتفاصيل تحديه للإعاقة أحس بالفخر والاعتزاز لأني من ذوي الإعاقة فإعاقتنا لم ولن تمنعنا من تحقيق أهدافنا وأحلامنا رغم ظروف الحياة القاسية" وأنا أقول عندما أقرأ قصة كفاح مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة للوقاية من الإعاقة ولتحقيق استقلالية المعوق وإطلاق أقصى طاقاته أحس بالفخر والاعتزاز ولا شك أن الباذلين الذين ساهموا في تمكين المركز من تحقيق تلك النتائج يشعرون بالفخر والاعتزاز أكثر مني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي