تجربة نيوتن لمعرفة طبيعة الضوء؟
لو سلطنا نوراً أبيض من مصباح على موشور خارجي بعد أن يعبر عدسة مقربة، وكان الموشور مائلاً فإننا سوف نرى عجباً، من تحلل الضوء الأبيض إلى سبعة ألوان، هي من الأعلى إلى الأسفل: اللون الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلي والبنفسجي.
إن هذه الألوان السبعة هي التي تتشكل في قوس قزح، وهي التي تتشكل بالتحليل الطيفي الذي ذكرناه.
ولقد تبين أن مزيجا هذه الألوان السبعة يشكل اللون الأبيض، فيما إذا قمنا بتجربة أخرى معاكسة لها هي جمع الألوان المتشكلة بعدسة مقربة، فنرى تشكل بقعة لونية بيضاء مرة أخرى، ولقد وجد أن لهذه الألوان أطوال موجات معينة، تبدأ من الأحمر حيث تكون طول الموجة (620-760) ميلي ميكرون، وتنتهي بالبنفسجي وطول الموجة (390 ـ 340) ميلي ميكرون.
واختلف العلماء في تحديد طبيعة الضوء؛ فمنهم من قال إن الضوء جسيمات مادية سريعة، تقذفها الأجسام المضيئة وتتلقاها العين، وقد قال به (نيوتن)، وفسر بذلك ظاهرة انعكاس الضوء وانكساره، وتبدده، ودراسة المرايا والعدسات والمواشير. وقال (فرينل) بفرضية التموج، حيث اعتبر أن الضوء ينتشر كما تنتشر موجات الصوت، ولكن في وسط غير مادي هو الأثير، وأعطاه صفات متناقضة، مثل اللطافة والخفة والمتانة والصلابة. وقال (مكسويل) إن الضوء أمواج كهربائية مغناطيسية، وهي لا تحتاج إلى وسط حامل تنتشر فيه، كأمواج الإذاعة والتلفزيون، ولكن الكشوف الحديثة قادت إلى الجمع بين فرضيتي الإصدار لنيوتن، والتموج لفرينل بشكل معقد، خاصة أن هناك بعض الظواهر المعقدة التي تحتاج إلى تفسير كما في ظاهرة (التداخل)، حيث يؤدي اجتماع ضوءين إلى ظلام!! وحيث تنطفئ بعض ألوان اللون الأبيض في ظاهرة (الانعراج)، وظاهرة الانعراج يحدث فيها انطفاء بعض الألوان من الضوء الأبيض، عندما تمر حول حواجز رفيعة ضيقة، مثل قطرات الماء المكونة للرذاذ والتي تظهر في ألوان قوس قزح.
والعين تميز ما بين هذه الحدود نحو (128) لونا أساسيا أو ما يسمى بالنغم اللوني. ولقد وجد أن لكل لون تواتر معين، أي عدد اهتزازات الموجات في الثانية، وأصغر التواترات هي اللون الأحمر حيث تبلغ 4×1410 هزة في الثانية أي 400 مليون هزة في الثانية الواحدة، وأما اللون البنفسجي فيبلغ تواتره 780 مليون هزة في الثانية الواحدة. وكل تواتر يصيب العين يولد إحساساً معيناً للون، وبهذا نعرف أن الألوان في تواتراتها التي لا حد لها بين اللون الأحمر والبنفسجي تؤلف عددا لا نهائي من طيوف الألوان المرئية.
وفي العين البشرية تتمركز منطقة تمييز الألوان في بقعة تسمى اللطخة الصفراء، حيث تزدحم المخاريط بشكل كبير جداً، وتحتوي المخاريط مادة تساعدها على تمييز الألوان هي اليودوبسين. والعجيب في المخاريط عدة أمور منها: أولاً اختصاصها بالألوان، ومنها أن تشتد حساسيتها للألوان حسب درجة الإضاءة؛ ففي النهار تزداد حساسيتها للونين الأحمر والأصفر، بينما تنقص حساسيتها في الظلام، وفي الضوء الضعيف للأخضر والأزرق، وكأنها الأنشودة السحرية على شاطئ البحر، حيث تنطلق النظرات الحالمة مع أمواج البحر المتكسرة الخضراء الزرقاء!!