النفط بدأ يتأرجح بين المخزون الأمريكي ومؤشرات الاقتصاد العالمي
أجواء التفاؤل التي بدأت في شيء من التفتح أن مرحلة الكساد الاقتصادي وصلت إلى نهايتها لا تزال في انتظار صدور بعض الأرقام الرسمية للتأكيد عليها وأنها وصلت إلى أرض الواقع. وستظل هذه الأجواء مؤثرة في تحركات سعر البرميل خلال الأسبوع الحالي والأسابيع المقبلة خاصة وهناك اجتماع في الأفق لمنظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) وهل ستواصل سياسة الحفاظ على معدلات الإنتاج الحالية دعما للانتعاش الاقتصادي عالميا أم تقوم بخفض جديد بهدف دفع سعر البرميل إلى أعلى.
فمن ناحية لا تزال نسبة العطالة الأمريكية مرتفعة إلى جانب ضعف الطلب من قبل المستهلكين وتراجع أرباح الشركات. وهذه العوامل أسهمت مجتمعة في زيادة الشعور أن تحسن الوضع الاقتصادي ليس قريبا، ولهذا يتأرجح سعر البرميل حول الخمسين دولارا، لكنه في الوقت ذاته يظل مدفوعا من الجانب الآخر بحدوث تراجع طفيف في طلبات الإعانة من قبل العاطلين عن العمل وتحسن طلبيات المصانع. وهناك أيضا الوضع الاقتصادي في الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، إذ تشير الأرقام الخاصة بأداء الربع الأول من العام أن النمو الاقتصادي بلغ 6.1 في المائة، وهي نسبة قليلة بالمعدل الصيني، لكن هناك بعض المؤشرات الجيدة في الشهر الماضي تعطي الانطباع أن الأسوأ قد تم تجاوزه وبالتالي تتأسس الأرضية لنمو أفضل في الربع الثاني.
وهذا ما يضع أساسا أن حالة الكساد العالمية بلغت القاع والانتعاش قد يكون في الأفق مع أن مؤشرات التحسن تظهر وكأنها مبدئية، ويبقى السؤال متى، وهذا ما يحتاج إلى تكرار بعض الأخبار الطيبة لإحداث تغيير ملموس في المناخ العام.
المخزونات الأمريكية شكلت من جانبها عامل ضغط آخر. فالمخزون من الغاز الطبيعي تجاوز متوسط خمس سنوات بأكثر من 23 في المائة. أما المخزون من النفط الخام فقد زاد 5.6 مليون برميل إلى 366.7 مليون، والزيادة أكثر من ضعفي ما كان يتوقعه المحللون، ليصل حجم المخزون إلى أعلى معدل له منذ أيلول (سبتمبر) 1990، ولو أن الواردات ظلت أعلى بنحو نصف مليون برميل يوميا مما كانت عليه قبل عام، وهو ما يجعل حجم الفائض في المخزون في أعلى معدل له منذ 19 عاما. لكن في المقابل تراجع مخزون البنزين بنحو 900 ألف برميل إلى 216.5 مليونا، لكنه يظل أعلى مما كان عليه المخزون قبل عام. وكذلك المقطرات التي تراجعت بمعدل 1.2 مليون برميل إلى 139.6 مليون.
المهم فيما يتعلق بالمخزونات تزايد الشعور أنها استثمار مستقبلي، وأنه مع حدوث أي انتعاش اقتصادي سيرتفع الطلب على النفط، وقد لا تكون هناك إمدادات كافية بسبب تراجع العائدات المالية بالنسبة للدول المنتجة، الأمر الذي أدى إلى تقليص لحجم الإنفاق والاستثمارات في مشاريع التوسعة وتلك المتعلقة بزيادة الطاقة الإنتاجية.
وعن التحرك المتوقع لأوبك فالقناعة السائدة أن المنظمة ستظل تراقب السوق بدقة وتتخذ قرارها في آخر وقت ممكن، وهو سيكون محكوما إلى حد كبير بعاملين: هل سيظل سعر البرميل يراوح في حدود 50 دولارا، الأمر الذي يمكن أن يشكل عامل ضغط في اتجاه خفض جديد للإنتاج, خاصة إذا اتضحت مؤشرات تحسن اقتصادي. أما العامل الثاني فيتعلق بمستوى المخزونات وإذا ظلت عالية أم لا. ولهذا ستتم مراقبة تأثير سحب نحو 560 ألف برميل يوميا من إمدادات الدول الأعضاء عدا أنجولا والأكوادور خلال فترة الأسابيع الأربعة التي تنتهي في الثاني من الشهر المقبل، كما تسير تقديرات البيوت الاستشارية التي تراقب تحركات الناقلات، إذ يمكن أن تسهم نتيجة هذا الخفض في بلورة القرار الخاص بوضع الإمدادات عند اجتماع المنظمة.