التحديات الاقتصادية التي تواجه مجلس التعاون في 2008

[email protected]

تواجه دول مجلس التعاون الخليجي العديد من التحديات الاقتصادية في عام 2008. وتتمثل هذه التحديات في تعزيز عملية التكامل الاقتصادي بين دول المجلس وتوسيع التبادل التجاري مع الكيانات الاقتصادية الأخرى، فضلا عن مواجهة المشكلات الأخرى، مثل استمرار تنفيذ عملية الإصلاحات الاقتصادية ومواجهة البطالة.

تحقيق التكامل الاقتصادي
تسير مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول المجلس بخطى ثابتة لكن بطيئة. وكانت القمة الثامنة والعشرون التي عقدت في قطر في نهاية 2007 قد قررت تدشين مشروع السوق المشتركة في بداية عام 2008. يرتكز مفهوم السوق المشتركة على منح وسائل الإنتاج حرية الحركة في التنقل بين الدول الأعضاء. يسمح مشروع السوق المشتركة لمواطني دول المجلس بمزاولة جميع الأنشطة الاستثمارية والخدمية وتداول وشراء الأسهم، وتملك العقارات والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية في الدول الأعضاء. كما يسمح بحرية تنقل رؤوس الأموال وحقوق التأمين والتقاعد، فضلا عن العمل والتوظيف في القطاعات الحكومية والأهلية في جميع دول المجلس. يبقى علينا انتظار نتائج تطبيق المشروع.
وكانت دول المجلس قد وافقت في قمة أبو ظبي في عام 2005 بالسماح لرعايا دول المجلس بفتح مكاتب التوظيف الأهلية وتأجير السيارات ومعظم الأنشطة الثقافية. كما أضافت قمة الرياض في عام 2006 ثلاثة أنشطة جديدة (خدمات التأمين والتخليص لدى الدوائر الحكومية والنقل) التي يسمح بموجبها لجميع رعايا دول المجلس ممارستها داخل الدول الأعضاء.

تعزيز التبادل التجاري
تشكل التجارة البينية بين دول مجلس التعاون نحو 15 في المائة من تجارتها مع دول العالم ما يحتم ضرورة تعزيز الروابط الاقتصادية بين الدول الأعضاء. في المقابل تبلغ نسبة التبادل التجاري بين دول الاتحاد الأوروبي أكثر من 50 في المائة من تجارتها مع دول العالم. خلافا لما عليه الحال في الاتحاد الأوروبي تعد اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي منافسة وليست بالضرورة مكملة لبعضها. حقيقة ما يجمع الدول الخليجية هو التشابه الاقتصادي، حيث التركيز على تصدير النفط ومشتقاته مع وجود بعض الاستثناءات مثل نجاح السعودية في مجال المنتجات الزراعية ودبي في التجارة العابرة وقطر في الغاز.

إقامة منطقة للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي
لم تنجح دول مجلس التعاون الخليجي مع نهاية 2007 في إنهاء المفاوضات المتعلقة بإنشاء منطقة للتجارة الحرة مع دول الاتحاد الأوروبي. تعد دول الاتحاد الأوروبي وعددها 27 دولة الشريك التجاري الأول لدول المجلس. وقد تعثرت المفاوضات لفترة طويلة نسبيا (انطلقت المفاوضات في عام 1988) بسبب الشروط الأوروبية مثل ضرورة تحقق تكامل اقتصادي فعلي بين دول مجلس التعاون (أدخل الأوروبيون في بعض الفترات متغيرات جديدة مثل عدم الإساءة للبيئة، فضلا عن المسائل الاعتيادية والإصلاح السياسي).

بيد أنه هناك أمل كبير في توقيع اتفاقية للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي في وقت لاحق من عام 2008 نظرا لأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح. وخير دليل على ذلك دخول مشروع السوق المشتركة الخليجية حيز التنفيذ في بداية عام 2008. كما أن الاتحاد الأوروبي بات أكثر رغبة من أي وقت مضى لإقامة منطقة للتجارة مع الجانب الخليجي. وقد تبين ذلك من خلال التصريحات التي أطلقها مفوض التجارة الأوروبية (بيتر ماندليسون) أثناء جولته في بعض دول المنطقة في عام 2007. بقي هناك عائق أساسي هو إنهاء كل دول مجلس التعاون شرط تقييد التملك الأجنبي بنسبة 49 في المائة.

الإصلاح الاقتصادي
يتمثل القاسم المشترك بين دول مجلس التعاون في هذه الفترة في منح القطاع الخاص الدور الريادي في إدارة دفة الاقتصاد. حقيقة القول هناك توجه جدي في تحرير الاقتصاد من سيطرة القطاع العام مثل قيام السلطات بتحويل بعض الأمور العادية مثل أعمال البلدية إلى عهدة شركات خاصة. كما قررت دول المجلس السماح لشركات غير وطنية بالمنافسة في بعض القطاعات الحيوية مثل الاتصالات.
ويكمن التحدي في استمرار العمل ببرنامج الإصلاح الاقتصادي على الرغم من ظهور بعض العوائق مثل البطالة في أوساط المواطنين. المعروف أن المواطنين في دول المجلس يعملون بشكل رئيسي في الأجهزة الحكومية, والتي بدورها مرشحة لعلميات التخصيص.

مواجهة البطالة
كما أن هناك تحديا خطيرا يواجه بعض دول المجلس أكثر من غيرها والإشارة هنا إلى إيجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين. تعد البطالة مشكلة خطيرة في البحرين, حيث تبلغ 10 في المائة من حجم القوى العاملة الوطنية. ويخشى أن تتفاقم الأزمة مع دخول المزيد من الخريجين إلى سوق العمل. كما أن إيجاد وظائف تتناسب وتطلعات المواطنين تشكل دوامة للمسؤولين في السعودية. يحتاج الاقتصاد السعودي إلى توفير أكثر من 150 ألف فرصة عمل سنويا للمواطنين.
ختاما يشكل استمرار ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية فرصة تاريخية لدول المجلس لمواجهة بعض هذه التحديات. فجميع الموازنات الخليجية حققت فائضا ماليا في عام 2007. المطلوب توظيف بعض الفوائض المالية لجهة حل التحديات الاقتصادية وفي مقدمتها توفير فرص عمل تتناسب وتطلعات المواطن الخليجي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي