المسنون .. المنسيون .. ورد الجميل لهم

في عالمنا العربي .. وبلادنا ليست استثناء إهمال ونسيان لفئة عزيزة علينا جميعاً .. ألا وهم كبار السن الذين أعطوا من شبابهم وقوتهم وفكرهم لأسرهم ولمجتمعهم ولبلادهم الكثير .. ثم لما وهن العظم واشتعلت رؤوسهم شيباً نسيناهم .. ولم نوفر لهم حياة كريمة ترد لهم بعض الجميل .. فلا رواتب تقاعدية مجزية ولا رعاية طبية جيدة ولا أماكن للترفيه وممارسة رياضتهم ولا اهتمام إعلامي بهم .. وبعد أن كانوا في وسط دائرة الضوء أصبحوا في زاوية مظلمة لا يذكر ما قدموا على مدى عقود من الزمن.
هذا على المستوى العام .. وعلى المستوى الأسري .. يقول أحدهم "منذ أن تقاعدت ثم توفيت زوجتي أصبحت طريح الفراش .. والجيد من أبنائي يلقي علي السلام وتحية الصباح وهو يهرول إلى عملهه .. ثم لا يعود إلا متأخراً وقد ذهبت إلى فراشي متقلباً طوال الليل أفكر في حالي .. مغالباً ما أشعر به من أبنائي ومن المجتمع الذي لا يرحم".
وفي الأسبوع الماضي عقدت في الرياض الندوة الخليجية لرعاية المسنين, التي عرضت خلالها نتائج الدراسة الوطنية لرعاية المسنين في المملكة بهدف التعرف على الأمراض الشائعة بين كبار السن السعوديين ومدى تلبية النظام الصحي الحالي لاحتياجاتهم في الحاضر والمستقبل, وقد غطت الدراسة الفترة من بداية عام 2006م إلى شهر فبراير من عام 2007م واختيرت عينة من المسنين تمت زيارتهم في منازلهم لمعرفة حالتهم الصحية والجسمانية والذهنية والاجتماعية.
وقد أظهرت الدراسة التي أجريت على رجال ونساء أن المصابين بمرض السكري يشكلون 34 في المائة وبمرض ضغط الدم 30 في المائة وأمراض العيون 23 في المائة, ويتناول 84 في المائة من المسنين الأدوية بينما يدعي 68 في المائة أن صحتهم جيدة .. ويزاول 28 في المائة فقط أنشطة ترفيهية وتنتهي الدراسة بخلاصة تقول "إن مجتمع المسنين في المملكة يعاني مشاكل صحية متعددة منها الجسمانية والنفسية مما يجعل وجود برامج رعاية لهم ضرورة ملحة ..". وعودة إلى الندوة الخليجية لرعاية المسنين, التي عُقدت في الرياض أخيرا والتي صدر عنها "ميثاق الرياض حول رعاية المسنين" أقول أن أهم ما جاء في ذلك الميثاق هو التأكيد على وزارات الصحة في دول الخليج حول تحسين أنظمة الرعاية الصحية الأولية لتلبية احتياجات المسنين وبناء القدرات الوطنية في مجال طب الشيخوخة وزيادة الدراسات البحثية التي تساعد على وضع الخطط الوطنية لرعاية المسنين. ووجّه الميثاق إلى وزارات الشؤون الاجتماعية طلباً ملحاً وعاجلا بأن تقدم للمسنين الامتيازات والتسهيلات في الأماكن العامة وتخصيص مقاعد لهم في وسائل المواصلات العامة والحدائق والنوادي الثقافية والاجتماعية .. وتمكين هذه الفئة من المشاركة الفاعلة في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية داخل المجتمعي المحلي والدولي والتأكيد على النظرة الإيجابية للمسنين بأنهم خبرات متراكمة يمكن الاستفادة القصوى منهم في مجالات مختلفة .. واعتبارهم بيوت خبرة في مجال التخطيط.
وأخيرا: نسبة المسنين في بلادنا تزداد كما تظهر الدراسات, وتوزيع شؤون رعايتهم في عدة جهات يجعل النتائج غير مرضية كما هو مشاهد الآن, ولذا فإن دراسة إيجاد هيئة أو لجنة وطنية لرعاية المسنين تبدو أمراً مطلوباً وذلك للتنسيق بين تلك الجهات وضمان تقديم خدمات متكاملة تشعرهم بأن الدولة ترعاهم وتحس بهم مثل الشباب تماماً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي