الأساطير والنجوم والعالم في دبي

[email protected]

قبل أن تحط الطائرة في مطار دبي الدولي يشاهد المسافر عظمة في البناء والتشييد وتمددا أفقيا من جهة البر والبحر ورأسيا يلامس السحاب ويخترقها إحدى هذه البنايات وبالتحديد "برج دبي" والذي يرتفع شامخا في سمائها مجسدا طموح هذه المدينة العالمية وسعيها للارتقاء والوصول إلى مصاف المدن ذات البنايات والأبراج الشاهقة, في مراحله الأخيرة بناء، حسب المشاهدة, وحين يخرج المسافر من المطار ويمر متجها لمحل إقامته سيمر على العديد من المشاريع العملاقة, سواء كانت أرصفة بحرية, أو منتجعات وشاليهات على خور دبي أو على البحر إذا كان مارا على الكورنيش البحري, أما مشاريع البر من أبراج وبنايات فشيء لا يمكن وصفه في هذه المقالة, ويكفي سماع مسمياتها لتصور طبيعتها, فـ "الأساطير" و"النجوم" و"جزر العالم" وغيرها الكثير، وليست مشاريع على الورق بل هي مشاريع بعضها انتهى وسلم, والأخرى العمل فيها على قدم وساق وفي الليل والنهار, ويقف الشخص وفي لحظة تأمل متساءلا كيف أمكن القيام بهذه المشاريع الضخمة في هذه الفترة الوجيزة من الوقت, ودبي لم تكن بهذا الطموح الجامح بل كانت أرضا فضاء تهتم بمثل ما يهتم به مثيلاتها من الإمارات أو الدول المجاورة مما يتناسب مع طبيعة أرضها ومناخها وأهلها, وبزيارة سريعة لمتحف دبي يتضح البون الشاسع بين دبي القديمة ودبي الحديثة.
ليس لي أن أختصر هذه النقلة العظيمة والتطور المتسارع في دبي في سبب أو اثنين، كما أنه ليس هو موضوع المقال, ولابد لاكتشاف ذلك بصورة جلية من قراءة كتاب: "رؤيتي" للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي ومهندس هذه النقلة, إنما لا بد من الإشارة إلى دور شركات عملاقة للإنشاء والتطوير العقاري اجتمعت في "سيتي سكيب" لتعرض فكرها العقاري المستند على رؤى ودراسات حديثة وفقا لخطط وبرامج ينفذها شركات متخصصة عالمية اختلطت فيها الثقافات وتراكمت فيها التجارب لتنتج تصاميم ونماذج حديثة في البناء والتشييد تنشد الجودة في العمل والدقة في العمار والكفاءة في التنفيذ والسرعة في الإنجاز والأمان في كل ذلك, وسترى أصحاب هذه الشركات ومساعديهم خلف النماذج والمجسمات يشرحون ويوضحون للزائرين عن مشاريعهم القائمة أو المستقبلية, وتكاد ألا تصدق إمكانية تنفيذ هذه المشاريع وتظن أنها عبارة عن أماني وطموحات أمكن وضعها في مجسمات لا تزيد مساحة الواحدة منها عن متر في متر أما أن تكون حقيقة مشاهدة على الواقع فقد يحار العقل في استيعاب ذلك, إلا إنك بمجرد أن تخرج من المعرض فستوقن أن الأمر ممكن، حيث سترى البنايات والأبراج الشاهقة على جانبي طريق الشيخ زايد وهي مبان مأهولة – فنادق وشقق – ومن خلفها يطل برج دبي بارتفاعه الشاهق ويحيط به عدد من المشاريع العملاقة ومنها "المدينة القديمة", "والسوق العالمي", وإذا اتجهت يمينا إلى الكورنيش فسترى مشاريع قائمة ناطقة بإمكانية تنفيذ الطموحات, أولها "ميناء السلام" ويشمل برج العرب, وجميرة بيتش والقصر والمصيف وعدد من الفلل والشقق بطراز ساحر وفن عجيب, كما أن هناك مشاريع شركة نخيل, وفي التنفيذ منها الآن نخلة جميرة, وجزر العالم والتي بيع جزء ليس بالقليل منها كما تناقلته الصحف أخيرا.
يبقى الحديث عن عنصر مهم في هذه "الحكاية" والذي له الدور الأهم في رأيي ألا وهو "التمويل" وأدواته التقليدية والإسلامية, والتحدي في استحداث منتجات لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية لتغطية الاحتياج المتنامي للتمويل, وهو حديث المقال المقبل إن شاء الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي