هل تنضم مصلحة الزكاة للمساهمة في إسكان الفقراء؟

الاهتمام الحالي بأزمة الإسكان ورد الفعل الذي أوجد الهيئة العليا للإسكان قبل أشهر سببه عدم قدرة جزء كبير من المواطنين على الحصول على سكن. خاصة بعد قدوم وزير العمل والسعودة وتأثيره في رفع أسعار العمالة ومواد البناء التي يصنعونها. ومن لم يمتلك سكناَ قبل قدومه فإنه لن يحلم بذلك، فالأسعار ستستمر في الارتفاع. وعسى الهيئة الجديدة توفق في المساهمة في حل المشكلة. وقد يكون مقالي السابق عن أهمية أخذ الزكاة من الجميع سواء الشركات والمؤسسات أو الأفراد أحد الحلول التي يحب أن تنظر لها الهيئة. فالهدف ليس فقط جمع الأموال بل هو أهمية جمع المعلومات عن دخل المواطن التي هي أساس قاعدة المعلومات التي نفتقدها، وبدونها لا يمكن أن نخطط لمستقبلنا. ومن دون قاعدة معلومات مربوطة برقم السجل المدني للمواطن تمكنا من معرفة حقيقة دخله وهل هو فعلا محتاج! وهل سبق أن تمت مساعدته، فإننا لن نستطيع تحقيق العدالة في التوزيع وحل المشكلات. ولا ننسى أن وظيفة المصلحة ليست للزكاة فقط بل أيضا للدخل الذي لا تعرفه عن الجميع. فكيف تأخذ من الغني من دون معرفة دخله الحقيقي؟ وكيف تعطي من لا تعرف دخله؟ وهل هو فعلا ممن تجوز لهم الزكاة؟ فأين معلومات الدخل الوطني؟
أعود اليوم للتأكيد على ضرورة الاستفادة من أموال الزكاة في حل جزء من مشكلات الإسكان، ألا وهي إسكان من تجوز لهم الزكاة وهم كثيرون ويمثلون فئات كبيرة من المجتمع لو حللنا مشكلاتهم الإسكانية لاستطعنا أن نحل أكبر جزء من المشكلة. فقد حدد الإسلام الأصناف الثمانية لمستحقي الزكاة:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:60]، والفقراء والمساكين تشمل أصحاب الدخول الضعيفة والأيتام والأرامل والمطلقات والمسنين والمرضى وطلاب العلم والعاطلين عن العمل وأسر المفقودين والسجناء وذووا الاحتياجات الخاصة والأسر المتعففة والمنكوبين. كما تشمل الزكاة العمال الذين يقومون بجمع الزكاة وتوزيعها إلا إن كان ولي الأمر قد رتّب لهم رواتب. والذين دخلوا في الإسلام بحدثان عهد، أو من الذين يُرَغَّبون في الدخول في الإسلام والغارم المدين ومن يعمل في سبيل الله والمسافر المنقطع به في سفره.
وأمام هذا الكم الهائل من المستحقين فإننا كل ما قد نحتاج إليه هو فتوى لإجازة صرفها عينا كما هو متعارف عليه في بعض الدول الإسلامية. كأن تؤخذ قطعة أرض ممن يبيع أرضه أو شقق سكنية ممن يبيع مشروع عمائر سكنية ويتم توزيعها على مستحقي الزكاة. أو أن تستثمر في تطوير أحياء سكنية لتلك الفئات وهذا يشمل توفير البنية التحتية والفوقية والخدمات والمساكن سواء شقق أو بيوت!. فهل تنضم المصلحة لركب المؤسسات الأخرى لحل بعض مشكلات الإسكان.
لاشك أن مصلحة الزكاة لو اجتهدت في جمع الزكاة من الجميع لساعدت في حل مشكلة الإسكان. ولعل أفضل السبل للحصول على زكاة عروض التجارة أن تقوم كتابة العدل بأخذ الزكاة مباشرة من البائع قبل إنهاء الإفراغ أو لا يسلم الصك حتى يتم أخذ الزكاة. وكذلك الحال لمؤسسة النقد لتستقطع البنوك زكاة الأسهم التي لا تدفع شركاتها الزكاة. وأن تطبق الآلية نفسها في منافذ الجمارك ووزارة التجارة. وبذلك يتم أخذ الزكاة على الأفراد وهي أحد أركان الإسلام.
فهل تقوم اللجنة الوطنية للإسكان بعد تشكيلها بالنظر في إمكانية التعاون مع مصلحة الزكاة والدخل لحل المشكلة؟ وأن تبحث عن وسائل تمويل أخرى مشابهة.
فالإسكان وحده يستحق ويجب كما طالبت منذ أكثر من عامين إيجاد هيئة عليا للإسكان بعد أن ألغيت وزارة الإسكان. والآن بعد قرار إنشاء اللجنة الوطنية للإسكان متى سنرى حلولا مدروسة للإسكان وهمومه التي هي الشغل الشاغل لمعظم دول العالم وتقوم عليه هيئات دولية مثل البنك الدولي ومؤسسات الإسكان، وفي معظم دول العالم له هيئاته مثل الهيئة الفيدرالية للإسكان والتطوير العمراني HUD في الولايات المتحدة أو "هابتات" وغيرها من الهيئات في أوروبا.
ولأهمية الاسكان ودوره في استقرار المواطن لعلنا نستفيد من عرض عدد الشركات التي تقوم بحل مشكلة الإسكان في أكثر الدول تقدماَ في هذا المجال وهي الولايات المتحدة حيث يتكون الجهاز الهيكلي لحل المشكلة من أربع شركات كل منها لها دور مختلف ومهم. وهي: شركة فاني مي Fannie Mae وإدارة الاسكان الفيدرالي FHA تحت مظلة الهيئة الفيدرالية للإسكان والتطوير والتي يقوم بأبحاث عن حلول للإسكان وكيفية جعله سهلا أو مستطاعا. ثم شركة فريدي ماك Freddie Mac. هذا عوضا عن دور البنوك والهيئات الأخرى في القطاع الخاص.
الموضوع يحتاج إلى توظيف قدرات مؤهلة في مجال الإسكان والبحث العلمي المتصل به وبتخفيض تكلفة البناء وأنظمته ومواده لتخطط لحل مشكلات الإسكان على غرار آخر ما توصلت إليه الدول التي سبقتنا في هذا المجال. وأن تحاول الاستعانة بتلك المؤسسات وبعض خبرائها في برنامج تعاوني لتدريب وتوظيف مواطنين على الاستفادة من البحث والتطوير. وأن يوظفوا كفاءات لمناقشة الموضوع لديها الخبرة الجيدة في مجال وتخصص الإسكان ومختصين لديهم خبرة سابقة وبحوث في هذا المجال أو أن يتم التعاون مع من سبقونا فيه. وأن يتم التعاون مع بعض المكاتب الاستشارية الوطنية المتخصصة. فالموضوع أكبر مما نتصور وعاشته بعض الدول أكثر من 30 عاما ولم تتمكن من حله بعد. فمتى نرى النور في نفق الإسكان المظلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي