الأسهم وهل لا بد من خميس أسود وإثنين حالك السواد؟

الأسهم وهل لا بد من خميس أسود وإثنين حالك السواد؟

هل أكل الأموال بالباطل حلال؟!
الكل سوف يقول لا.
لماذا لا خلاف حول ذلك؟ لأن النهي صريح عن أكل الأموال بالباطل "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً".
أين الخلاف؟
إن الخلاف في تعريف الباطل!
لدينا سوق يسمى سوق المال أو الأسهم أو التداول أو المضاربة.
ماذا يجري ويحدث في هذا السوق؟
نريد إجابة بسيطة ومباشرة بحيث لا نختلف عليها.
الذي يحدث في سوق الأسهم هو: أبيع عليك سهما بـ 26 ريالا ثم تبيعه على فؤاد بـ 28 ريالا ويشتريه خالد بـ 30 ريالا وأعود واشتري سهمي القديم بـ 33 ثم يعود فؤاد ويشتريه مني بـ 36 والذي ينتظره خالد على أحر من الجمر ليشتريه بـ 39 وأحن إلى سهمي القديم فأعود واشتريه بـ 42 وهكذا إلى أن تصل قيمة السهم 400 ريال ثم.. وفجأة يتم إدراك أن الأمر لم يعد مقبولا فيهوي السعر في كل يوم إلى أن تصبح الإصابة بالجلطة وقتل النفس أمرا معقولا ومقبولا فقد نزلت قيمة سهمي إلى السبعينات، وذاك المضارب سبق وباع البيت واستدان وحصل على تسهيلات من البنك ليجني الأرباح ولكن! انهيار يعقبه صعود آخر مع ضحايا جدد.
ماذا حدث للشركة التي اشترينا وبعنا سهمها بالعشرينات ثم قفز إلى المئات رجوعا إلى السبعينات لم تتأثر بشي لأنه أمر خارج عنها لم يقدم أو يؤخر في نشاطها فالشركة الخاسرة خاسرة إلى حينه والرابحة رابحة إلى حينه.
هل هذا أكل أموال بالباطل؟
سنجد الاختلاف في الإجابة بشكل يثير الشفقة على حالنا ليظهر لنا مدى تبعيتنا العقلية للآخرين وأن العقل فضلا عن الدين قد تم استبعاده عن هذه التفاعلات،
إنها حركة رحوية لها بداية ولكن لا نهاية لها، طاحونة سحقت وتسحق كل مقدرات ومدخرات الشريحة المتوسطة التي يقوم عليها المجتمع بل ونقلتها إلى خانة المدين.
هل سوق الأسهم بهذه الآلية والتداول العالمي لازم علينا اتباعها وأن نسير على خطاهما حذو القذة بالقذة لكي نثبت للآخرين أن اقتصادنا منفتح ومتطور؟؟!!
هذه الترليونات أو آلاف المليارات في سوق الأسهم لا تساوي قيمتها الفعلية 10 في المائة منها، لا يمكن اعتبارها إلا ناتج تصرفات وقفزات مجنونة مماثلة لحركة من يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ.
ما الحل أو التصور الذي قد يكون مناسبا للعمل في مجال الأسهم؟
أولاً: يجب أن تُقسم ملكيات الأسهم إلى نوعين رئيسيين هما:
1- أسهم مملوكة على سبيل القنية والاستثمار للحصول على الأرباح السنوية من الشركة وهذه تحتسب زكاتها وتحصل من الشركة صاحبة السهم.
2- أسهم مملوكة بغرض المضاربة والمتاجرة والتداول في سوق الأسهم وهذه تعد عروض تجارة يجب أن تستحصل عليها الزكاة السنوية تبعا لمعدل قيمتها خلال السنة على أن يدفع زكاتها مالك السهم وقت الوجوب.
ثانيا: ماذا يجب علينا أن نضع من أسس وقواعد للتداول لتحديد الأسعار؟
الأساس الذي يجب أن يطبق هو ألا تزيد قيمة السهم على 40 مكرر بأي حال من الأحوال بحيث إذا كانت الأرباح عن السنة عشرة ريالات فلا يسمح بأن تزيد قيمة السهم على 400 ريال لأن العشرة ريالات بالنسبة لقيمة السهم هي زكاته بواقع ريالين ونصف في كل مائة ريال، وبالتالي يجب أن تستقطع الدولة كامل الأرباح كزكاة، طالما أن الأسهم أعدت كعروض تجارة وهنا سنجد أن الأسعار من الناحية العملية ستراوح بين العشرة مكررات والعشرين.
ثالثاً: أن يكون لدى الصناديق الاستثمارية التابعة للدولة استراتيجية لشراء الأسهم التي تقل أسعارها عن عشرة مكررات، وبالتالي من الناحية التنظيمية ستراوح أسعار التداول ما بين العشرة مكررات والأربعين مكرر لا تزيد على ذلك ولا تقل.
رابعاً: الشركات الخاسرة يوقف تداولها والمضاربة فيها إلى أن تدخل مجال الربحية، دون منع بيعها وشرائها ولكن ليس من خلال التداول الإلكتروني على أن يرتبط انتقال الملكية فيها بفترات بقاء زمنية محددة في المحفظة.
خامساً: الشركات الجديدة المطروحة والتي لم تتضح لها ربحية أو خسارة فيتم دراسة الآلية المناسبة لها على أنه لا يجب السماح بارتفاع أسعارها عند طرحها للتداول عن أربعة أضعاف قيمة الاكتتاب إلى أن تصدر أول ميزانية لها توضح ربحها من خسارتها.
كم أود أن نتجه إلى الأسهم من خلال الاقـتـناء وطرح شركات جديدة للمساهمة فيها، شركات حقيقية منتجة بعيدة عن علاوات الإصدار الاحتيالية بعيدة عن الشركات الموجودة على الورق أو الشركات التي عملها المضاربة في أسهم الشركات أو غير المنتجة بعيدة عن سيطرة الرأسمالية التي نعلم أو لا نعلم من المتحكم بها ومن يسيرها في هذا العالم.
لقد أعمتنا تلك القفزات الربحية فلم نعد نُعمل عقولنا ولا الحلال والحرام فمن يقول إنه يضارب في الأسهم ويدفع زكاتها بزيادة على أرباحها انظر إلى قوله بعين الشك.
نحن دولة القبلة, نحن دولة الإسلام, نحن الذين لا يجب أن نتبع غير دين الله، يجب أن نبدع ونقود العالم نحو الإنتاجية من خلال الوضوح الذي يرتكز على المبادئ الإسلامية، لكي نُري الجميع أن التميز الإسلامي ينأى بنا عن الوقوع في تلك المهالك الخاسفة بالأموال ليصبح مصيرها في جيوب المحتالين غير المنتجين.
ليس تقدما أن يصل تداولنا اليومي المليارات ليس تقدما أن يقال لمن أفنى عمره في العلم والتجارة أنا بهذه المبالغ البسيطة التي ألعب بها في سوق الأسهم أجني في شهر ما تجنيه أنت في سنة، إنه أمر خطير غير في مفاهيم الكثير عن قيمة العمل والتعلم والكسب الشريف إنه بكل بساطة القمار، ومن يقول بغير ذلك فليوضح كيف أنه ليس قمارا.
أليس القمار يجعل الإنسان يعتمد على الحظ والصدفة والأماني والأحلام دون مباشرة الأعمال الدنيوية المشروعة بإنتاج ما ينفع الناس. حرم الله القمار لأنه يورث العداوة بين الناس، فالحال على الدوام رابح وخاسر، والخسارة تدفع الخاسر إلى المعاودة لعله يعوض في المرة المقبلة ما خسره في المرة السابقة، وكذلك الكاسب يدفعه الربح إلى التكرار، ويدعوه الربح القليل إلى طلب الربح الأكبر، إنه الإدمان على القمار الذي يدفع بصاحبه إلى بيع كل ما يملك بيته وسيارته وكل شيء تصل إليه يده وبعد ذلك يقترض ليقامر، ولا يقتصر الأمر على الرجال بل النساء وحتى الأطفال. الربح الخيالي الذي ينتظرونه في كل لحظة عن طريق القمار أذهب عقولهم، وصاحب نادي القمار يحصل على نصيبه من الفريقين الرابح والخاسر، وبعد زمن محتوم ينتقل الرابح إلى موقع الخاسر، وهكذا دائماً وأبداً يُشد كُلٌ من الرابح والخاسر إلى طاولة لعب القمار ولا يمكنه الإفلات منها.
ألا ترون أن خصائص ونتائج لعب القمار مشابهة أو بكلمة أكثر مصداقية مطابقة لخصائص ونتائج سوق الأسهم لدينا!! إلا أن هيئة سوق المال هي الطرف الآخر الذي يصب عليه الناس جام الغضب في كل الانهيارات وكأنها المسؤولة عنه وهي براء من ذلك فأنت من قامر على الطاولة.. آسف أقصد أنت من ضارب في سوق الأسهم وليست الهيئة، إنه الربح السريع السهل الذي حجب عنا صوت الحقيقة داخلنا الصوت الذي يقول إن هذا عبث ورجس من عمل الشيطان.
حظ ونصيب ونصب ومؤامرات وتكتلات أقل ما يقال عنها عصابات غير منتجة همها رفع الأسعار ثم البيع والانسحاب وتركك للهاوية ساقطاً .. إذا لم يكن هذا أكل أموال بالباطل فما عساه أن يكون؟! هذا ما يجري عليه العمل في سوقنا.
وهنا أجده لازماً الاستنجاد بمن يملك الحس بالمسؤولية العظيمة الذي عُلقت في رقبته الأمانة على الأمة حاضرها ومستقبلها ويمتلك الشجاعة والقدرة على التغيير؟؟ تغيير هذه الجريمة المسماة بسوق الأسهم إلى سوق ذي خصائص إسلامية متميزة.
يجب أن يدرس موضوع سوق الأسهم بطريقة شرعية وعملية وعلمية بعيدة عن التشنجات الرافضة للممارسات المتطورة في الحياة الاقتصادية، وفي الوقت ذاته أكثر بعداً عن تقليد الغير باتباعهم عند دخولهم إلى جحر الضب لكيلا نكون تحت التأثيرات الاقتصادية التي تؤدي إلى الانهيارات غير المبررة.

الأكثر قراءة