أسرار وزارة العمل
استعرض معالي نائب وزير العمل الدكتور عبد الواحد الحميد في مقاله المنشور يوم أمس في جريدة "الاقتصادية" أمورا متعددة هي في تصوري أسرار لوزارة العمل لم يسبق طرحها بهذا المستوى من الشفافية فالتفاصيل التي تضمنها المقال كان فيها تحليل لواقع سوق العمل وطبيعة العلاقة بين الوزارة والقطاع الخاص، إضافة إلى ما تضمنه المقال من طرح لإحصائيات متنوعة بشأن سوق العمل ومن حقائق كان فيها جرأة في الطرح مثل ما ذكره حول أن وزارة العمل تعمل في أجواء متناقضة ومحبطة ومطلوب منها فك رموز الألغاز.
وبغض النظر عن المقدمات التي تفضل بطرحها معالي نائب الوزير والإحصائيات الواردة بشأن معدلات البطالة وتأشيرات الاستقدام، إلا أن ما ذكره من حلول كانت هي جوهر المقال، حيث أشار إلى أن (ترشيد الاستقدام) وليس (إيقافه)، إضافة إلى إصلاح التعليم والتدريب لكي تكون مخرجات المؤسسات التعليمية والتدريبية ملائمة لسوق العمل، كما أشار إلى أهمية دور الأسرة والمدرسة وغيرهما من الجهات الأخرى، كما أوصى الشباب بأهمية الالتزام بالجدية والانضباط، فالقطاع الخاص قطاع ربحي ولا يمكنه أن يبقي لديه موظفاً تقل إنتاجيته عن أجره، كما أوضح أن الموظف يجب عليه أن يخطو خطوات السلم الوظيفي خطوة خطوة وبمرور الوقت تتحسن درجته، كما أكد أن الموظف الجيد في القطاع الخاص عملة نادرة يحافظ عليها القطاع الخاص الذي هو ملزم بالسعودة، ولذلك فهو سيسعى جاهداً إلى أن يحافظ على موظفيه الجيدين.
إن وزارة العمل أكدت في أكثر من مرة أنها لا ترغب في أن تكون وزارة استقدام وفي المقابل إن رجال الأعمال يحرصون على توظيف السعوديين فهم يحرصون على التوازن بين حجم الربحية وتوفير فرص العمل لأبناء الوطن، وممانعتهم في بعض الأحيان لهذا الأمر تكون لأسباب يراها القطاع الخاص منطقية في وجهة نظره وفي مقدمتها عدم التزام وانضباط الشاب السعودي من ناحية، وعدم توافر المهارة من ناحية أخرى، إضافة إلى ارتفاع تكلفة الموظف السعودي.
إن من القطاعات المهمة التي يجب أن يتنبه لها سواء القطاع الخاص أو الشباب الباحث عن عمل هو التركيز على المجالات الحرفية والمهنية فهي الأساس الذي يمكن أن يسهم في حل هذه المشكلة، فالأماكن الإدارية محدودة إلا أن الأماكن الحرفية والمهنية مفتوحة على مصراعيها بل إن فيها أكثر من سبعة ملايين أجنبي في البلاد معظمهم يعمل في هذا المجال.
من جانب آخر، فإن على الشباب أن يعرفوا حقيقة مهمة وهي أن المستقبل في العمل في القطاع الخاص وليس القطاع الحكومي، فالوظائف في القطاع الحكومي تتناقص عاما بعد عام وفي المقابل فإن القطاع الخاص يتوسع عاما بعد عام، وعندما يأتي هذا التوضيح من وزارة العمل تكون مصداقيته أكبر، وفي المقابل فإن الدخل الموجود في القطاع الخاص أفضل بكثير من الموجود في القطاع الحكومي.
فعلاً فإنه كما يقال (اتسع الخرق على الراقع) وفجأة وجدت وزارة العمل نفسها أمام خلل كبير يحمل أسماء متعددة منها البطالة ودعم القطاع الخاص وتثقيف المجتمع، بل حتى ربات البيوت لم تسلم الوزارة من مطالبتهن بتسهيل إجراءات الحصول على سائق أو خادمة.
خلاصة الأمر أن الوزارة وحدها لن تستطيع التغلب على مشكلات العمل فهناك عديد من الجهات التي يجب أن تشارك في الحلول بل أيضاً تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع فالقضية كبيرة والحلول الموجودة حالياً لم تنجح حتى الآن في التغلب على المشكلة لأنها حلول قاصرة يعتمد تنفيذها على جهة واحدة لا تملك القدرة الكاملة على التطبيق.
أشكر معالي الدكتور عبد الواحد على مقاله وشفافيته في هذا الطرح مؤكداً ما ختم به مقاله أن القضية ليست مشكلة وزارة فقط بل هي مشكلة تتعلق بالاقتصاد الوطني ويجب أن نتعامل معها بكل جدية واهتمام.