Author

شروط "الفيديك" تضع قواعد قانونية لتسوية المنازعات الهندسية

|
يلتزم المُقاول خلال المدة المقررة لتسوية النزاع عن طريق المهندس بأن يواصل تنفيذ الأعمال بحرص وإتقان، وذلك ما لم يكن العقد قد جُحد أو أُنهي لأي سبب. كما يلتزم الطرفان (المقاول وصاحب العمل) بتنفيذ القرار الصادر من المهندس دون إبطاء أو تأخير، وذلك إلى حين إعادة النظر طبقاً لإجراءات التسوية الودية أو عن طريق التحكيم. أصدر الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين شروطاً تنظم عقود مقاولات أعمال الهندسة المدنية تعرف اختصاراً باسم شروط الفيديك FIDIC وهي اختصار لمصطلح Fédération Internationale des Ingénienrs Conseils؛ حيث تنص على عدة حالات يجوز فيها للمقاول أن يُنهي استخدامه طبقاً لعقد المقاولة، وذلك بإخطار يوجهه إلى صاحب العمل مع إرسال صورة منه إلى المهندس، ويسري هذا الإنهاء بعد مضي 14 يوماً من توجيه الإخطار. وتتم تسوية المُنازعات الهندسية بثلاثة طرق هي: التسوية الودية، والتسوية القضائية، والتحكيم. والأصل أن ينص عقد مقاولات أعمال الهندسة المدنية عادة على تحديد الأسلوب الذي يتم به فض المُنازعات الناشئة عن تنفيذه وتفسيره، وغالباً ما يكون هذا الأسلوب هو التحكيم. وعلى الرغم من وجود هذا النص فقد يتفق الطرفان على اللجوء إلى التسوية الودية، أو قد يلجأ أحدهما إلى القضاء الوطني للدولة. ومن ثم فقد يلجأ الطرفان في العقد إلى محاولة التوفيق بينهما من خلال الدخول في مفاوضات مباشرة أو اللجوء إلى لجنة للتوفيق أو المصالحة تقوم بالوساطة بينهما، تتشكل عادة من ثلاثة أشخاص بارزين ينتمون إلى عالم التجارة وترشحهم اللجان الوطنية لغرفة التجارة الدولية، حيث يتقدم كل طرف بوجهة نظره بإيجاز ويرد على أسئلة المُصالحين، الذين يحاولون خلق جو مناسب لإيجاد أساس مُشترك لحل النزاع، وهذا يتطلب حضور الطرفين المتنازعين بصفتهم الشخصية أو بوكلاء مُخولين بصلاحية التوصل إلى مساومة وإنهاء النزاع. وتكون نتيجة المصالحة إما التوصل إلى إنهاء النزاع، يتم تقديمه في صورة مشروع تسوية إلى الطرفين المُتنازعين، فإذا قبلاه وقعا عليه كما يُوقع عليه المُصالحون، وإما أن تنتهي المُصالحة بتقديم توصيات يُدعى الطرفان على أساسها إلى تسوية نزاعهما خلال فترة مُعينة. وقد تنتهي المُصالحة بالفشل، وفي هذه الحالة يجوز للطرفين ـ بناء على اتفاق التحكيم الموقع بينهما ـ أن يُحيلاً النزاع إلى التحكيم. وقد يلجأ أحدهما أو كلاهما إلى القضاء العادي، ويتحملان تكاليف المصالحة بينهما. وتعد طريقة التسوية الودية أسهل وأقل تكلفة من طريقتي التسوية عن طريق القضاء أو عن طريق التحكيم. ويجوز طبقاً لشروط "الفيديك" أن يلجأ الطرفان إلى التسوية الودية قبل اللجوء إلى تسوية النزاع عن طريق المهندس، ولكن لا يجوز اللجوء إلى التحكيم إلا بعد استنفاد طريق التسوية الودية. وبالنظر إلى أن القضاء الوطني للدولة التي يجري فيها تنفيذ المشروع موضوع العقد هو صاحب الاختصاص الأصيل بنظر المُنازعات التي لم يتفق الطرفان على تسويتها بطريق التوفيق أو بطريق التحكيم، فيجوز لطرفي عقد مقاولات أعمال الهندسة المدنية اللجوء إلى القضاء العادي، سواء قبل اللجوء إلى التوفيق أو التحكيم أو بعده، ولكن لا يجوز أن يلجأ أحدهما إلى هذا القضاء في أثناء سير عملية التوفيق، بل يجب عليه أن يستمر في إجراءات التوفيق حتى نهايتها، فإذا فشلت جاز له اللجوء إلى القضاء، لكن هذا لا يمنعه بطبيعة الحال من طلب اتخاذ إجراءات وقتية وتحفظية للمحافظة على بعض الأدلة التي يُخشى عليها من الضياع مع مرور الوقت. ولا توجد خصوصية مُعينة للدعاوى والمُطالبات الهندسية التي ترفع أمام القضاء، إذ تسري عليها القواعد القانونية والقضائية المعمول بها في الدولة. ولكن الغالب أن أطراف هذه المُنازعات لا يُفضلون اللجوء إلى القضاء الوطني خشية على سرية مُعاملاتهم, وتجنباً لطول الإجراءات القضائية وتكاليفها عليهم، ولا يُفضل الطرف الأجنبي عادة اللجوء إلى القضاء الوطني. ولا يجوز أن يكون أحد أعضاء لجنة التوفيق أو محكمة التحكيم وكيلاً أو مُستشاراً لأحد الطرفين في الإجراءات القضائية المُتعلقة بذات النزاع الذي تم عرضه عليه من قبل. وغالباً ما يتضمن العقد نصاً يقضي بإحالة المُنازعات الناشئة عنه إلى التحكيم المؤسسي المنظم، مثل تحكيم غرفة التجارة الدولية أو قواعد "الأونسيترال" أو التحكيم الخاص. وفضلاً عن ذلك فقد تضمنت شروط "الفيديك" نصاً مهماً يُنظم كيفية تسوية المُنازعات الناشئة عنه، وهو نص المادة (67). ويتضح منه أن هناك طريقاً للتسوية يجب اللجوء إليه قبل التحكيم، وهو التسوية عن طريق المهندس: فطبقاً لهذا النص, إذا نشب نزاع، أياً كان نوعه، بين صاحب العمل والمقاول بخصوص العقد أو تنفيذ الأعمال، سواء نشأ خلال تنفيذ الأعمال أو بعد تمامها، وسواء قبل أو بعد أي جحود أو إنكار أو أي صورة أخرى لإنهاء العقد، بما في ذلك أي نزاع مُتعلق برأي أو أمر أو قرار أو شهادة أو تقدير مالي صدر عن المهندس، فيجب إحالة هذا النزاع أولاً إلى المهندس كتابة، مع إرسال نسخة منه إلى صاحب العمل. ويجب أن يُشار في كتاب الإحالة إلى أن هذه الإحالة تمت إعمالاً للبند 67/1 من شروط "الفيديك". وتفرض شروط "الفيديك" على المهندس أن يفصل في موضوع النزاع خلال مدة أقصاها 84 يوماً من تاريخ اليوم التالي لتسلمه الإخطار بإحالة الخلاف إليه، وعليه أن يُبلِّغ قراره إلى الطرفين المُتنازعين (المُقاول وصاحب العمل)، وأن يذكر أن قراره صدر إعمالاً للبند 67/1 من شروط "الفيديك". ويلتزم المُقاول خلال المدة المقررة لتسوية النزاع عن طريق المهندس بأن يواصل تنفيذ الأعمال بحرص وإتقان، وذلك ما لم يكن العقد قد جُحد أو أُنهي لأي سبب. كما يلتزم الطرفان (المقاول وصاحب العمل) بتنفيذ القرار الصادر من المهندس دون إبطاء أو تأخير، وذلك إلى حين إعادة النظر طبقاً لإجراءات التسوية الودية أو عن طريق التحكيم.
إنشرها