التمويل العقاري.. حتى لا يكون على خطى قروض الأسهم

[email protected]

لعلنا عندما تعود بنا الذاكرة قبل حدود أربع سنوات، وتحديدا عام 1423/1424هـ الموافق 2003، نتذكر قصة ذات أحداث طويلة ومؤلمة لدى كثير من أفراد المجتمع عندما بدأت طفرة الأسهم، وصعد المؤشر من حدود دون الثلاثة آلاف نقطة وانتفخت فقاعة الأسهم إلى أن وصلت إلى أكثر من 20 ألف نقطة أواخر شباط (فبراير) 2006، ثم حصل انفجار لتلك الفقاعة خلّف كثيرا من الديون والالتزامات التي لا يكاد يخلو منها بيت.
لعل من أحد الأسباب التي ذكرها بعض المحللين هو أن كثيرا من الناس اقترض من البنوك مبالغ طائلة، وعندما بدأت السوق في النزول، تولت البنوك بيع تلك الأسهم لضمان استرداد حقوقها، ما تسبب في كثافة العرض مع شح كبير في الطلب، وخلّف ذلك انهيارا كبيرا في السوق أكل الكثير من ثروات أفراد المجتمع.
من خلال ما تقدم نجد أنه في الفترة السابقة، أي ما قبل شباط (فبراير) 2006، كانت هناك مبالغة من البنوك في توفير قروض للناس نتيجة للسيولة الهائلة لديها، في حين أن السوق السعودية كانت لا تتجاوز حدود 70 شركة مساهمة، الكثير من أسهمها في الأصل ليست متاحة لكثير من الناس، سواء بسبب امتلاك مؤسسات الدولة حصصا كبير منها أو وجود مستثمرين استراتيجيين لا يرغبون في عرض أسهمهم للبيع، ثم بعد ذلك وصلت الأسعار إلى مستوى غير مقبول إطلاقا، ما تسبب في حصول انهيار كبير تجاوز الحد المعقول، وانعكس بشكل سلبي على وضع السوق، مع العلم أن الدولة تتمتع اليوم بوضع اقتصادي غير مسبوق من خلال ارتفاع عوائد النفط ووجود المشاريع العملاقة، التي لها بلا شك دور كبير على ارتفاع عوائد الشركات.
بطبيعة الحال، وكما هو معلوم اليوم، أنه كان هناك بوادر لتكرار تلك القصة ولو بشكل يمكن أن نقول إنه أخف بكثير في الوضع الحالي، إلا أنه من الصعب توقع ما سيكون عليه الحال في المستقبل، وذلك بسبب توسع كثير من البنوك، وشركات التقسيط، ووجود القروض التي تمنحها المؤسسة العامة للتقاعد، في تمويل الأفراد للحصول على منزل، وإن كان هذا مؤشر طيب وجيد، حيث إنه سيتيح فرصة كبيرة لأفراد المجتمع للحصول على منزل العمر، ويعيشون في وضع أكثر استقرارا بدلا من الإيجارات التي أثقلت بشكل كبير كاهل المواطن خصوصا مع الزيادات الأخيرة في أسعارها.
إلا أنه لا بد أن يكون وعي لعدم تكرار تلك المأساة، والتي لم يكن فيها مراعاة لحالة العرض والطلب التي تتسبب في حصول تضخم أو كساد، وكلا الحالين سلبي، وذلك أن التوسع في الإقراض في ظل عدم وجود وحدات كافية للأفراد من شأنه أن يتسبب في حصول زيادة كبيرة في الأسعار قد تصل إلى 30 أو 40 في المائة، وقد ظهرت بعض بوادرها من خلال زيادة أسعار الأراضي ومواد البناء، مع شح المعروض منها، واليد العاملة، وهذا يزيد من كاهل المواطن، فالوحدة السكنية التي ربما لا تتجاوز 600 ألف ريال قد تصل إلى حدود 800 ألف ريال أو أكثر ولو افترضنا أن التمويل بمعدل 4 في المائة لمدة 25 عاما، فالمبلغ الإجمالي قد يصل إلى حدود 1.6 مليون ريال، وهذا يزيد على المبلغ المقدر قبل التضخم بحدود 165 في المائة، وهذه النسبة عالية جدا، والمتسبب فيها ليس هو تكلفة البناء في الأحوال العادية، ولكن السبب هو شح المعروض.
لذلك ينبغي أن تكون هناك استراتيجية لتمويل المؤسسات التي تتولى بناء وإعمار المساكن قبل التوسع في تمويل الأفراد لشراء تلك المساكن، وإلا قد نصل إلى حالة غير مقبولة من ارتفاع الأسعار والتي تنعكس بشكل سلبي على الأفراد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي