لا أناقش الظروف الحضارية ولكن أبحث في المكون الإنساني ضمن المنظومة الإسلامية

لا أناقش الظروف الحضارية ولكن أبحث في المكون الإنساني ضمن المنظومة الإسلامية

لا أناقش الظروف الحضارية ولكن أبحث في المكون الإنساني ضمن المنظومة الإسلامية
لا أناقش الظروف الحضارية ولكن أبحث في المكون الإنساني ضمن المنظومة الإسلامية
لا أناقش الظروف الحضارية ولكن أبحث في المكون الإنساني ضمن المنظومة الإسلامية
لا أناقش الظروف الحضارية ولكن أبحث في المكون الإنساني ضمن المنظومة الإسلامية
لا أناقش الظروف الحضارية ولكن أبحث في المكون الإنساني ضمن المنظومة الإسلامية
لا أناقش الظروف الحضارية ولكن أبحث في المكون الإنساني ضمن المنظومة الإسلامية

قدم المفكر الدكتور فالح العجمي عرضا تفصيليا حول مشروعه البحثي الجديد المتمثل في كتاب"الإنسان المسلم وضعه القانوني والتاريخي وحقوقه وواجباته" وذلك في اللقاء الثقافي لنادي الاقتصادية الصحافي والذي كان أول محاضرة يشرح فيها المؤلف فكرة هذا الكتاب، وقد أدار اللقاء الكاتب والناقد محمد السحيمي بحضور عدد من المثقفين والمهتمين والإعلاميين.
#2#
وبدأ مدير الأمسية بعرض مقدمة المؤلف كمدخل للنقاش متوقفا عند عبارة "فرصة للتأمل"، حيث اعتبرها وصفا عاما للكتاب، مشيرا كذلك إلى منهجية التأليف التي اتجه فيها العجمي إلى إنتاج كتاب من الأساس ولم تكن مجرد مقالات في عدة حقب ومراحل يتم جمعها خاصة في مجالات الدراسات النقدية والأدبية، السحيمي طرح الفكرة البدهية حول تخصص المؤلف في اللسانيات واللغة وعلاقته بنوعية مشروعه الثقافي الذي يتجه نحو الفكر والفلسفة، ليتفق معها لاحقا بقوله "تتعجب من أستاذ في اللسانيات لا يكون مفكرا، ولا يمكن أن نتساءل ما دخله بالاهتمام الفكري، فاللغة هي الفكر منطوقا ولو اهتممنا بدراسة اللغة فمن خلالها لابد أن نتجه للفلسفة ثم نعود إليها ولا يجيد مثل هذا الفن إلا قلة منهم الدكتور فالح الذي يوظف تخصصه في تحفيز الأفكار ومناقشتها".
#3#
الدكتور فالح أشار في بداية حديثه إلى أن العلاقة بين اللغة والفكر سؤال يواجهه دائما، حيث يوجد من يستغربون مناقشته قضايا الفكر الفلسفي والثقافة الدينية والاجتماعية وهو المختص بعلوم اللسانيات، يعلق "من يعرف هذه التخصصات يعرف أيضا أن هناك مستويات لتحليل الخطاب وما بدأت به منذ خمس سنوات في تحليل الخطاب السياسي كان مثالا لهذا التوجه، وهو ليس حصرا في منطقتنا بل هو موجود في كل الثقافات الأخرى، وأقصد هنا التطرق إلى الخطابات وخلفياتها بتحليل لغوي وانثروبولوجي وثقافي حيث لا تبقى القاعدة محصورة في التحليل التقني الصرف على العناصر اللغوية وتطبيق النظريات".
#4#
وفي إضاءات على ملامح الفكرة ومرتكزات المضمون يوضح العجمي "منطلقي هنا هو النظر إلى الإنسان المسلم، وقد قيل لي عن إمكانية أن تكفي كلمة "المسلم" عن ذكر "الإنسان" ولكني أردت العنوان هكذا لأكرس اهتمام الكتاب بالنظرة الفكرية لهذا الكائن الذي هو جزء من البشرية، كما أن المنطلق ليس دراسة تاريخية للإسلام ولا في دراسة عقيدة إنسانه إنما هي قراءة في وضعه ضمن المنظومة البشرية قديما وحديثا، وكيفية تعامله مع الإنسان الآخر ومع نفسه وثقافته ونصوصه، ومن هنا كانت العبارات التي صدرت بها الكتاب، وحول لحظات إعداد الكتاب قال العجمي إن هاجسه كان التساؤل باستمرار حول ما يسيطر على هاجس الجمهور الملتقي، مضيفا "أقول لطلابي دائما إن منشئ الكتاب يجب أن يضع الجمهور نصب عينيه وأن يصنع نصه بناء على ذلك، النظريات اللسانية لا ترى انفصالا بين المؤلف والمتلقي في عملية صناعة النص، كما أن المؤلف دائما يتأثر بنوعية الجمهور الذي يخاطبه لأن التوقعات تختلف على مستوى التلقي".
#5#
المؤلف الذي قدم كتابا فكريا مهما في مناقشة الثوابت بعنوان "تحت القشرة" ذكر أن كتابه الجديد ينظر للتاريخ وإلى الحقوق ولكن ليس من ناحية قانونية بل ثقافية انثروبولجية بجانب تتبع فكرة العدل وكيفية النظر إليه، ويقول" أحد أسباب التخلف هو عدم التفريق بين ما يعتقد الناس أنه نص للعبادة وبين ما يعتقدون أنه من حقهم كأفراد، فهم الحقوق والواجبات ينظم علاقة الإنسان بمفهوم الدين والوطن، ليس مجالي مساءلة كيف كانت الأمة وكيف أصبحت ودراسة ظروف التقدم والتخلف، ولكني أبحث في المكون الإنساني وعلاقة الفرد بالمجتمع في هذه المنظومة "وأشار إلى أنه بحث في المصطلحات القديمة ما يناسب هذا السياق ووجدتها متباينة مع الحديثة, ولا سيما في الحقوق والواجبات، حاليا توجد منظمات تطالب بحقوق الإنسان وتجمع مواثيقها، هل المسلم ينظر إلى هذا الجانب أم لديه مفاهيم أخرى لهذا الموضوع".
#6#
وأضاف العجمي في هذا السياق "فهم الشريعة مختلف بحسب الزمان والمكان، هناك من يتحدثون عن تأسيس وضع قانوني حقوقي جديد وهناك من يرون الدين ميثاقا أخلاقيا وتعبديا ويخضعون حقوق وواجبات الإنسان إلى مواثيق أخرى، هذه قضايا شائكة لم أجد من بعد الشاطبي من يبحثها بمفهوم حديث أو موضوعي ومحايد رغم وجود إسهام بعض العلماء الذين انطلقوا من النصوص وليس من الإنسان، وهنا الفرق، أنا أرى أن الدين أتى لخدمة الإنسان، إذا كان هناك تعارض بين الدين وبين حياة الناس الكريمة فلابد أن يكون هناك فهم خاطئ للدين".
الكاتب السحيمي اعتبر أن الانطلاق من الإنسان هو المفصل الرئيس للكتاب، وطرح مفاهيم المسلم والمؤمن، كما جاءت في النصوص القرآنية داعيا لفهم لغوي يقنن تصور الإنسان لنفسه ويجنبه الوقوع في أخطاء تاريخية ، في حين أشار الكاتب الدكتور عبد الله العسكر في مداخلة له إلى كتاب حسين أحمد أمين الذي تناول عدة قضايا منها كون الدين أداة لفهم الحياة، وتساءل العسكر عن المنطلقات الفكرية التي يتم من خلالها تحديد وجود الدين لخدمة الإنسان وليس العكس.
ليوضح الدكتور فالح أن مفهوم الإسلام والإيمان يرتبط بدرجات يقينية وظروف عدة تحدد كون المسلم مؤمنا، وأضاف "أنا أقصد الإنسان المسلم عبر التاريخ وكيف ينظر إلى محيطه الكوني والمجتمع البشري من حوله، الكتاب كان مشروعا لطريقة تأليف أخرى ولاستعراض طرق تفكير المسلم حسب مكانه الجغرافي مع إيراد نماذج تطبيقية مختلفة لأن مشكلتنا هي النظر إلى عمومية الإسلام عبر تطبيقه في مجتمعات محددة ، وقد يكون توجه هذا الكتاب مشروعا قائما إذا أردنا تنفيذه عمليا لكنه يحتاج إلى فرق عمل ودعم كبير، كان لدي مشروع لغوي مشابه، في ظل غياب دور المجمعات في الإسهام بمشروع متسع في اللغة، فألفت كتابا في 500 صفحة وعندما أهديته إلى المفكر الغربي باول كونتش قال إنه أول مشروع بعد سيبويه ينطلق من النصوص".
ليعود العجمي مجددا لتوجه كتابه قائلا: "أنا أناقش الفكر وليس الدين، واستخدمه كمعيار وليس كهدف، كما أن طرحي يدور في سياق مجتمعي في الدرجة الأولى، أحيانا نجد اهتماما مطلقا يتركز في تفاصيل جزئية لا تؤثر في حياة الإنسان، برغم أنه لا أحد يستطيع أن يطبق كل شيء، فإذا كان التطبيق مفضلا على روح الدين فهذا يتجه إلى خدمة النظرية وليس إلى خدمة الإنسان".
العجمي اتفق مع طرح الدكتور عبد العزيز المانع حول استحالة تحقيق المدينة الفاضلة ورد على مداخلته حول التطبيق والتقنين، بقوله "يمكن تحقيق التقنين أما التطبيق فهو غير ممكن، بعض الأنظمة في العالم تلجأ فقط للحدود الجزائية فقط حين تطبق الشريعة رغم أن الشريعة أوسع في روحها ومعناها من مجرد ذلك وهذا يؤثر في فهم الغربيين للشريعة، السعادة مفهوم فلسفي والإنسان ليس فقط في شقاء، بل إن بعض نماذجه تمثل التوحش، مشيرا إلى عبارة أحد الأساتذة الإنجليز، الذي سألهم عن كلمة dangerous ، وطلب ذكر أخطر الكائنات وكان البعض يجيب ببعض الحيوانات كالثعبان، لكنه أجاب بقوله "البشر هم الأخطر، انظر إليهم كيف يقتلون بعضهم، حتى الحية لا تقتل بعضها بعضا!!
في تداخل جديد تحدث مدير الأمسية الكاتب محمد السحيمي عن مفهوم العدالة في الإسلام، مشيرا إلى احتكام اليهود إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحينها أمره الله أن يحكم بينهم بالعدل، وأضاف السحيمي "فكل ما يحقق العدالة الإنسانية يتماشى مع الشريعة، كما أن منطلق علاقة الدين بخدمة الإنسان هو محور مفصلي في الكتاب".
بدوره, تحدث محمد التجاني عمر من رابطة الإعلاميين السودانيين معتبرا أن العلاقة تبادلية في هذا الجانب وقال "الإنسان يضحي بأغلى ما يمكن لنشر الدين كما أن الدين جاء لتنظيم حياة الإنسان، أينما وجدت مصلحة ثم شرع الله، لا يوجد دين يمنع سعادة الإنسان، والرسول الكريم جاء هاديا ومبشراً بكل ما هو حسن لبني البشر فهو الرحمة المهداة للعالمين أجمع. وأضاف عمر "الإسلام سبق إعلان حقوق الإنسان الدولي بآلاف السنين وهذا بشهادة الغربيين أنفسهم وهي حقوق ثابتة للمسلم ولغير المسلم وتشمل عدة جوانب، حتى على مستوى قبول الدين من عدمه، الفكر الإسلامي ليس هو الدين نفسه ولكنه هو نتيجة إعمال الفكر في نصوص الدين، ويقول في نقطة أخرى "بالإشارة إلى الاقتصاد الذي نحن في مظلته عبر نادي "الاقتصادية"، لا يوجد لدينا في السودان تعاملات ربوية وهذا مرتبط بتحقيق قيمة إسلامية"، محمد التجاني يرى أن الفكر الإسلامي موزع في كثير من بطون الكتب وليس هناك ما يمنع أن توضع قوانين الشريعة في شكل مواد قانونية، بالنظر إلى تحقيق العدالة كدور رئيس منوط بالأمة الإسلامية. في حين قدم فاروق مصطفى إضاءة لتجربة تطبيق الشريعة في السودان اعتبر فيها أن من عارض هذه الفكرة لم يكن يقصدها من حيث هي بقدر ما كان يقصد تهيئة المجتمع السوداني لها، وأشار إلى أن المجتمع في السودان لم يكن جاهزا لتطبيق الأحكام نظرا لعدم وجود البيئة الملائمة سواء على مستوى الواقع المعيشي والاقتصادي أو في توافر مكونات الحياة الإسلامية وهو ما جعل تطبيق الشريعة في تلك الفترة محرجا للمطبقين أنفسهم، لافتا إلى تمتع الرسول الكريم بقيم إنسانية في شخصيته وسلوكياته قبل أن يصير نبيا وهي التي وفرت مكونا رئيسا لتحمله رسالة الإسلام فيما بعد، من جانبه يتساءل عبد الله وافية عن علاقة الكتاب بنقد بعض تطبيقات الشريعة في حين يقول ناصر العديلي "الإسلام جاء ليخدم الإنسان في الدنيا ويهيئه للآخرة وهذا الكتاب لبنة فكرية في هذا الطرح، لماذا لا يكون مشروعا يشتغل عليه الطلبة لأنه سيضيف الكثير"، بينما يتساءل الروائي مطلق البلوي عن كيفية تحديد مفاهيم مثل روح الدين، ويعد الأديب إبراهيم الخريف في مداخلته.. أن الأزمة التي يمثلها كثير من اختلافات الحوار هي أزمة مفاهيم ومصطلحات في حقيقتها.
الدكتور فالح العجمي رأى في تعليقه على أسئلة الحضور أن تدريس المشروع يحتاج إلى أسس عملية مشيرا إلى صعوبة أقرب للاستحالة في هذا الجانب، ويوضح أن الحديث عن تحديد روح الدين يشبه الحديث عن روح القانون وهو يتضح مثلا في بعض الأحكام القضائية التي لا يوجد فيها نص محدد فيتم الحكم فيها عبر معايير عقلية مرتبطة بظروف مختلفة للقضية، وقائمة على التصور الواضح لما يريده المشرع.
ليختم الكاتب محمد السحيمي الذي وفق في إدارة الندوة بأسلوبه المميز وإضافاته المعرفية، مؤكدا إشادته بـ "نادي" الاقتصادية في كل محفل ومعبرا عن سعادة الجميع بما وصفه الاحتفاء بالفكر والثقافة من جريدة متخصصة في الاقتصاد.

الأكثر قراءة