إخواننا الإرهابيون

[email protected]

يشكل الموقوفون من أصحاب الفكر التكفيري في السجون السعودية ممن ليس لديهم عقائد راسخة أو ثقافة دينية عميقة نحو 90 في المائة من المعتقلين على خلفية الاشتباه في الانخراط في التطرف الديني أو الفكر التكفيري، وأكد القائمون على برنامج (المناصحة)، الذي تشرف عليه إدارة العلاقات العامة والتوجيه بوزارة الداخلية ويضم أكثر من 100 عالم وداعية وأكاديمي متخصص في العقيدة والشريعة، إضافة إلى 30 استشاريا نفسياً وإخصائياً اجتماعيا، أن ما يقارب 10 في المائة من الموقوفين فقط لديهم عقائد راسخة وأصحاب أفكار أما البقية فهم تابعون ومتحمسون وأكثريتهم أعمارهم ما بين 18 – 25 عاماً.
والمتأمل في أوضاع هؤلاء الشباب يرى أن كثيراً منهم من خريجي الثانوية العامة أو الجامعة أو من المتسربين من إحدى هذه المراحل وبعضهم قد يكون ممن واجه بعض المشاكل سواء كانت مشاكل أسرية أو دراسية أو مادية ولم يستطع حلها فوجد من يحثه على ترك مثل هذه الأمور الدنيوية والاتجاه نحو الآخرة من خلال تنفيذ بعض الأعمال الإرهابية ويقدم له العديد من المبررات والأسباب، التي قد لا يكون لها أصل ولكنها وجدت في نفوس مثل هؤلاء الشباب مكاناً مناسباً فاقتنعوا بها. والمؤلم أن بعض المندسين من أعداء هذا الوطن يستغلون ما هو موجود من سلبيات وأخطاء ويقومون بتعظيمها في عيون هؤلاء فيقومون بتذكيرهم بانعدام الوظائف وأنها إن وجدت فهي بأجور زهيدة كما يذكرونهم بضعف الخدمات في العديد من المؤسسات الحكومية ويبرزون لهم بعض الأعمال التي قد تكون من كبائر الذنوب ويذكر مدير إدارة التوعية والتوجيه بوزارة الداخلية أن بعض الموقوفين تعرضوا لحجر فكري حتى إن أحدهم أوضح للجنة المناصحة (أن أميرهم أمرهم بألا يسمعوا من إذاعة القرآن الكريم سوى القرآن فقط).
وقد أكد أحد أعضاء البرنامج أن أكثر الموقوفين ليسوا من أصحاب الفكر التكفيري وليسوا قادة في هذا النشاط وإنما هم تابعون وأشخاص عاديون لديهم الحماس للدين وقد تم استغلالهم في هذا الجانب. وكما هو معروف فإن الشباب هم عدة الأوطان وعليهم ترتكز نهضتها وتقام حضارتها وواجبنا اليوم ونحن نتعرض لهذه الهجمة الشرسة من الإرهابيين وبعد أن تم التعرف على مواصفاتهم والتأكد من أن أكثرهم من الشباب المغرر بهم وهم إخواننا وأبناؤنا وبنو جلدتنا أن نفتح لهم صدورنا وأبوابنا وأن نشجع كل مبادرة تساهم في الاستماع لهم وألا نعمد على إقصائهم أو صدهم أو عزلهم بل يجب علينا أن نناقشهم ونحاورهم لأن مثل هذا الحوار سيساهم بشكل كبير في إيجاد قنوات اتصال ونقاط التقاء يمكن من خلالها أن يتم تحويل هذه الطاقة وذلك الحماس إلى ما يساهم في خدمة هذا الوطن وحمايته. كما أن مثل هذا الحوار مع هذه الفئة سيساهم أيضاً في التعرف بشكل أكبر على القضايا التي يعانيها هؤلاء والأسباب التي جعلتهم يسلكون هذا المسلك ليتم العمل وبشكل سريع على معالجتها وإيجاد الحلول اللازمة لها.
إن كثيراً من أمثال هؤلاء الشباب ممن حملوا السلاح وقاتلوا إخوانهم وقاموا بالتفجيرات ونشروا الذعر والإرهاب في أرجاء الوطن كانت لديهم قضية يعتقدون بأنها حقيقية وصادقة وأنها تستحق أن يقدموا حياتهم ثمناً لها وكانت أصواتهم تعلو في بعض الأحيان في الخفاء من هنا وهناك رغبة في أن يستمع لهم أحد غير أن بعضهم لم يستجيبوا للعديد من النداءات المتكررة للعودة ولم يكتفوا بذلك فحسب بل قد يكونون أجبروا آخرين معهم على المضي قدماً في هذا الدرب المظلم.
إن برنامج المناصحة السعودي يعد من البرامج المميزة التي يمكن أن تساهم في تخفيف حدة الإرهاب وقد أبدى مجلس الأمن الدولي رغبته في التعرف على البرنامج بعد أن لمس نجاحه من خلال قدرته على المعالجة الفكرية والمناصحة للموقوفين. وفي هذه الأيام المباركة حري بنا أن نعمل على تشجيع ثقافة الحوار بشكل عام ومن خلال هذا البرنامج القيم بشكل خاص فما أجمل أن يتم إقناع أخ لنا وتصحيح مساره وإنقاذ حياته بل وحياة أبرياء من خلال مناصحته وتصحيح مساره وتحويله من قنبلة موقوتة مدمرة تنشر الرعب والموت والدمار إلى طاقة إنتاجية مفيدة يعم خيرها أرجاء الوطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي